شكلت الحرب على ​الارهاب​ مسرحا لتلاقي اللبنانيين بمختلف توجهاتهم السياسية والاجتماعية، وأصبح ​الجيش اللبناني​ عنوانا عريضا لتضامن ​الشعب اللبناني​ قولا عبر مواقع التواصل وفعلا عبر الصلوات واضاءة الشموع وتحضير وجبات الطعام.

يعيش لبنان فترة نادرة من الوحدة الوطنية، فالجيش اللبناني يخوض معركة تحرير الجرود من ارهابيي داعش الذين شغلوا العالم أجمع في السنوات الأخيرة، وتظهّرت هذه الوحدة عبر مواقف اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، فبدأتها يارا جمعة باقتباس من اغنية الراحل ملحم بركات: "يا منموت كلنا وبينتهي الوطن، يا منكون رجال أبطال أحرار وبيبقى الوطن"، واضافت مي فواز: "المجد والرحمة لكل شخص وقف وعم يوقف بوجه الارهاب".

لا شك أن المعركة التي يخوضها الجيش اللبناني بوجه داعش في ​جرود القاع​ و​رأس بعلبك​ تلاقت في نفس التوقيت مع معركة ​حزب الله​ ضد التنظيم نفسه في الجهة المقابلة للحدود، الأمر الذي دفع باللبنانيين للتأكيد على وحدة "الدم" بالحرب على ​الإرهاب​، فكتبت زينب بسمة: "واختلط الدم اللبناني للتأكيد على وحدة المسار والمصير وإن كره الكارهون"، واشار هادي درويش في كتاباته: "أنا أكيد إنو شعور الخوف حالياً عند ​إسرائيل​ عم يرتفع ويزيد من بعد ما اتأكدت معادلة جيش شعب مقاومة واترسخ مبدأ جيش ومقاومة بالمرصاد"، وقال سامر عنتر: "اليوم في الجرود وغداً على الحدود، عدو واحد على جبهتين".

ارتفعت بعض الأصوات الرافضة لعمل حزب الله العسكري ومشددة على أهمية دور الجيش اللبناني، فدعا رئيس حزب ​القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​ لترسيخ معادلة ثلاثية جديدة قوامها "الجيش والشعب والدولة"، وقال عبد الرحمن: "أثبت الجيش اللبناني في معركة "​فجر الجرود​" أنه ليس بحاجة لجيش النظام السوري أو المليشيات المسلحة، بل بحاجة فقط إلى دعم سياسي من قبل الدولة". بالمقابل توجه الوزير السابق زياد بارود الى مستغلّي دور الجيش اللبناني بالقول: "أعيرونا صمتكم لان ثمة من يقاتل لنبقى احرارا وصوت المعركة يعلو نصرا واصواتنا تعلو دعما وقلبنا يخفق اعتزازا".

"لا معركة من دون تضحيات"، وهذا ما يعلمه عناصر الجيش اللبناني جيدا، فبالأمس ارتقى ثلاثة شهداء في تفجير لغم أرضي بآلية عسكرية، الأمر الذي أشعل المشاعر على مواقع التواصل، فقال شاهين: "صعبة كتير يكون في تضحية لأجل الوطن وما تكون عكار أول المضحين... منطقة بتعطي كتير للوطن وما بتاخد شي بالمقابل"، وتوجه عضو ​تكتل التغيير والاصلاح​ ​سيمون ابي رميا​ للشهداء بالقول: "دماؤكم روت حياة لبنان. نركع اجلالاً أمامكم. شهادتكم أمانة في أعناقنا لتتناقلها الأجيال. تدافعون عن لبنان وعن العالم بقيمه الحضارية". واضاف عضو كتلة التحرير والتنمية هاني قبيسي: "لبنان سينتصر على الإرهاب بدماء شهداء أوفياء لتراب الوطن قدموا الأرواح إرتفاعا إلى سماء العز والكرامة تضئ دروب الحرية لمن أراد السير فيها".

أما الأمر الأبرز كان زيارة رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ لجرحى الجيش اللبناني في ​المستشفيات​، فانتشر مقطع مصور للزيارة فاضت فيه مشاعر "الأبوة" ولغة العيون، فكان عطف الأب على أولاده. وتوجه الرئيس عون على صفحته على مواقع التواصل الى الجرحى بالقول: "لم تفاجئني معنوياتكم حين تمنّيتم أن تشفوا سريعاً لتعودوا إلى الجبهة، فهذا هو جيشنا، وهؤلاء هم أبطالنا"، فرأت الزميلة كريستين حبيب أن ما قام به الرئيس عون "هو واجبٌ حتمًا، لكن زيارة رئيس الجمهورية لجرحى الجيش مؤثّرة جدًا، وفي عينَيه وصوتِه حنينٌ واضح لأيامه في ​المؤسسة العسكرية​". وقالت الزميلة نانسي صعب بموقف مرفق بصور الزيارة: "بس قول إنك بطلي بعرف ليه عم قول هيك، الله يكون مع كل جريح ويصبر قلب أهل كل شهيد، ونحنا معكن منتصرين".

لن يحدّد الجيش اللبناني أي جدول زمني لانتهاء معركته ضد الارهاب، فالمطلوب إنهاء وجود ​تنظيم داعش​ والحفاظ على أرواح العسكريين، وفي خلال هذه المعركة لا بد للشعب اللبناني أن يُظهر تماسكا ووحدة، وهذا أقل واجب تجاه أبطال الجيش اللبناني.