منذ ما قبل نشر قانون ​سلسلة الرتب والرواتب​ والإجراءات الضريبيّة المرافقة لها، بدأ المواطنون ال​لبنان​يون يشعرون بإرتفاع الأسعار في الأسواق المحلية، في حين أن التوقعات تشير إلى أن الزيادة في الأسعار ستطال مختلف المجالات، لا سيما في ظل ضعف السلطات الرقابية المسؤولة عن متابعة هذا الملف.

الضرائب​ التي تطال المواطنين

في هذا السياق، تشمل الإجراءات الضريبية التي رافقت إقرار السلسلة، والتي ستطال المواطنين بصورة مباشرة أو غير مباشرة، رفع الضريبة على ​القيمة المضافة​ إلى 11%، في حين أن المادة الثانية تتحدث عن رسم الطابع المالي، والمادة الرابعة تنص على فرض رسم انتاج على الاسمنت (6000 ليرة لبنانية عن الطن الواحد)، بينما المادة الخامسة تشير الى رفع الرسوم على استهلاك ​المشروبات الروحية​ المستوردة (من 60 ليرة لبنانية الى 25 بالمئة من السعر النهائي للمنتج، من 200 ل.ل الى 35 بالمئة من السعر النهائي للمنتج، من 400 ل.ل الى 25 بالمئة من السعر النهائي للمنتج). في وقت تنص المادة السادسة على رفع الرسوم على استهلاك بعض أنواع ​التبغ​ والتنباك (250 ليرة على سعر علبة ​السجائر​ 250 على علبة تبغ المعسّل، 500 ليرة على السيجار الواحد)، وتشير المادة السابعة الى تعديل رسوم كتابة العدل بحيث ترتفع حسب المعاملات المطلوبة، وتفرض المادة الثامنة على المسافرين غير اللبنانيين بطريق البر رسم خروج قدره 5 ألاف ليرة لبنانية. أما المادة 9 فتنص على فرض رسوم على المسافرين بطريق الجو على الرحلات التي تتعدى مسافتها 1250 كلم. كوجهة نهائية لدى مغادرتهم الأراضي اللبنانية على الشكل التالي: 60 الف ليرة على كل مسافر من الدرجة السياحية (تجري نقاشات من أجل تصحيحها)، 110 الاف ليرة لبنانية على كل مسافر من درجة رجال الاعمال، 150 الف ليرة على كل مسافر من الدرجة الاولى، 400 الف ليرة على كل مسافر على متن طائرات خاصة.

إجراءات غير مدروسة

حول هذا الموضوع، يوضح الخبير الإقتصادي غازي وزني، في حديث لـ"النشرة"، أن من التداعيات الإيجابية لإقرار السلسلة ضخ قيمتها، التي هي حق للموظفين في ​القطاع العام​، في السوق المحلي، الأمر الذي يؤثّر إيجاباً على النمو الإقتصادي ولن يؤثر على التضخم النقدي كما يُقال، لكنه يلفت إلى أن الإجراءات الضرائبية سيكون لها تأثيرات سلبية على الإقتصاد، لا سيما أن 55% منها يطال الحياة اليومية للمواطنين، وسيؤدي إلى إرتفاع أسعار المواد الغذائية.

ويعتبر وزني أن مروحة الإجراءات الضريبيّة واسعة وغير مدروسة، وهي بالتأكيد لا تتلاءم مع الوضع الإقتصادي الحالي والوضع الإجتماعي للمواطنين العاديين، كما يشير إلى أن التداعيات ستطال ​المدارس الخاصة​، حيث أن ​وزارة التربية والتعليم العالي​ تتحدث عن زيادة في الأقساط بحدود 18%، بينما المدارس الخاصة تشير إلى أنها ستصل إلى 27%، ويلفت أيضاً إلى الرسوم التي ستفرض على السفر.

من جهة ثانية، يشير وزني إلى الإجراءات الضريبيّة التي تطال ​القطاع العقاري​، موضحاً إلى أنها ستؤدي إلى إرتفاع كلفة الشقق أكثر من 5%، الأمر الذي سيؤدي إلى إرتفاع أسعارها، وهو ما يطال الطبقة المتوسطة بشكل رئيسي، ويرى أن تداعيات هذه الإجراءات قد تدفع الموظفين في ​القطاع الخاص​ إلى التحرك، لا سيما أن التصحيح الأخير للأجور فيه كان في شهر تشرين الأول من العام 2011، ويشرح أن اليوم هناك نحو 32% من الموظفين في القطاع الخاص يعيشون تحت خط الفقر، في حين أن هناك نحو 20% لا يطبق عليهم الحد الأدنى للأجور، لا سيّما العاملين في ​القطاع الزراعي​، بينما العيش الكريم يتطلب أن يكون الحد الأدنى للدخل مليون ونصف مليون ليرة لبنانية، كما أن نحو 60% من الأسر اللبنانية لها معيل واحد.

من سيراقب؟

من جانبها، توضح نائب رئيس "​جمعية حماية المستهلك​" المهندسة ندى نعمة، في حديث لـ"النشرة"، أن الجمعية بدأت تتلقى شكاوى من المواطنين منذ اليوم الأول لبدء تنفيذ الإجراءات الضريبية، وتعتبر أن بعض الضرائب ظالمة بحق المواطنين، وكأن الدولة تبحث عن وسيلة لتحصيل الأموال منهم من دون تأمين أي تقديمات إجتماعية في المقابل.

وتتوقع نعمة أن يلمس المواطن بشكل جدي وأكبر الزيادة في الأسعار خلال مدة 3 أشهر، لافتة إلى أن الجميعة رصدت إرتفاعاً في الأسعار منذ ما قبل بدء تنفيذ الإجراءات الضريبية ما بين 1.3 و1.7 %، في حين أن الزيادة على أقساط المدارس تحصل في كل عام لكن هذه السنة بمعدلات أكبر.

اما بالنسبة إلى الإجراءات التي من المفترض أن تقوم بها الهيئات الرقابية المعنية، توضح نعمة أنه في لبنان ليس هناك سياسة واضحة لمراقبة الأسعار، أي بالنسبة إلى الأسس التي ستقوم عليها هذه العملية، مشيرة إلى أنه في بعض الدول الأوروبية تعمد الحكومات إلى تثبيت الأسعار لمدة معينة عند فرض ضرائب جديدة، وترى أن من التداعيات المحتملة تآكل القدرة الشرائية عند المواطنين.

العمالي العام يتحرك

إنطلاقاً من هذا الواقع، يوضح رئيس ​الإتحاد العمالي العام​ ​بشارة الأسمر​، في حديث لـ"النشرة"، أن الإتحاد تواصل مع ​وزارة العمل​ وتم الإتفاق على إعادة إحياء ​لجنة المؤشر​ ل​تصحيح الأجور​ في القطاع الخاص، مشيراً إلى أن الإتحاد هو في طور تسمية ممثليه في اللجنة وكذلك الأمر بالنسبة إلى أصحاب العمل والحكومة.

على هذا الصعيد، يرى الأسمر أن بعض "الخبثاء" يسعون إلى الإيقاع بين القطاعين العام والخاص، في حين أنه من العام 2012 أرتفعت الأسعار أكثر من مرة ولم يكن هناك من سلسلة لموظفي القطاع العام، ويؤكد بأن النسبة التي سيطالب بها العمالي العام على مستوى تصحيح الأجور ستنصف الموظفين في القطاع الخاص.

ورداً على سؤال حول إمكانية رفض أصحاب العمل هذا الأمر، يلفت الأسمر إلى أنه منذ العام 2012 تم الإتفاق على أن يكون هناك تصحيحاً سنوياً للأجور، لكنه يوضح أن هذا الأمر لم يحصل، ويضيف: "اليوم ليس أمامنا إلا الحوار لإنتاج عقد إجتماعي جديد".