أظهر عهد رئيس الجمهوريَّة العماد ​ميشال عون​ حتَّى اليوم، أَنَّ الرَّئيس ماضٍ في تنفيذِ تفاصيل ذات صلةٍ بخطاب القسم، إيمانًا منه بجدوى تنفيذ هذه البنود وَأَهميَّتها، وَحرصًا منه على صدقيَّته تجاه "الشَّعب ال​لبنان​يِّ العظيم"، كما وَتجاه كلَّ ما أعلنَه إبّانَ انتخابه رئيسًا.

ويؤكّد مُقرَّبون من الرَّئيس أنَّه ماضٍ في تنفيذ مُختلف خطوات "أَجندته الإِصلاحيَّة" وصولاً إِلى "لبنان القويّ". ذاك الهدف الَّذي سعى إِليه منذ اختيارِه ليكون رئيسًا للحكومة الانتقاليّة في العام 1989.

وَقتَها رفع رئيس الحكومة–الجنرال شعارَ "لبنان القويّ".

وَوَقتَها لم يألُ رئيس الحكومة الانتقاليَّة المرتدي الزِّيَّ المرقَّط جهدًا للوفاء في التزامه تجاه الضَّمير والشَّعب، إِلى أنْ "هزَّ المسمار".

نعود إِلى الماضي للتَّذكير فقط بشخص رئيس البلاد، وَنظرته إِلى لبنان القويِّ، وَإِصراره على تحقيق أَهدافه.

إِنَّ ذاك الهدف الاستراتيجيّ ما زال نُصب عينَي "قائد مسيرة التَّحرير" سابقًا، وَرئيس "التَّغيير وَالإِصلاح" لاحِقًا، وَعِماد الجُمهوريَّة وَرئيسها حاضرًا.

وَلعلَّ الرَّئيس عون، حين نادى بِتحرير النُّفوس بعد تَحرير الأَرض، كان يَعلم جيِّدًا ما يقول، وَإِن كان البعض لم يَتلقَّف وقتَها الرِّسالة.

وَمِن هُنا إِصراره على التَّغيير وَالإِصلاح، وَهذا الأَمر "غير قابلٍ للنِّقاش" بالنِّسبة إِليه. فثمَّة فاسدون وَمُفسدون في الجمهوريَّة اللبنانيَّة، وثمَّة مُحاسبةٌ في آخرِ النَّهار، في عَهْدٍ "يُمهِلُ ولا يُهْمِل"، وَهُو سَيشْفي حتمًا غَليل أُمَّهات الشُّهداء العَسكريِّين الأَبطال، وَزوجاتِهم وَأَبنائَهم، مِن دون أَنْ يَلجأَ إِلى التَّشفِّي السِّياسيّ.

وَمِن هُنا قول الرَّئيس عون ليل السَّبت: "مِن حقِّ اللُّبنانيِّين وَليس فقط أَهل الشُّهداء، معرفة ما حَصل. فاتْرُكوا التَّحقيق يَأْخذ مَجراه، وَلا تَستبقوه سَواء بِتَوزيع الاتِّهامات أَو بِتوزيع شهادات البَراءَة".

وَالمُحاسبة تَأْتي على خطَّين اثْنَين:

*أَوَّلاً مَن أَخطأَ بِالخِيانة العُظْمَى كَما بِشتَّى الخِياناتِ للوطن وَجيشه وَأَبنائِه...

*وَثانيًا مَن أَخطأَ بِالإدارة، وَبِإِهدار المال العامِّ أَو بِاختِلاسِه...

وَهَؤلاء جميعًا أَخْطَأوا إِلى الوطن، وَأَخطاؤهم تُراوِح بَيْن "الجِناية" وَ"الخِيانَة".

إِنَّ عارِفي شَخْصيَّة الرَّئيس يُدرِكُون أَنَّه حين يُطْلِق المَوْقِف فَعَن غَيرِ عبثٍ، لا بَل عن اقتناعٍ وَقناعةٍ كاملَين.

أذكُر يومَ عاد مِن ​فرنسا​ في العام 2005، زُرْتُه مُهنّئًا في الرَّابية، وَمُذكِّرًا إِيَّاه بِأَنَّني كُنت من صِحافيِّي الإِذاعة اللبنانيَّة النَّاطقة باسم الحكومة الانتقاليَّة بين عامي 1989 و1990. نَظَر إِليَّ وَقتَها وَسَأَلني: "هل تَتذكَّر أَيْ أُغنية انتهت بها مسيرة الإذاعة النِّضاليَّة؟".

لقد كان يقصد أُغنية فيروز "بُكرا بِرجع بوقف معكُن". فقد طلب رئيس الحكومةِ آنذاك أَنْ تكون عَهدًا للُّبنانيِّين بأن يعود إِليهم، وَهو عاد ظافرًا بِالتَّحرير، تمامًا كما وَعَد.

ومَن كان بمواصفات الرَّئيس عون، يَستأْهِل أَنْ نَستَأْمِنه على دم الشُّهداء، كما على مَصير الأَجيال الطَّالعة.