وصفت مصادر سياسية في فريق الثامن من آذار كلام وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ في سياق ردة فعله على اللقاء الذي تم في اروقة الامم المتحدة في نيويورك بين وزير الخارجية ​جبران باسيل​ ونظيره السوري ​وليد المعلم​، بـ"البطولات الوهمية"، ولا يرقى الى أي مستوى من المستويات الجديّة للإطاحة بالتفاهم السياسي القائم حاليا، أو للتأثير في مصير الحكومة الحالية برئاسة ​سعد الحريري​.

واشارت هذه المصادر الى انه كان واضحا ان قرار وزير الداخلية عدم مرافقة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الى فرنسا، لا علاقة له بقرار باسيل طلب اللقاء مع المعلم، بل انه يتعلق بمتابعة المشنوق لملف الانتخابات النيابية، حيث من المتوقع ان يؤكد مجددا خلال الايام القليلة المقبلة، ان وزارته غير قادرة على تطبيق الشق المتعلق بالبطاقة الممغنطة أو الهوية البيومترية، وان التسجيل المسبق للذين يريدون الاقتراع في أماكن سكنهم، هو الحل الوحيد الممكن، خاصة وانه جازم بان هذه الانتخابات ستجري في موعدها.

واعتبرت المصادر، ان أقصى ما يمكن ان يصدر عن كتلة "المستقبل" في اطار ردة فعلها على التطورات في العلاقات بين لبنان وسوريا، والتي بدأها الوزير باسيل، وبلور تطوراتها موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في تصريح لإحدى المجلات الفرنسية عشية سفره الى باريس في زيارة دولة، والذي قال فيه ان "لبنان سيبحث مع سوريا مسألة عودة النازحين، وهناك مشاورات قيد البحث، و​الحكومة السورية​ أعادت السيطرة على 82 بالمئة من المساحة الجغرافية للدولة السورية وحتى المعارضون القدامى تصالحوا مع الحكومة"، هو إصدار بيان يعيد "المستقبل" فيه التأكيد على موقفه الرافض للتعامل مع النظام السوري الحالي تحت اي ظرف، من دون ان تلزم زعيمها سعد الحريري بالتخلّي عن الحكم والاستقالة من رئاسة الحكومة.

وقالت مصادر وزارية مقربة من قصر بعبدا انه مهما قيل عن خطوات باسيل، ومواقف رئيس الجمهورية أنها نابعة من خطة لشحن الرأي العام المسيحي ولكسب المزيد من الأصوات في الانتخابات النيابية المقبلة، نظرا لما يمثله ​ملف النازحين السوريين​ من تخوف لدى هذه الطائفة، فإن القرار الذي اتخذه العهد سببه وجود معطيات جديّة عن نوايا المجتمع الدولي بتوطين النازحين السوريين، وكان هذا الامر واضحا وضوح الشمس في طروحات الامين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، وان الدول الكبرى ما زالت تعمل في هذا الاتجاه، مهما صدر عنها من توضيحات لمواقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاخيرة في الامم المتحدة، ومن مواقف مماثلة لدول أوروبية اخرى.

واكدت المصادر نفسها ان ما قاله الرئيس عون بخصوص المشاورات قيد البحث مع الحكومة السورية، إنما يدخل في صميم صلاحيات رئيس البلاد حسب المادة 53 من الدستور التي تقول "يتولى رئيس الجمهورية المفاوضات في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة"، مشيرة الى انه على المعترضين انتظار نتائج المفاوضات والحكم على مضمونها وما اذا كانت لصالح لبنان واللبنانيين، وبعدها يتم الحكم عليها، إذ لا يجوز الحكم المسبق او الاحتجاج على ما يقوم به وزير الخارجية بتوجيه من رئيس الجمهورية، لحلّ اكبر معضلة تواجه لبنان في الوقت الراهن، وان ما قام به باسيل ليس انتقاصا من رئاسة مجلس الوزراء، بلمن ضمن صلاحيات الرئيس.

ولفتت المصادر انه في موازاة العمل الذي يقوم به العهد لحل مشكلة النازحين، كانت مواقفه حيال سلاح حزب الله اكثر وضوحا، سواء في الامم المتحدة، ومع أمينها العام ​أنطونيو غوتيريس​ بحضور السفير جيفيري فيلتمان عراب 14 اذار، حيث أكد لهما ان سلاح حزب الله هو للدفاع عن ارض لبنانية تحتلها ​اسرائيل​، وليس سلاحا هجوميا ولا يستعمل في الداخل، وذلك ردا على طلب أنطونيو غوتيريس نزع سلاح الحزب من الجنوب اللبناني، بحجّة انه واجه إحراجا خلال التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب اللبناني، جراء ضغوط واعتراضات الدول الأوروبية لوجود هذا السلاح في مناطق عملها. أكثر من ذلك، فقد رفض عون امام هذه الشخصية الدولية أي تبديل في مهمة هذه القوات والمحصورة في إحصاء الخروقات الإسرائيلية على لبنان وهي اكثر من ان تحصى، ولا يحقّ لها تفتيش منازل أهالي المنطقة وسكانها والتي تقع ضمن نطاق عملها.

وخلصت المصادر الى القول، انه اذا كان لدى القوى السياسية المعارضة لتوجهات العهد ملاحظات في هذا الخصوص فعليها ان تطرح بدائل مقبولة ومعقولة وصالحة للتنفيذ لا ان تواصل الندب والبكاء، والخيارات مفتوحة أمامها وفي مقدمها الانسحاب من الحكومة .