شهر أيلول هو الشهر الأصعب في السنة على المواطنين وعلى العائلات، وقلة قليلة جداً هي الفئات التي لا تتأثر بمفاعيله.

وأيلول صعب حتى من دون سلسلة وزيادات وضرائب، فكيف إذا جاء مثقلاً بهذه الأعباء؟

شهر أيلول سيقسِّم اللبنانيين:

مَن هم في ​القطاع العام​، ومَن هم في ​القطاع الخاص​.

موظفو القطاع العام​ والمؤسسات المستقلّة والعسكرية والأمنية المستفيدون من السلسلة الجديدة، سيقبضون رواتبهم عن شهر أيلول المقبل وفق الجداول التي أُقِرّت في القانون الجديد.

لكن هذا الأمر لا ينطبق على موظفي القطاع الخاص، الذين ستقع عليهم الأعباء من دون أن ينعموا بالزيادات. ولن ينعموا بها لأنَّ المؤسسات الخاصة تئنُّ من الركود ولا تستطيع الإستقراض لدفع السلسلة، فيما رب عمل القطاع العام، أي الدولة، فإنها تستطيع الإستقراض لتعود وتستوفي القروض من جيوب المواطنين.

هكذا يكون الوضع:

نستقرض لندفع، ثم نأخذ ما ندفعه، على أنَّه ضرائب، لنردَّ ما استقرضناه!

***

هذا الكلام أصبح وراءنا، السلسلة باتت قانوناً ساري المفعول، ولم يتم الإنتظار حتى الخميس المقبل لإصدارها في ​الجريدة الرسمية​، بل صدر ملحق بالجريدة أول من أمس الإثنين لتصبح نافذة. التحدي الأكبر اليوم يتمثّل في التعديلات الواجب إدخالها على هذا القانون لسدِّ الفجوات والثغرات الموجودة فيه، كما يفترض أن تبدأ ورشة جدية لتفعيل الإقتصاد. فهل تواكب جلسات ​مجلس النواب​ ما تطالب به الحكومة؟

ماذا عن القانون المعجَّل المكرَّر الذي يتضمن سلسلة تعديلات على قانوني السلسلة و​الضرائب​؟

ماذا سيتضمن؟

هل سيشمل تعديلات تتعلق بزيادة ​الأقساط المدرسية​ أو عدم الزيادة؟

ليس في الأفق ما يشير إلى هذه التعديلات، فالمطروح حتى الآن هو التشدد بضرورة مراقبة ​وزارة التربية​ للأقساط المدرسية من خلال مصلحة التعليم الخاص. لكنَّ الجميع يعلم أنَّ هذا المخرج ليس هو العلاج، فمن الظلم إلقاء كرة النار على وزارة التربية لأنَّ المسؤولية تقع على المشرِّع الذي تسبب بالزيادة، وعلى الحكومة مجتمعةً التي لم تعالج الوضع، فما عجز عنه مجلس النواب و​مجلس الوزراء​ معاً، كيف يمكن تحميله إلى وزارة التربية منفردة؟

***

ثم هناك أمرٌ آخر لا أحد يتكلم فيه، على رغم خطورته على خزينة الدولة:

موظفو الدولة يقتطعون 60% من نفقات الدولة السنوية، خصوصاً أنَّ كلَّ كباشٍ سياسيّ بين الزعماء يتمُّ فضُّه بتوظيفات عشوائية، من هنا يطرح السؤال:

إلى متى ستبقى الإدارة اللبنانية هي الوعاء الذي يجب أن يستوعب الإرضاءات السياسية للزعماء؟

البلد يتجه إلى ضائقة مالية ربما لم يشهدها من قبل:

كيف يتم فرض زيادات من دون تأمين مواردها؟

كيف ستواجه الدولة زيادات في الأقساط المدرسية تتراوح بين 30 و ٥٠%؟

وكيف ستضبط ارتفاع أسعار السلع الغذائية التي لا غنى عنها والتي ستتراوح الزيادات فيها بين 10 و 15%؟

***

الأسئلة تتراكم، ننتظر تنفيذ الحلول.