متى ستتمّ الإفادة من ثرواتنا النفطية؟

أو بشكل أدق:

هل ما زالت هناك فرصة للإستفادة من هذه الثروة؟

الداعي إلى هذه التساؤلات أنَّ ​لبنان​ ينظر حوله، وإلى العالم، فيجد أنَّ الدول تلتزم المِهَل والمواعيد، إلا هو، فالوقت بالنسبة إليه لا قيمة له، والمواعيد لا يحترمها أحد، وهكذا فإنَّ ما يمكن اعتباره ثروة وطنية تعوِّض خسائر هذا البلد الصغير، يمكن أن تتبدَّد في ظل انحسار الأسواق وفي ظل اتجاه الطلب نحو بلدان أخرى، وهكذا، بين انحسار الأسواق واتجاه الطلب نحو دول أخرى، تبقى ثروة الغاز اللبنانية في قعر البحر من دون فرصة للإفادة منها في ظل غياب الحوافز اللبنانية.

الدول بحاجة إلى الغاز، وحاجتها ملحّة وعاجلة ومرتبطة بالطلب خصوصاً في الشتاء، وهكذا تتجه إلى الدول الجاهزة إحتياطاتها من هذا الإنتاج، في هذا الوقت مازال لبنان في المراحل الأولى:

فمتى الإتفاق على الشركات؟

ومتى تبدأ التجهيزات اللوجستية؟

ومتى يبدأ التنقيب والإستخراج والإتفاق على عقود البيع؟

***

عملياً، ما يجري هو التالي:

هناك تباطؤ لبناني في إنجاز التراخيص، ما يعني أنَّ الشركات والمهتمّين بالشراء لم يعودوا يهتمّون بغاز لبنان، بل توجّهت أنظارهم إلى ​سوريا​ و​العراق​ وقبرص، بسبب جهوزية هذه الدول، وفي المقابل بسبب التقصير اللبناني في إنجاز الملف الذي يُعتبر الأكثر حيوية.

كيف تدرَّج الملف وأدّى الى ما أدّى إليه؟

ثروة الغاز الموجودة في أعماق المياه اللبنانية، معروفة منذ أكثر من نصف قرن لكنَّها تحرّكت في السنوات العشر الأخيرة، بعدما باشرت دول المنطقة استعداداتها لاستخراج الغاز.

عملياً هناك 53 شركة تقدّمت للحصول على تراخيص التنقيب عن البترول والغاز في لبنان، وتمّ نشر اللائحة النهائية في نيسان الماضي من قبل هيئة البترول.

وتضمّ القائمة التي تتألّف من 45 شركة مؤهّلة في عام 2013 وثماني شركات تمّ قبولها حديثاً، شركات دولية عملاقة مثل ​توتال​ وإكسون موبيل وشيل أو ستاتويل، بالإضافة الى شركات صغيرة من جميع أنحاء العالم، وشركة لبنانية واحدة.

***

إقترب الاستحقاق، والمسؤولون في غفلة، يوم الجمعة في الاسبوع المقبل الواقع في 15 ايلول الجاري تنتهي المهلة للشركات ال53 لتقديم عروضها، أمّا عقود الاستكشاف الأولى فسيتمّ توقيعها قبل نهاية هذه السنة.

إذاً، الجميع في سباق مع الوقت باستثناء الذين كانوا مهتمّين لكنهم فقدوا شهية الاهتمام بسبب كثرة ما هو معروض في الأسواق وبأسعار منخفضة جداً.

صحيحٌ أنَّ المخزون من الغاز في قعر المياه اللبنانية يشكّل إمكانات هائلة، خصوصاً أنَّه يرزح تحت أكثر من مئة مليار ​دولار​ ديناً، إلا أنَّ هذا الواقع لن يضع لبنان بين منتجي ​النفط والغاز​ من العرب ومن الدول الإقليمية حيث تأتي في المقدمة ​الإمارات العربية المتحدة​ والمملكة العربية السعودية و​الجزائر​، ثمّ يأتي العراق وسوريا حيث الغاز في هذين البلدين يتم عرضه بأسعار تنافسية هائلة، فأين يقع لبنان بين الكبار؟

يُخشى أن تكون نعمة ​الثروة النفطية​ قد أصبحت نقمة، وأن يكون لبنان قد ضيَّع الفرصة النفطية، تماماً كما ضيّع فرصاً كثيرة وكبيرة، وأن تكون الدول التي تطلب توقيع عقود نفط ستتجه الى الدول التي تقدّم اليها التسهيلات والعقود الطويلة الآجال بأسعار مقبولة كسوريا والعراق.

ولبنان ينتظر على قارعة الظروف... للأسف الشديد.