مرّ أربعة أشهر من عمر ​التمديد​ الأخير للمجلس النيابي، من دون أن تتقدم القوى السياسية بأي خطوة عملية بإتجاه الانتخابات النيابية. ماذا فعلت الحكومة كي تشرح للمواطنين جوهر وكيفية التعامل مع القانون الانتخابي النسبي المعتمد؟ هي لم تثقّف اللبنانيين بتوجيهات وإرشادات، وكأن المطلوب نسف القانون الجديد لاحقاً، بحجة عدم القدرة التقنية على اجراء الانتخابات في موعدها المحدد. ليس في الأمر أي تجنّ أبداً على القوى الفاعلة في الحكومة. لا بل يذهب مطّلعون للقول: إن نسف الإنتخابات هي مصلحة لرئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ولوزير الخارجية جبران باسيل. إذا سلمنا جدلاً بهذا الاتهام أو عدمه، فلا بدّ من السؤال عن مصلحة الفريقين الأزرق والبرتقالي من التمديد؟! فريق الاتهام يستند الى تقصير الفريقين المعنيين في الحثّ السياسي او التحضير الحكومي (وزارة الداخلية والبلديات) لأجواء الانتخابات، علما ان تلك الوزارة ترمي الكرة في ملعب القوى السياسية. فمن كان يقصد وزير الداخليّة ​نهاد المشنوق​ ببيان مكتبه الاعلامي؟ طالما أن حركة "أمل" و"​حزب الله​" ومعهما "​المردة​" و"السوري القومي الاجتماعي" و"القوات" وقوى أخرى يعبّرون ويسعون عملياً لبت الانتخابات، بدليل تقديم كتلة "التنمية والتحرير" إقتراح قانون معجل مكرر لتقصير ولاية ​المجلس النيابي​ الحالي. فريق الاتهام أيضاً ينطلق من واقع التعامل الحكومي مع البطاقات الممغنطة والبيومترية لكشف عملية تهريب الانتخابات بحجة عدم الجهوزية. هنا يسأل المواطنون عن خبايا البطاقات: لماذا تُعطى الصفقة لشركة بالتراضي؟ هل هناك سمسرة مالية؟ الى متى الانتظار لبت البطاقات؟ هل سنصل الى موعد الانتخابات من دون انجاز كل البطاقات الخاصة بالاستحقاق؟.

الأهم عند المواطن: متى تشرحون لنا كيفية التعاطي مع قانون النسبية؟ لم يعد يقتنع الناس بالشعارات. هنا يضع باسيل نفسه في المواجهة المباشرة، بحديثه عن ضرورة الاصلاحات قبل الانتخابات. من يتحمل مسؤولية تأخير تلك الاصلاحات؟ لماذا يقتصر الأمر على الخطابات من دون الترجمة العملية بعد مضي اربعة أشهر على التمديد؟.

كل تلك الأسئلة المشروعة تتردد في جلسات سياسية وشعبية، معطوفة على اتهام الحريري وباسيل -بصفتهما "أهل الحُكم"- بانهما يرغبان في عدم اجراء الانتخابات في موعدها المقرر، خشية من وصول نواب جدد يفرضون الشراكة السياسية في القرار والحكومة، ولا سيما حول المشاريع الجوهرية المعلّقة في الكهرباء والنفط والاتصالات، خصوصا في ظل تمدد شعبية "القوات" و"المردة" مسيحيا في الشمال ومناطق أخرى، ومنافسة قوى وشخصيات للتيار "الوطني الحر" في كسروان والمتن وجزين وزحلة، وعودة نجومية قوى وشخصيات منافسة بجدية لتيار "المستقبل" في عكار وطرابلس والبقاعين الاوسط والغربي وصيدا وبيروت.

قد تبقى تلك الاتهامات والسيناريوهات السياسية مجرد افتراضات، لكن واقع القانون النسبي يعزز من وجودها، حتى يثبت التيارين الازرق والبرتقالي العكس بالمضي بإنتخابات من دون تأخير أو تلكؤ.

خطوة رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ الأخيرة في طرح القانون المعجّل المكرر أحبطت مشروع التمديد، فنجح بري في ترجمة نبض الشارع اللبناني. أصاب أكثر من عصفور بمشروع واحد: أكد ان حركة "أمل" حريصة على اجراء الانتخابات في موعدها بعكس كل الاتهامات التي كانت تصوّب على بري بشأن التمديد، فأيده علنا "حزب الله". ووضع الحكومة أمام مسؤولياتها عمليا"، فشعر باسيل انه المعني الأول بالدفاع عن تقصير الحكومة، لذلك جاء كلامه عن اولوية الاصلاحات.

ماذا لو بقي تقصير الحكومة قائما؟ ماذا لو فشل الاتفاق بين القوى على تقنيات الاستحقاق؟ هل يعني ان التمديد سيد الموقف تحت عنوان منع الفراغ؟ بالنسبة الى اللبنانيين: الانتخابات هي الاولوية تحت طائلة التحرك الشعبي. عندها لن تكون الحكومة في وضع ثابت. هنا يتحقق الكلام عن "الانقلاب". ماذا سيفعل العهد قبل فوات الآوان؟ بالتأكيد سيتصرف باكراً بمسؤولية وطنية، كي لا يقع البلد في المحظور السياسي.