لن يكون ملف ​سلسلة الرتب والرواتب​، الذي من المفترض أن يستكمل البحث فيه اليوم على طاولة مجلس الوزراء، هو الملف الأصعب أمام رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، فهو من مسؤولية مختلف القوى السياسية المشاركة في الحكومة الحالية، التي عليها البحث عن حلول لتمويل السلسلة بعد رد ​المجلس الدستوري​ قانون الضرائب، فـ"الشيخ" يفكر أيضاً في كيفية مواجهة مسألة التنسيق والتواصل مع ​الحكومة السورية​، بالإضافة إلى ​الإنتخابات النيابية​ المبكرة، لا سيما بعد أن أقر وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​ بعدم القدرة على إنجاز البطاقة البيومترية، في حين أن رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ كان قد تقدم باقتراح قانون معجّل مكرر لتقديم موعدها.

في هذا السياق، تعترف مصادر نيابية في كتلة "المستقبل"، عبر "النشرة"، بأن مسألة التنسيق مع الحكومة السورية، في هذا التوقيت، هي الملف الأصعب، نظراً إلى أن الحريري لا يستطيع أن يتحمل تداعيات مثل هذه الخطوة في ظل الضغوط الخارجية والداخلية التي تفرض نفسها عليه، وتشير إلى أنه على المستوى الإقليمي لا يمكن أن يغرد رئيس الحكومة بعيداً عن الموقف السعودي الواضح في هذا المجال، في حين أنه على المستوى المحلي هناك الكثير من الشخصيات والقوى الراغبة في إستغلال مثل هذا الأمر من أجل الإنقضاض عليه، خصوصاً في ظل التنافس الواضح على مستوى الإنتخابات النيابية على الساحة السنية.

من هذا المنطلق، تُفسر هذه المصادر ردة الفعل العنيفة على لقاء وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​ نظيره السوري ​وليد المعلم​، على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي عبر عنها وزير الداخلية والبلديات، بالرغم من الجزم بأن هذا الموقف لن يتطور أكثر من ذلك، فهي تدرك بأن الحريري لن يقدم على خطوة الإستقالة من الحكومة في هذه المرحلة، لا سيما أن أغلب التضحيات التي قدمها كانت للحفاظ على الإستقرار الوطني، الذي يحتاج إلى بقاء حكومته على قيد الحياة، لكنها في المقابل ترصد محاولات حثيثة من جانب الفريق الآخر لفرض هذا التنسيق كأمر واقع على الحريري، وتضيف: "هذا ما لا يمكن أن نقبل به بأي شكل من الأشكال".

وعلى الرغم من أن "المستقبل" لم يبد هذا الموقف المتشنج من الزيارات التي قام بها كل من وزيري الزراعة غازي زعيتر والصناعة حسين الحاج حسن إلى العاصمة السورية دمشق، حيث تم الإكتفاء على أنها تتم بصفة "شخصية"، توضح المصادر نفسها أن لقاء باسيل المعلم ما كان ليتم من دون غطاء من رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، الذي كان بدوره قد تحدث عن مشاورات قيد البحث مع الحكومة السورية بشأن أزمة النازحين، وتوضح أن الأزمة هي في هذه النقطة، أي بموقف رئيس الجمهورية، بالرغم من تشديدها على أن الحريري حريص على أفضل العلاقات مع عون.

في الجانب المقابل، تستغرب مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، إصرار تيار "المستقبل" على رفض التنسيق مع الحكومة السورية، بالرغم من الموقف الواضح الذي عبّر عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأمم المتحدة من أزمة النازحين، وتشير إلى أن رفض ​التوطين​ لا يمكن أن يتم من خلال الشعارات، بل أن هناك خطوات عملية من المفترض القيام بها، وتوضح أن لبنان هو المتضرر من هذه الأزمة وبالتالي عليه البحث عن الحلول لا إنتظار المجتمع الدولي، خصوصاً أن الأخير أثبت في أكثر من مناسبة عجزه عن معالجة مثل هذه الأزمات.

ولا تنفي هذه المصادر في الوقت عينه الإصرار من جانب فريقها السياسي على إعادة التواصل الرسمي مع الحكومة السوريّة، لافتة إلى أن هذا الأمر بات يتم من خلال اللقاءات التي تحصل بين الوزراء في البلدين، لكنها تشير إلى أن المطلوب هو أن يكون هناك بحث جدي ورسمي لمعالجة أزمة النزوح، التي باتت تمثل تهديداً خطيراً على كافة المستويات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية.

وفي حين تبدي هذه المصادر تفهمها لموقف رئيس الحكومة من هذا الملف، بسبب الضغوط المفروضة عليه، توضح أن المصلحة الوطنية تحتاج إلى قرار جريء منه شبيه بذلك الذي أخذه عندما قرر تبني ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.