بينما تنشغل القوى السياسية اللبنانية بشكل ​قانون الإنتخابات​، وعمّا إذا كان التعديل مطروحا بشأن الصوت التفضيلي، أو بموعد اجراء الإنتخابات، ينصرف رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية لتأسيس نواة جبهة سياسية مسيحية، توحي بأنها ستكون لاحقاً في مواجهة "​التيار الوطني الحر​" وحلفائه. فرنجية الذي يوزّع الادوار بينه وبين نجله طوني الذي سيخوض غمار الانتخابات النيابية، ليتفرغ الأول للقيادة السياسية، يزور شخصيات مسيحية أساسية معظمها في الموقع المنافس لرئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل. من جزين التي التقى فيها نجل النائب الراحل سمير عازار المرشح ابراهيم عازار، الى زحلة تلبية لدعوة الوزير السابق ​خليل الهراوي​، والبترون تلبية لدعوة النائب ​بطرس حرب​، الى كسروان التي اقام فيها حليفه الوزير السابق ​فريد هيكل الخازن​ مأدبة غداء تكريمية، تبعها بعد يومين مأدبة مشابهة في منزل الاعلامي جورج قرداحي في بلدته الكسروانية فيطرون، الى زيارة ل​طوني فرنجية​ الى القبيات الشمالية السبت، يجمع فيها رئيس بلديتها فاعليات عكار من كل الطوائف تكريما لفرنجية.

لم يكن رئيس "المردة" يقوم سابقا بتلك الجولات، ولا تلبية الدعوات، لكن طبيعة النشاط المردي الآن تؤكد ان "البيك" قرر الانفتاح والتوسع السياسي، ودعم وصول مرشحين الى ساحة النجمة يشكّلون نواة جبهة سياسية عريضة تمنع احتكار باسيل للتمثيل المسيحي. يساعد قانون الانتخابات الذي يعتمد النسبية تلك الجبهة من التكوّن، خصوصا ان هناك استطلاعات للرأي تفيد ان النتائج التي حصل عليها "التيار" عام 2009، لن يستطيع باسيل من حصدها لاعتبارات لا تتعلق فقط بشكل قانون الإنتخابات، بل بطبيعة التحالفات وتوسع "القوات" مسيحياً، وتمدد "المردة" وازدياد مساحة المعارضين لباسيل في كل المناطق، فيما أصبح مؤسس التيار رئيساً للجمهورية، ولم يعد العماد ​ميشال عون​ لفئة بل صار رئيساً لكل اللبنانيين، لا يقدر على دعم فريق واحد بعينه، وهو الذي كان صاحب القدرة التحشيدية الخارقة في الخطاب السياسي على رص الصفوف الشعبية والاقتراع لصالح مرشحي التيار. الآن سيقترع المسيحيون لخطاب باسيل، الذي بات لديه أزمات مسيحية بالجملة:

مشكلة مع "القوات" تتظهر في الحكومة والتعيينات، مشكلة اكبر مع "الكتائب" الذي يُصنّف في موقع المعارضة. أزمة مفتوحة مع تيار "المردة" لم تعد تقتصر على الشمال، بدليل لم الشمل السياسي الواسع الذي يقوم به فرنجية مسيحياً. زيادة عدد معارضي باسيل بالمفرق في كافة المناطق المسيحية.

اذاً من بقي حليفاً أصيلاً لباسيل في تلك الساحة؟ كان "العونيون" يتهمون فرنجية بحصر وجوده في زغرتا، لكن صار يحق للمردة اتهام باسيل بأن لا حليف مسيحيا حقيقيا له الآن.

توحي هذه المستجدات بأن الاشهر المقبلة تحمل معها متغيرات سياسية مسيحياً، بدليل اجتماع كل معارضي "الثنائي المسيحي" حول فرنجية الذي بادر بنفسه لزيارتهم، للتأكيد على مشاركتهم لا الفرض او التزعم عليهم. فتبين أن فرنجية محور لكل المسيحيين المعارضين الآن لباسيل وغير المنسجمين مع "القوات".

إذا كان باسيل مرتاحاً لحلفه مع "المستقبل"، فإن ذلك لا يُطمئن وحده في إيصال كتلة نيابية وازنة الى ساحة النجمة بقدر ما كانت عليه الانتخابات الماضية عام 2009. الظروف تغيرت بشكل جذري. الدليل ما يحصل في الشمال وصيدا وبيروت. استقبال القبيات غدا لفرنجية سيكون مؤشرا إضافيا لوصول حلفاء أساسيين لفرنجية ومنهم مرشح تياره كريم الراسي.

واذا كان باسيل يستند الى حلفه مع "​حزب الله​" فإن الحزب يدعم أيضا خطوات فرنجية "نور العين"، خصوصا ان الحزب أتمّ التزامه كاملاً مع العونيين وأوصل مؤسس تيارهم الى رئاسة الجمهورية. بالطبع لن يكون الحزب ضد حلفائه لا في صيدا-جزين ولا في الشمال، ولا في أي منطقة أخرى ضد حلفائه الاستراتيجيين. هؤلاء الحلفاء مصنّفون في خانة أخصام رئيس الحكومة سعد الحريري-حليف باسيل.

لن تقتصر المؤشرات على هذه المحطات، لتحمل معها الى الانتخابات مفاجآت تعززها اوضاع سوريا، التي تحرص على تعزيز عمق العلاقة مع فرنجية التي اقامت سفارتها في اليرزه منذ أسابيع مأدبة تكريمية لرئيس "المردة" قبل أن يشارك السفير علي عبدالكريم علي شخصياً في مأدبة فيطرون التي أقامها قرداحي على شرف فرنجية.