لاقت ​كوريا الشمالية​ التصعيد الأميركي ضدّها، بتصعيد غير تقليدي، وأجرت منذ اسبوع اختباراً ناجحاً على قنبلة هيدروجينية. وهذا الاختبار ليس الأول من نوعه، بل السادس نووياً، لكنه الأضخم، إضافة إلى أنّ بيونغ يانغ كانت أجرت عمليات عدة لإطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات.

القنبلة الكورية الشمالية التي تمّ اختبارها، تتمتع بقوة تدمير هائلة على امتداد 200 كلم، ويمكن تحميلها بصاروخ عابر، ولذلك من الطبيعي أن تحدث التجارب عليها هزات ارتدادية في الكثير من العواصم العالمية، وطبيعي أن يتمّ تحريك ​مجلس الأمن الدولي​، بعدما فقدت ​الولايات المتحدة الأميركية​ قدرة التحكّم بالنتائج، إضافة إلى ما أظهرته من إشارات بشأن عدم القدرة على اعتراض الصواريخ العابرة التي يمكن لبيونغ يانغ أن تطلقها في حالة نشوب أية حرب جديدة في شبه الجزيرة الكورية. وهذه الإشارات ظهرت جلية من خلال الحديث عن الكلفة العالية لتشغيل منظومة الاعتراض الصاروخي. وهذا بحدّ ذاته اعتراف بعدم قدرة المنظومة الصاروخية الأميركية على اعتراض الصواريخ الكورية الشمالية.

ما من شك في أنّ واشنطن تواجه مأزقاً حقيقياً جراء المواجهة غير المحسوبة مع بيونغ يانغ. وهذا يُضاف إلى سلسلة مآزقها في المنطقة والعالم. والسبب الرئيس لهذه المآزق، هو أنّ خلايا صناعة القرار ورسم الاستراتيجيات في الولايات المتحدة الأميركية، تريد أن تستثمر فائض القوة الأميركية، بوقت قياسي، لعرقلة صعود دول أساسية الى المراتب الأولى عالمياً، خصوصاً ​الصين​ و​روسيا​، ولذلك فإنّ تشديد العقوبات الأميركية على كوريا الشمالية وممارسة التصعيد ضدّها، يندرجان في سياق خطة تقويض أنظمة حليفة للصين وروسيا، كنظام جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية… وعليه فإنّ الاختبار النووي الذي أجرته بيونغ يانغ، هو بمثابة رسم خطوط حمراء رادعة بوجه ​أميركا​ ولمنعها من التفكير بأيّ عمل عسكري ضدّها. وكما هو معروف، فإنّ الخطوط الحمراء التي ترسم على الطريقة الكورية الشمالية، لا تشكّل إزعاجاً للصين وروسيا. وهذا ما بدا واضحاً في بيان قادة دول «بريكس»، الذي تضمّن إدانة واضحة للتدخلات العسكرية من جانب واحد، وللعقوبات الاقتصادية، وللاستخدام التعسّفي للتدابير القسرية الانفرادية واعتبارها انتهاكاً للقانون الدولى والمعايير المعترف بها عالمياً للعلاقات الدولية.

ما من شك في أنّ الردّ الكوري الشمالي أَربك واشنطن و​كوريا الجنوبية​ وحلفاءهما، ولم يعد أمام واشنطن سوى القبول بصيغ حلول كتلك التي طرحتها المستشارة الالماني انجيلا ميركل او العودة الى صيغة المحادثات السداسية او بأي قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي، لا أكثر ولا أقلّ، لكنها تضغط باتجاه أن يحفظ القرار ماء وجهها. وفي هذا الصدد يأتي الاتهام الذي وجهته المنظمة الدولية للطاقة الذرية بلسان مديرها يوكيا أمانو لبيونغ يانغ الذي أعلن أن: «هناك دلائل على عمل مفاعل في محطة يونغبيون النووية. فيما رصدت أيضاً بوادر تدلّ على عمل الأجهزة المخصصة لتخصيب اليورانيوم في منشأة يونغبيون النووية».