كشف اليوم الأول على بدء الممثل القانوني للمتضررين لدى المحكمة الخاصة بلبنان في عرض قضيته أمام غرفة الدرجة الأولى، حجم الإرتباك الذي أحدثه القرار السياسي والأمني المتخذ من جهات نافذة، وقضى بوقف العمل على مسرح الجريمة بما تقتضيه قواعد العمل الجنائي، بإنتظار إحالة الملف الى جهات دولية لإعتبارات سياسية.

هذا المعطى بدا واضحا من خلال إفادة لما الغلاييني، نجلة الضحية عبد الحميد الغلاييي الذى قضى في الإنفجار الذي استهدف رئيس الحكومة السابق ​رفيق الحريري​، وعثر عليه بعد سبعة عشر يوما من الإنفجار الإجرامي.

الغلاييني أشارت الى أن الجهات المعنيّة القضائية والأمنيّة كانت تؤكد لها أن العمل متواصل، لكن الوقائع تشير الى وجود أوامر قضت بتجميد أي عملية بحث قد تؤدي الى تغيير معالم ومسرح الجريمة، ومن ضمنها رفع الأنقاض، بقرار من النائب العام آنذاك ربيعة عماش قدورة، ما يعني أن الإهمال تسبب بوفاة الضحية، بعد إصابته بالإنفجار.

وهذا ما أكده بيان صدر عن ​قوى الأمن الداخلي​ آنذاك جاء فيه: "إثر وقوع الحادث الاليم الذي ادى الى استشهاد رفيق الحريري ورفاقه، اخذت الاجراءات اللازمة لاخلاء المصابين واخماد الحرائق بالتعاون مع ​الدفاع المدني​ و​فوج اطفاء بيروت​، والمباشرة بمسح مكان الجريمة بحثا عن مفقودين واستخدام الكلاب البوليسية في مكان الانفجار والاماكن المحيطة به، بطريقة لا يعبث من خلالها بمسرح الجريمة، تم صدور استنابات قضائية من قبل قاضي التحقيق وتكليف العميد ناجي ملاعب مساعد قائد ​شرطة بيروت​ ومساعدين له القيام بالتحقيق. ونظرا للتشكيك في صحة التحقيق منذ اليوم الاول وما رافقها من مطالبة باجراء تحقيق دولي وتكليف خبراء دوليين والاعلان عن تشكيل لجنة من ​الامم المتحدة​ ل​تقصي الحقائق​، فضلا عن طلب ​القضاء​ المختص بابقاء مسرح الجريمة على حاله وعدم تغيير معالمه خوفا من العبث به وضياع الادلة امام الخبراء الدوليين. وبتاريخ اليوم وبعد موافقة القضاء المختص وعلى اثر انتهاء لجنة التقصي الدولية التابعة للامم المتحدة باجراء الكشف والمشاهدات، وبحضورها، تمت المباشرة بعملية رفع الركام والانقاض القريبة من مكان الانفجار والمبنى المقابل لفندق السان جورج، بحيث عثر على جثة المواطن عبد الحميد محمد الغلاييني تحت الركام وتم انتشالها".

جلسة الأمس كانت قد استهلت بمداخلة تمهيدية للمحامي بيتر هينز أوضح فيها أنه سيقدم ثلاثين شهادة منها ستة سيقدمونها مباشرة، بالإضافة الى خبير دولي، وسينتهي من عرض قضيته بتاريخ الثامن من أيلول.

ثم بدأت الغلاييني شرح معاناة العائلة في رحلة البحث عن الوالد مستخدمين الكلاب المدرّبة الخاصة، ولم يكن معهم اي شخص متخصص بالعمل الجنائي وفق ما أوضحت لرئيس الغرفة الأولى القاضي راي، ردا على سؤال.

وأشارت الغلاييني بأن الجهات الأمنية ابلغتهم بأن شركة "أم تي سي" لم تتمكن من تعقب الخط الخلوي لوالدهم، في حين أنهم ومن خلال وسائلهم الخاصة وعلاقاتهم علموا أن الشركة حددت موقع الهاتف ضمن دائرة مسرح الجريمة. وقالت أن الشركة تحججت، بمرحلة لاحقة، بأنها لا يمكن الإفادة بأي معلومات نظرا لسرية التحقيق.

بدوره حاول هينز تجاوز حدود الإختصاص والإستطراد ببعض الأسئلة المتصلة بالإجراءات الجنائية المرتبطة بمسرح الجريمة، ما دفع القاضي راي بالطلب اليه بالإكتفاء بسبب الإفادة لأنه "لا يرى اي رابط بين الكلاب وبين قضية الغلاييني".

وليست المرة الأولى التي يحاول الممثلون القانونيون للمتضررين تجاوز حدود الصلاحية، فقد طلبوا سابقا من غرفة الدرجة الأولى، السماح لهم أن يستدعوا النائب السابق ​فارس سعيد​ للإدلاء بإفادته السياسية في قضية الحريري، وهذا ما رفضته أيضا الغرفة الأولى، "لعدم الإختصاص والصفة".