لم يكد رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ينهي زيارته الى ​روسيا​ ولقاءه كبار المسؤولين هناك، وفي مقدمهم الرئيس فلاديمير بوتين، حتى بدأ النقاش حول نتائج هذه الزيارة، وما يمكن ان تحمله للبنان من ايجابيات .

كان الرئيس الروسي واضحا عندما ابلغ الحريري انه سيناقش الملفّات المتعلقة بالوضع في ​سوريا​ اضافة للتجارية والاقتصادية، وملف اعادة إعمار سوريا والاوضاع في المنطقة عموما، وخصوصا الدول المجاورة، وانه من المهم بالنسبة له معرفة مواقف جميع القادة من كل دول المنطقة .

واعتبرت مصادر سياسية ان نتائج زيارة الحريري لموسكو، وإمكانية مشاركة لبنان في اعادة إعمار سوريا، لا بد وان تتبلور بعد معرفة ما ستؤول اليه محادثات بوتين مع زعماء دول هذه المنطقة، كما ابلغ ذلك ضيفه اللبناني .

واشارت هذه المصادر الى انه لا بد وان يكون لطهران، ومعها ​حزب الله​، رأي في هذا الخصوص نظرا لحضورهما في الميدان، وللعلاقة الوثيقة التي تربطهما بالنظام السوري، وللدور الذي قاما به لمنع إنهياره .

وتقول المصادر في هذا السياق ان بقاء سعد الحريري على رأس السلطة التنفيذية، وهذا هو المرجح، حسب المعطيات السياسية المتوفرة حتى الان، يفرض عليه، اذا ما أراد بالفعل ان يكون للبنان الدور المميز في مرحلة الإعمار، او الحضور في مسار الامور السياسية التي لا بد وان يكون لها انعكاسات داخلية، أن ينسق مع الطرف اللبناني الآخر الذي لديه فعالية وحضور في سوريا الى جانب الروس، وان يعملا سويا لتأمين مصلحة لبنان، بغض النظر عن الخلافات الاخرى التي طالما ردّد الحريري انها موجودة، لكن هناك اتفاقا بين الطرفين على ان يكون الاستقرار الداخلي اولوية .

وتقول مصادر في ​تيار المستقبل​ ان الحريري ومنذ تسلمه رئاسة الحكومة يعمل على تثبيت ركائز الدولة، وعلى ابعاد شبح الاشتباك السني-الشيعي عن البلاد، ولهذا كان الحوار مع حزب الله الذي توقف بعد دخول الحزب في الحكومة الحالية .

في المقابل لا تعطي مصادر حزب الله أهمية للرفض الفوري من "تيار المستقبل" لاستعداد حزب الله الجلوس مع الحريري والتحاور معه، وهي الاشارة التي وردت على لسان نائب الامين العام للحزب ​الشيخ نعيم قاسم​، مذكرة بالرفض المماثل الذي أعرب عنه رموز المستقبل لرئاسة العماد ​ميشال عون​، والذي كان ينطوي يومها على رغبة الحريري في تأييد صفقة يوافق بموجبها على انتخاب عون مقابل عودة الحريري لرئاسة الحكومة .

وترى المصادر السياسية ان طرح حزب الله الحوار الثنائي مع المستقبل، وما يمكن ان يتضمن من لقاء بين الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله والحريري، لا بد وانه سينطلق من معطيات إيجابية لا يعلم بتفاصيلها سوى الحريري نفسه، وبالطبع السيد حسن نصرالله وأركانه، كما حصل في صفقة إنهاء الشغور الرئاسي .

وتقول المصادر ان الحزب وبناء على تجارب سياسيّة مماثلة، اقدم على هذه الدعوة تأسيسا على اعتبارات عدّة منها ان أبواب حوار خلفية فتحت بعيدا عن الاعلام، وأنتجت تقدما يبنى عليه وينتهي بلقاء مرتقب بين الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وان الحزب يرصد خط سير رئيس الحكومة، ووصل الى نتيجة فحواها انه جاد في ارساء أسس شراكة سياسية مختلفة، ويدير الامور بعقلانية تستدعي تشجيعه، لذا فهو يقدّم له المزيد من الفرص .

وتخلص المصادر الى الاعتقاد بأن أيّ مقاربة لدخول لبنان في ورشة الإعمار في سوريا، او غيرها من أوجه التقارب مع النظام السوري، لا بد وان تكون عبر بوابة تفاهم آخر بين حزب الله ورئيس الحكومة، وليس بالضرورة ان يكون تيار المستقبل في مناخات مثل هذا التطور، قبل حصوله.