يصحو ال​لبنان​يون كل يوم على ملفّ جديد يهبط عليهم من العدم، "توطين اللاجئين" عبارة دخلت كالسهم السامّ على المجتمع اللبناني في اليومين الماضيين، وتحديدا بعد كلام الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ خلال خطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة.

لم تمر كلمة ترامب عن اللاجئين مرور الكرام على اللبنانيين، فالعبارة "المترجمة" لترامب بأن "​أميركا​ تفضل توطين اللاجئين الفارين من الحرب في ​سوريا​ والعراق في دول الإقليم المحيطة ببلادهم"، اشعلت الشارع اللبناني الرسمي والشعبي. بالمقابل، اعتبر البعض ان كلام ترامب هذا محرّفا وغير دقيق، فالرئيس الأميركي تحدث عن مساعدة هؤلاء اللاجئين لعودتهم إلى بلادهم لا توطينهم.

للبنان تاريخ قديم مع "​التوطين​"، وإثارة الموضوع اليوم اعاد الى الاذهان المطالبات بتوطين ​اللاجئين الفلسطينيين​ الذين شكلوا مخيّمات كبيرة وثابتة لهم جنوبا وشمالا، بعكس النازحين السوريين الذين يقطنون في مخيمات موقتة. فمنذ بدء ​الحرب السورية​ في العام 2011، عادت مسألة التوطين الى التداول رغم حسم المسؤولين اللبنانيين المسألة بأن "التوطين غير وارد"، لما يسببه من تغير ديمغرافي و"تهجير اللبنانيين من لبنانهم".

وكالعادة لم تسلم مواقع التواصل الاجتماعي من الاستنكارات والرفض للتوطين الذي يلغي حق العودة للنازح، كما ربط البعض المسألة "بالمصالح الانتخابية"، حيث انتشر وسم "لا للتوطين في لبنان ".

ودعا الناشط سماح كسماني "الشعب اللبناني أن يتوحد لمواجهة مؤامرة التوطين، ولا تنسوا أن بعض زعماء لبنان سيعملون على إقرار المشروع لمصالح انتخابية"، كما اوضح يوسف عبدالنبي اننا "مش ضد الفلسطيني وحقه بارضه ولا ضد السوري وانو لازم يرجع على بلده، بس ضد سرقة ارضنا وهويتنا وسرقة هوية وارض اللاجئ".

​​​​​​​ونشر آلان صورة للرئيس ميشال عون وارفقها بالعبارة التالية: "سنة 1990 قال لكم من بعبدا: يستطيع العالم أن يسحقني ولكنه لن يأخذ توقيعي، وسنة 2017 سَيّد بعبدا سيقول لكم من نيويورك: لا للتوطين في لبنان"، اما صفحة "وراك وراك" فكتبت "لازم الدولة تبلش بالشغل على اخراج النازحين من لبنان بلا تبييض وجّ وبلا نكايات ببعضكن شي مرة كونو دولة بالفعل".

وتساءلت عائشة: "لماذا توطين السوريين في لبنان؟ وماذا عن اراضيهم"؟، وشدد ميشال شماس على ان "لا للتوطين تحت أي عناوين، لا حقوق إنسان ولا غيره، اللبناني أحق بأرضه"، واعتبرت سوما زغيب ان "اللبناني سيصبح بلا وطن".

وفي تعليق ساخر، كتب جو "نعم للتوطين شرط طرد كافة النواب وتعيينهم ممثلين للمهجّرين المستوطنين وينتخب غيرهم نواب لتمثيل الشعب اللبناني"، وسخرت ساريا بالقول: "نعم لتوطين السوريين والفلسطينيين الموجودين عندنا في سوريا"، واعتبرت نينا نون ان "لدينا تجارب سابقة مع التوطين وصار عنا دويلات بالمخيمات".

​​​​​​​ووجّهت رانيا شاروف صرخة الى المسؤولين قائلة: "سنين بلا كهرباء وبطالة وغلاء معيشي وضمان إجتماعي وتقاعد وإقتصاد بالأرض وتهجير، كمان بدكن تزيدوا همومنا بالتوطين، بكفي"!، وتساءلت الممثلة ليليان نمري "ما في كرامة لإنسان الا بوطنه، كيف هنّي بيقبلوا مين ما كانوا؟ كل شخص بيقبل بوطن بديل خائن لوطنه، والما فيه خير لوطنه ما رح يكون وَفي لغير وطن".

وفي تعليق لافت، اكد الناشط السوري بشار شعبان ان التوطين "ليس حلما، بل كابوسا لنا كسوريين، لا نريد الاستيطان بأي أرض خارج أرضنا السورية".

يذكر انه برز اجماع سياسي حول موضوع رفض التوطين، فأكد رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ باسم النواب أنه وفقاً للفقرة "ط" من مقدمة الدستور فإن "أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين وشدد ​رئيس الحكومة​ ​سعد الحريري​ على أننا "نرفض ​التوطين". فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء من الأرض والتمتع بها في ظل سيادة القانون. فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين"، بدوره، أكد وزير العدل ​سليم جريصاتي​ ان "التوطين لن يحصل لأي نازح في لبنان".

"التوطين أمر مرفوض"، هذا ما يجمع عليه اللبنانيون منذ سنوات عدة وحتى اليوم، ولكن هل سيأتي القرار الخارجي ويفرض نفسه على المسؤولين وعلى الشعب؟ وهل ستبقى مسألة تهجير اللبنانيين من وطنهم هاجسا لدى كل مواطن؟ وهل سيقدم ترامب توضيحا لما قيل أنّه كلام "مُحرّف"؟!.