نجحت الضغوط التي مورست على ​حركة حماس​، التي خضعت بدورها للارادة الاميركية الخليجية المصرية ​الاردن​ية لتتجه نحو ​المصالحة الفلسطينية​ مع ​حركة فتح​، برعاية القيادة المصرية نفسها، التي اعلنت من على منبر ​الامم المتحدة​ ان فرص السلام بين ​اسرائيل​ والفلسطينيين لا تعوض، على الرغم من تكرار سماع هذا القول في العقود الماضية من ملوك وامراء ورؤساء عرب ممّن فضّل امتهان العمالة ل​أميركا​ واسرائيل حتى الثمالة، ما ادى الى اجبار الفلسطينيين لتقديم المزيد من التنازلات والتخلي عن الثوابت الفلسطينية لصالح العدو الاسرائيلي من دون اي انتاج ايجابي للفلسطينيين، حتى انه خيل للبعض ان ​القضية الفلسطينية​ باتت تختصر بتنفيذ طلب وقف الاستيطان على الارض الفلسطينية او وقف هدم منازل الفلسطينيين في القدس.

تصريح السيد ​موسى ابو مرزوق​ مسؤول حماس يحمل في طياته دلالة خاصة، حيث قال ان ​الولايات المتحدة​ رفعت الفيتو عن المصالحة الفلسطينية.

قيادة حماس ابدت تجاوباً وليونة غير مسبوقة حيث اعلنت عن حل هيئة ادارة قطاع غزه، لتدعو حركة فتح الى تحمل المسؤولية بادارة القطاع كبادرة حسن نية لانجاح المصالحة.

نحن من الداعين والمؤيدين الى توحيد الكلمة والهدف والبوصلة الفلسطينية الا اننا وبكل امانة نقول، سواء نجحت المصالحة الفلسطينية ام لم تنجح فالامور تشي ان امراً دبر في ليل تفوح منه رائحة نتنة.

ان القيادة المصرية التي تصافح العدو الاسرائيلي بغبطة وسرور لا يمكن ان تكون اليد الصالحة للفلسطينيين، بل ان تلك اليد المصرية التي خانت المبادئ العربية واعترفت بالعدو وطبعت العلاقات معه صارت طيعة للارادة الامريكية الاسرائيلية في تأمين مصالح العدو على حساب الشعب الفلسطيني، وعلى حساب شق الصف العربي، وعلى حساب دماء الشعب السوري والليبي و​العراق​ي واليمني وال​لبنان​ي، تلك اليد الراعية للمصالحة الفلسطينية، تريد تغليب فريق اوسلو الذي لم يجلب للفلسطينيين الا الذلّ وتقديم التنازلات والتراجع عن الثوابت الفلسطينية الفريق الذي قدم نفسه رائداً للسلام مع الاسرائيلي، وعمل كشرطي لحفظ امنه، واسهم في قمع الشعب الفلسطيني المنتفض ضد ممارساته في القدس وفي كل فلسطين، وسجن كل فلسطيني مقاوم له، وذلك على حساب فريق اخر انتهج نهج ​الاخوان المسلمين​، خان ​سوريا​ والانتماء العربي لكنه لم يتخل عن البندقية المقاومة في مواجهة الاسرائيلي.

ان التحالف بين السعودية و​الامارات​ ومصر والاردن ومنظمة فتح، اضافة الى العدو الاسرائيلي هدفه طمس القضية الفلسطينية، والجنوح نحو مشروع تسوية مذلّة للفلسطينيين عمادها التخلي عن ​حق العودة​ والتطبيع والسلام مع الاسرائيلي.

ان جنوح حركة حماس للمصالحة مع حركة فتح، بعد رفع الفيتو الاميركي يعني ان الحركة قد وافقت على مبدأ الدخول في الحلف السعودي الاماراتي المصري كما يعني نجاح المدعو ​محمد دحلان​، المعروف بتعامله مع اجهزة المخابرات الاميركية والاماراتية والاسرائيلية في اتمام ملف المصالحة على اسس التخلي عن مشروع المقاومة، وتنفيذ مخطط هادف لسحب ورقة حركة حماس من يد دولة قطر التي تعاني بدورها ازمة حقيقية مع محور سعودي اماراتي مصري اردني فتحاوي اميركي اسرائيلي، الهادف بدوره الى تذويب القضية الفلسطينية وجعلها في غياهب النسيان.

نقول ان مصلحة اسرائيل في هذه المصالحة الفلسطينية، تفوق اي مصلحة

اولا لأنّ هذه المصالحة تعني سحب البساط من تحت اقدام المقاومة الفلسطينية وتكبيلها الى ما لا نهاية، وبذلك تكون اسرائيل قد ضمنت أمنها من جهة قطاع غزّة، اضف الى ذلك فان نجاح سحب حركة حماس من اي مواجهة محتمله مع العدو الاسرائيلي ما يعزز موقفه الأخير في فرض ارادته على الفلسطينيين والمجتمع الدولي، وفي زيادة نسبة الاستيطان الصهيوني بنسبة 400%،

ان الرائحة النتنة التي فاحت من المصالحة الفلسطينية، هي صدور دراسة عن مركز الابحاث في اسرائيل، تقول ان سوربا وبعد هذا الصمود الاسطوري و والانتصارات المتتالية استطاعت ان تقلب المعادلة، ونجحت في تكوين حلف المقاومة الذي يمتد من ​ايران​ والعراق وسوريا ولبنان وصولا الى ​قطاع غزة​، وجميعهم يوجهون فوهات منصات الصواريخ نحونا في اسرائيل، وبذلك تبدل حالنا هنا، حيث كنا نُخيف ونُرعب وأضحينا مرعوبين نخاف من وجود الجيش العربي السوري وقوات الحرس الثوري الايراني وقوات ​حزب الله​ اللبناني على تخوم حدود سوريا مع فلسطين المحتلة لجهة ​هضبة الجولان​، ما يشكل تهديداً مباشراً وخطيراً غير مسبوق على أمن ووجود اسرائيل. يضيف مركز البحوث الاسرائيلي في بحثه ليقول نحن في اسرائيل لا بد لنا من العمل على خرق او فرط عقد هذا التحالف حلقة تلو الأخرى، بدءا من الداخل، واذا ما استطعنا اطباق الخناق على حركة حماس، فاننا نكون قد نجحنا في تفكيك الحلقة الاهم تمهيداً لتفكيك اكبر حلف يهددنا وذلك منذ نشأة الدولة الاسرائيلية، في حال فكر هذا الحلف باطلاق صواريخه نحونا من الجولان السوري وحتى الناقوره في لبنان، امتداداً الى غزة. سيكون علينا مواجهة الخسارة الحتمية ولذلك وجب علينا البدء بعملية تفكيك هذا الحلف ابتداء من غزة وبذلك نكون قد ضمنا تحييد احد اهم الجبهات الداخلية.

ان مشهد المصالحة الفلسطينية الذي نراه في مصر ما هو الا مقدّمة الى تحييد جبهة غزه وخروجها من المعادلة في أي مواجهة مقبلة مع اسرائيل، ولا ننسى ان مشهد اصرار الكرد على اقامة كيان كردي مستقل، يدخل في نفس السياق حيث ان نجاح الاكراد في الاعلان عن كيانهم يعني نجاح اسرائيل في وضع العقدة الكأداء في وسط طريق حلف المقاومة الممتد من ايران الى لبنان.

نخلص للقول ان المصالحة الفلسطينية التي تؤدي الى تحييد اهم جبهة داخلية مع العدو الاسرائيلي وان تشجيع الاسرائيليين في إقامة كيان كردي صهيوني جديد وسط الدول العربية أمر لا يصب الا في المصلحة الاسرائيلية.