يقدم مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية الإمام ​موسى الصدر​ ورفيقيه القاضي ​حسن الشامي​ في حديث الى "​النشرة​" شرحا شاملا لتطورات قضية الامام الصدر ورفيقيه ​الشيخ محمد يعقوب​ والصحافي ​عباس بدر الدين​، منذ الاختطاف في 31 آب عام 1978 وحتى يومنا هذا وذلك على مشارف الذكرى الـ39 للاختطاف، بحضور عضوين من الفريق القانوني المساعد في لجنة المتابعة المحامي ​شادي حسين​ والمحامي جوزيف غزالة.

الاختطاف

ويشير الشامي الى انه منذ لحظة اختطاف الامام الصدر كان هناك متابعات رسمية من قبل رئيس الجمهورية انذاك الياس سركيس ومن قبل رئيس الحكومة الأسبق ​سليم الحص​ مع الجانب الليبي، وقد تم ارسال وفد رسمي وامني الى ​طرابلس الغرب​ لمتابعة القضية، موضحا ان النظام الليبي اعلن بعد 17 يوما في 17 ايلول، ان الامام سافر الى ​ايطاليا​ ليل 31 آب 1987 على رحلة للطيران الايطالي، واقفل اي مجال للنقاش حول القضية والملف.

ويوضح انه في 21/8/2008 حصل تطور قضائي في الملف اثر صدور القرار الاتهامي عن القاضي ​سميح الحاج​ بحق 18 شخصية من اركان النظام الليبي، وعلى رأسهم ​معمر القذافي​ وعدد من مساعديه والمسؤولين الامنيين والعسكريين، كما تمت احالة 6 منهم الى ​المجلس العدلي​، ويلفت الى ان القاضي ​غالب غانم​ حدد عام 2011 اول جلسة للمجلس بالقضية وبعدها بدأت الثورة الليبية، وحينها تم تشكيل لجنة المتابعة الرسمية في عهد حكومة ​نجيب ميقاتي​ وهي تتألف من قضاة وامنيين، وقد وضعت قواعد ومبادئ عملها على اساس انها لجنة عمل وطنية ورسمية.

الصدر بخير؟!

وردا على سؤال، يؤكد الشامي بلغة جازمة انه لم يثبت بأي من الدلائل والقرائن أن سوءاً حصل للإمام الصدر، موضحاً ان هناك روايات ان الامام بخير، وانتقل بين عدة سجون آخرها كان عام 2011، بالمقابل هناك روايات تتحدث عن مصير متشائم له، الا انه لا تأكيد لأي من تلك الروايات بالدليل، مشددا على ان قضية الامام الصدر وطنية وعربية ودولية، واعضاء اللجنة يعملون من دون أجر، كما يسافرون الى مناطق خطرة وليست آمنة على حياتهم، لافتا الى ان الحكومة ال​لبنان​ية مطالبة بدعم عمل اللجنة لتحرير الامام الصدر ورفيقيه.

وحول الروايات التي تحدثت عن أن مكروهاً أصاب الصدر، يشدد الشامي على وجود معلومات متناقضة تم تناولها في الاعلام منذ الثورة في ​ليبيا​ حول مصير الإمام، الا انه بعد متابعتها والافادات التي ادلت بها شخصيات ليبية رسمية وغير رسمية وجهات اعلامية تبين انها كلها تجافي الحقيقة، وبعض من عمل على نشر هذه المعلومات كان هدفه اما الشهرة او الحصول على اموال، وقد تم تقديم عدة ادعاءات ضد اعلاميين ومطلقي اشاعات في ملف الامام الصدر في لبنان لتوضيح الصورة ودحض الاكاذيب حول القضية، موضحا ان اللجنة تتابع كل الروايات حتى الكاذبة منها كي تبطلها امام الرأي العام.

الدخول الى ليبيا

وفيما يخص تطورات القضية بعد الثورة الليبية، يشير مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية الامام الصدر الى انه في 20/10/2011 قتل القذافي، وبعد يومين فقط اي في 22/10/2011 دخلت اللجنة الى ليبيا بطريقة قانونية وشرعية عبر تونس رغم خطورة الاوضاع وقتذاك، وقد قابلنا عدة مسؤولين ليبيين وقيادات من الثوار، وقد ابدوا استعدادهم وبعدها حصلت عدة زيارات أيضًا قابلنا خلالها عدد من الشهود والمشتبه بهم في القضية، كما قابلنا عدد من الشخصيات السياسية والامنية في عهد القذافي في عدد من الدول بالتعاون مع اصدقاء وعدد من اجهزة المخابرات الصديقة. ويشير الشامي الى البطئ في العمل لدى الليبيين، خاصة مع الاوضاع الامنية والانسانية الصعبة التي تعاني منها البلاد، كما ان هناك بعض المغرضين فيها يحاولون عرقلة سير القضية، موضحا ان التواصل كان شبه يومي حتى تموز من العام 2012، حيث اعلنا يومها في بيان رسمي اننا غير راضين على التعاون الليبي في الملف، ونحن لم نعلن عن العشرات من الزيارات الى ليبيا وعدد من الدول في الاعلام لمقابلة شخصيات سياسية ورسمية وقضائية، لان مصلحة القضية الامنية تقتضي ذلك. ويؤكد الشامي ان اللجنة تعتبر نفسها مقصرة بعد 6 سنوات من انشائها رغم كل الجهود المبذولة، لان الهدف الاساس هو تحرير الامام الصدر ورفيقيه واللجنة لم تصل الى هدفها المنشود حتى الساعة، مشددا في الوقت عينه ان الوقت ليس معيارا للقضية.

ملف الجثة

وأشار الشامي الى انه خلال القمة العربية في ​بغداد​ في 29 آذار من العام 2012 سلم وزير الخارجية الليبي عاشور بن خيال برقية سريّة ومستعجلة الى وزير الخارجية اللبناني الأسبق ​عدنان منصور​ من رئيس المجلس الإنتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل، وقد تضمنت معلومات تشير الى انه "عثر على جثمان يعود لشخصية لبنانية طويلة القامة وتتكلم اللغة العربية الفصحى، كما ان هناك 4 من 5 حراس في السجن الذي كانت فيه يقولون انه كان يعرّف عن نفسه بأنه السيد موسى الصدر"، وقد دخل السجن عام 1992 وتوفي فيه عام 1997 نتيجة مرضه بداء ​السكري​، موضحا انه في 4 نيسان 2012 كان وفد اللجنة في ليبيا مع الفحص الجيني لعائلة الامام الصدر، وقد كان في عداد الوفد انذاك الدكتور ​فؤاد ايوب​ (الرئيس الحالي للجامعة اللبنانية)، وبعد الفحص تبين ان هناك فروقات في الطول والعمر، ورغم ان عددا من المعايير لم تكن مطابقة تم اختيار سراييفو لاجراء فحص الـ"DNA" بناء على اقتراح ليبي، وذلك بعد مماطلة وتسويف من الجانب الليبي وارسال رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ برقية عاجلة في تموز 2012 لحسم الملف، الا انه بعد الكشف والفحص تبين ان الجثة تعود للمعارض الليبي منصور الكيخيا. مشيرا الى ان هناك اكثر من 6 روايات ليبية رسمية عن مصير الامام الصدر غير صحيحة، ويلفت في السياق الى المعارض الليبي احمد الزبير السنوسي الذي سجن في السجون الليبية بالسر ولم يعرف عنه شيء لمدة 36 عاما وقد خرج من السجن وعمره اليوم 93 عاما. ويشير الى ان معمر القذافي اعلن امام الملأ في احتفال الفاتح من سبتمبر في مدينة سبها في 31 آب عام 2002 ان الامام الصدر بقي في ليبيا واختفى في ليبيا.

ويعلن الشامي في السياق عن مقابلة ​عبدالله السنوسي​، رئيس المخابرات الليبية السابق، في ​موريتانيا​ وفق شروطه وشروط الدولة الموريتانية، وقبلنا على الاستماع له في جلسة امتدت 6 ساعات، موضحا ان اللقاء تم من دون ورقة ولا قلم بناء على طلب موريتاني، ويكشف الشامي عن اجراء مقابلات مع اكثر من 40 من قيادات النظام الليبي في عهد القذافي، وذلك بعيدا عن الاعلام بإستثناء ​عبد السلام جلود​ الرجل الثاني في نظام معمّر القذّافي سابقاً الذي لم نستطع مقابلته رغم عدة محاولات لتأمين هذا اللقاء.

هنيبعل القذافي

وحول قضية هنيبعل معمر القذافي، أكد الشامي أن اللجنة لم تكن تعرف بالخطف، لكن المعلومات تقول أن هنيبعل خطف يوم الاحد في 6/12/2015 من الشام الى ​البقاع​ بالسر دون علم من أحد، وقد تم الاعلان عن تسليمه الى فرع المعلومات يوم الجمعة في 11/12/2015، حينها اصدرنا بيانا رسميا اننا لم نكن على علم بالحادثة، مشيرا الى ان وكيل السيد صدر الدين الصدر، المحامي شادي حسين تقدم بطلب الى القضاء للاستماع الى هنيبعل القذافي بصفته شاهدا بالقضية، ولاحقاً بطلب توقيف هنيبعل القذافي بجرم التدخل اللاحق في حجز حرية الامام ورفيقيه.

وبعد الادلاء بأقواله تبين انه يملك الكثير من المعلومات حول الملف، وبعد ساعتين من الاستماع له اكد انه لن يكمل في المعلومات الا بعد اخلاء سبيله، حينها ادعى عليه المحقق العدلي القاضي ​زاهر حمادة​ بجرم كتم المعلومات، ولاحقاً تم الادعاء عليه بجرم التدخل اللاحق بالخطف، كونه كان مسؤولا امنيا في نظام ابيه. وبعدها ادعى عليه ​القضاء اللبناني​ بجرم تحقير القضاء.

ويؤكد الشامي ان اللجنة لا تقبل ان تظلم هنيبعل بجريمة ابيه، الا انه يملك معلومات عن القضية نظرا لمنصبه الامني، داعيا للاقلاع عن السخافات التي تشير الى ان الادعاء عليه تم حين خطف الامام الصدر كون هنيبعل كان وقتها بعمر السنتين، مجددا التأكيد ان الادعاء عليه تم بجرم كتم معلومات والتدخل اللاحق بالخطف نظرا لمسؤولياته الامنية. ويشير الى تلقيه تهديدات مع اعضاء اللجنة من المتضررين من توقيف هنيبعل القذافي.

حسن يعقوب

وحول النائب السابق حسن يعقوب ابن الشيخ محمد يعقوب المختطف مع الامام الصدر، يشير الشامي الى ان يعقوب نفسه اعلن في آذار من العام 2012 انه لا يريد التعاون مع اللجنة. ويسأل الشامي لماذا الحرص على اعلان وفاة معمر القذافي في الملف في المجلس العدلي، موضحا انه حين يموت الشخص المدعى عليه في قضية جنائية في القضاء اللبناني، لا يتم محاسبة الورثة ويسقط الحق العام، وتتحول القضية الى القضاء المدني للتعويض المادي، موضحا ان عائلة الامام الصدر تطالب بليرة لبنانية واحدة فقط لانها تعتبر ان القضية اسمى من الموضوع المادي، فيما من يريد اعلان وفاة القذافي وتصحيح الخصومة اهدافه مالية بحتة، معتبرا ان طلب احلال الدولة الليبية مكان القذافي في الدعوى أمر غير قانوني، فيما يمكن بالمقابل رفع دعوى ضد الدولة الليبية عبر الطرق القانونية المختصة.

ويشير الشامي الى اللقاءات التي حصلت في القمة العربية الاخيرة برئاسة رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ووزير الخارجية ​جبران باسيل​، ووعد الجانب الليبي بالتعاون الا انه كالعادة كان التلكؤ سيد الموقف من الجانب الليبي في التعامل مع الموضوع، ويشدد في السياق على انه لا تطبيع بين لبنان وليبيا قبل التعاون في قضية الامام الصدر، وقد كان شرط نبيه بري في عام 1984 لدخول الحكومة قطع العلاقات مع ليبيا وهذا ما حصل، وفيما بعد فتحت ​السفارة اللبنانية​ في ليبيا، الا انه لا يوجد سفارة ليبية في لبنان، معتبرا ان السفارة اللبنانية في ليبيا هي مصلحة لبنانية لانها تعتبر سفارة القضية. وقد وجه الشامي نداء الى المبعوث الاممي الى ليبيا ​غسان سلامة​ ان تكون قضية الصدر من اولوياته. ونحن من جانبنا لم نترك اي فريق او جهة في ليبيا الا وتواصلنا معها من اجل القضية. وقال انه يجب ان يكون هناك خطة تفتيش واستقصاء في ليبيا لمتابعة القضية.

وحول اتهام اللجنة بالتبعية لجهة سياسية معينة، أي رئيس ​حركة أمل​ نبيه بري، قال الشامي أن اللجنة منبثقة عن ​الحكومة اللبنانية​ بمرسوم وهي جهاز حكومي، وأن هناك أمراً محيراً، فالبعض يتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالتقصيرويسأله ماذا فعل للقضية، ونفس هؤلاء ينتقدون تدخله في القضية. ونحن في لجنة المتابعة نشهد له لرعايته القضية بشكل كامل وشامل وبأدق التفاصيل، لا سيما الامنية منها والمعلومات للوصول الى تحرير الامام الصدر ورفيقيه، ويؤكد ان اي معلومة رسمية حول قضية الامام الصدر نعلنها في وقتها ولا نؤجلها الى وقت لاحق ولو للحظة.

نحن مقصرون

وفي الخلاصة يشدد الشامي على ان اللجنة مقصرة، طالما ان الامام الصدر ورفيقيه ليسوا بيننا، وهذا هو سقف عمل اللجنة، ويؤكد في السياق انه لا يوجد اي رواية متكاملة حول مكان وجوده ورفيقيه، مشددا على ان اللقاءات مع الجانب الليبي مستمرة، طالبا ممن يملك أي معلومة في القضية أن يقدمها للجنة المتابعة. كما أشار إلى ان هناك تقصيرا من قبل دول يفترض انها معنية بالامام وقضيته والعتب عليها بأنها لا تقدم الجهود المطلوبة للمساعدة في تحريرهم.

وردا على سؤال ومعلومات متداولة، يؤكد الشامي انه لم يثبت بأي شكل من الاشكال تورط اي جهة او نظام في خطف الامام الصدر عدا معمر القذافي ونظامه، مع الامكانية وجود تحريض لم يظهر بالدليل في المحاضر السرية للمخابرات الليبية او في اي مستند آخر، ومع تأكيده ان ​اسرائيل​ المستفيد الاول من الخطف الا انه ينفي صلتها بالموضوع، كما صلة كل من الذين وجهت اليهم الاتهامات وهم "رئيس السلطة الفلسطينية ​ياسر عرفات​، او جهاز "السافاك" الايراني التابع للشاه، او الموساد الاسرائيلي، او ابو نضال الفلسطيني "صبري خليل البنا"، ولا اي فلسطيني اخر، وكل الاتهامات التي سيقت ضد اي شخصية او تنظيم او دولة كان هدفها واحد هو تبرئة نظام معمر القذافي. وختم قائلا: "طالما الامام الصدر غير موجود بيننا، نحن مقصرون".

جوزيف غزالة

وفي السياق، وردا على سؤال يشير وكيل عائلة الامام المحامي جوزيف غزالة الى ان هناك تبنٍّ دولي للقضية في ​الامم المتحدة​ وفي مجلس حقوق الانسان، وذلك بجهد من قبل بعثة لبنان الدائمة في الامم المتحدة. واوضح ان هناك مساعٍ ودراسات معمقة حول التعاون الدولي في ملف الامام الصدر ورفيقيه وفي مصلحة القضية من ذلك، وقد كان هناك اكثر من لقاء خارج لبنان في هذا المجال، مؤكدا ان القضية مقدسة ويجب دراسة اي خطوة نقدم عليها بعمق.

شادي حسين

وحول التأخر في التحقيقات، يشير وكيل عائلة الامام المحامي شادي حسين الى ان المجلس العدلي وبعد ورود القرار الاتهامي اليه الذي اصدره المحقق العدلي المرحوم القاضي سميح الحاج جرت المحاكمات لديه وفقاً للاصول ووصلت المحاكمة الى خواتيمها وكان من المقرر صدور الحكم النهائي الا ان معمر القذافي قتل قبل موعد صدور الحكم، فقرر المجلس فتح المحاكمة وعين موعد جلسة جديدة، ومع سقوط النظام الذي تلا ذلك بايام حصلت زيارة للجنة المتابعه الرسمية الى ليبيا وتلاها زيارات اخرى تمكنت خلالها من جمع معطيات ومعلومات عن تورط عدد من اركان النظام بجريمة الخطف لم تكن بحوزتنا في السابق بسبب التعتيم الذي مارسه النظام آنذاك، اضافة الى المعلومات التي حصلت عليها اللجنة من خلال الزيارات والمقابلات التي حصلت في عدد من الدول، وعلى اثرها تقدمنا بإدعاء اضافي ضد عدد من اركان النظام الليبي بسبب تورطهم الثابت اضافة الى ما جمع من الادلة والقرائن، كما ان هناك اسماء سطر بحقها مذكرات تحري دائمة بالقرار الاتهامي الاول، وقد بينا هوية عدد منهم ويعمل المحقق العدلي في هذا الشأن لاستكمال تحقيقاته والتي لا تقتصر على هنيبعل القذافي فقط والذي هو جزء من الملف، انما العمل جار على القضية كافة ليصار بعدها الى اصدار القرار الاتهامي الاضافي لاحالته امام المجلس العدلي تبعاً للملف الاساسي، لهذا السبب فان الاتهامات بان المجلس العدلي او نحن كفريق ادعاء نؤخر اجراءات المحاكمة دون سبب هو اتهام باطل، لان السبب واضح كما ذكرت هو انتظار انتهاء المحقق العدلي من تحقيقاته النهائية وبالتالي انتظار ورود هذا القرار، ونؤكد بان هذا القرار سيغني الملف الموجود امام المجلس العدلي بمعطيات بغاية من الاهمية لما فيها من معطيات واسماء ورموز للنظام الليبي ثبت تورطها بالقضية.