أتى قرار وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ بعدم مرافقة رئيس الجمهورية ميشال عون في زيارته الى فرنسا احتجاجا على لقاء وزير الخارجية ​جبران باسيل​ لنظيره السوري وليد المعلم في نيويورك بعد مجموعة تراكمات تجمعت لديه، ناتجة عن خرق التيار الوطني الحر للتسوية الرئاسية التي عقدها رئيسه الوزير جبران باسيل مع رئيس مكتب تيار المستقبل نادر الحريري وقضت بانتخاب عون رئيسا للجمهورية على قاعدة المواقف التي اعلنها لاحقا الرئيس سعد الحريري ابان ترشيحه عون من بيت الوسط ولاقاه الاخير بمواقف متجانسة اثر زيارته رئيس المستقبل لشكره على تأييده له. وترجمت في البيان الوزاري للحكومة القائمة.

وان كان المشنوق يسجل في مجالسه اعتراضه على التيار الوطني الحر وحلفائه وممارساتهما على اكثر من صعيد، فهو في الوقت ذاته لا يسقط اعتراضه على اداء الحريري المتهاون امام باسيل وحلفائه، بحيث يعتبر بأن اللامبالاة التي يمارسها الحريري حيال تجاوز صلاحياته كرئيس حكومة وكذلك القفز فوق موقعه في المعادلة السياسية امر غير مقبول وهويرتدّ سلبا على البيئة السنية التي تجد انتقاصاً لحضورها ومسًاً بكرامتها... وينعكس تراجعا لمنطق الدولة لا سيما منذ ما شهدته البلاد بعد اندلاع معارك الجرود اللبنانية وما حملت من خروقات لا يمكن تقبلها.

وقد صارح المشنوق الحريري مراراً، حسب اوساط مطّلعة، بإعتراضه على التهاون المفرط امام باسيل موضحا بأنه بالإمكان الحفاظ على التسوية الرّئاسية لكن باعتماد ادارة مختلفة لها من جانب رئيس الحكومة بحيث لا يتعطل دوره وهوالذي يمثل اكثرية الطائفة السنيـة. بحيث يتخلى عن صلاحيـاتـه وحقوق اعطـيت له على غرار اهماله ما يطال مؤسسة قوى الامن الداخلي التي تعاني حظرا ماليا اوصلها الى مشارف الشلل في ادائها رغم الحاجة اليها والى شعبة المعلومات في مرحلة مواجـهة الارهـاب. لكن الحريري لم يدخل على خط معالجة هذا الملف بعد نحوخمسة اشهر على معاقبة المؤسسة نتيجة قرارات اتخذها كل من اللواء عماد عثمان ورئيس شعبة المعلومات العقيد خالد حمود وهي تدخل في الصلاحيات المناطة بهما. وذلك رغم مناشدته مرارًا عون والحـريري وبري للتدخـل بهدف رفع الاجحاف عن هذه المؤسسة وعناصرها.

وان المشنوق، تتابع الاوساط، انطلق في موقفه بهدف اعطاء ورقة للحريري لتصويب الامور في ما خص الانفتاح على سوريا واعادة التوازن للتسوية في ما يتعلق بسياسة النأي بالنفس من اجل ابقاء لبنان بعيدا عن تجاذبات الازمة السورية وتداعياتها. ولا سيما ان الدول الخليجية قد تعتمد سياسة الانقباض في علاقاتها مع لبنان باعتراضها على الاندفاع باتجاه النظام السوري.

وفي ظل هذا الواقع ثمة كلام لأوساط ديبلوماسية عربية حيال ما يشهده لبنان، وكذلك على سياسة الحريري، تتوزع وفق التالي:

أوّلا: الحرص على تجنيب الساحة اللبنانية، تداعيات أية احداث ذات صلة بالخلافات العربية. وحيث ان لبنان استلحق موقفه مؤخرًا وعمد على منع تطبيق الشعارات المعادية لعدة دول نتيجة الخلافات العربية، بعد تحرك لكلّ من سفراء مصر السعودية والامارات في اتجاه مراجع رسمية، لأن ترك لبنان يومها احدى الدول العربية وبينها قطر لتحريك شارع ضد هذه الدول، كان من شأنه ان يدفع لاعتماد سياسة شارع مقابل شارع، اي ان تحركا كان سيكون تضامنيا مع هذه الدول في مقابل هذه المواقف.

ثانيا: على اللبنانيين ان يعلموا بأن سياسة جديدة باتت تعتمد لدى دول خليجية من قبل صناع القرار من ذوي العنصر الشاب الذين يحملون فكراً علميا غير عاطفي هو الأمر الذي يتطلب معرفة التعاطي مع هؤلاء، بحيث اذا ما اتخذوا موقفاً علميا واستراتيجيا ما، لا يمكن تعديله بسهولة على خلفية اثارة العوامل العاطفية والوجدانية قباله، لان هذا الزمن قد ولى.

ثالثا: ان اعادة بناء ثقة لبنان مع المجتمع الدولي والعربي والدول المانحة، تتطلب مؤشرات لبنانية واضحة وبعيدة عن انزلاق بعض القوى في محاور إقليمية على حساب مصلحة لبنان وعلاقاته الاساسية مع الخارج. اذ على القوى السياسية، الانطلاق من هذا المعطى لأنّ لبنان يحتاج الى دعم لعدة مشاريع تبقى سياسته المحصنة والبعيدة عن التجاذبات حافزا لجلب الدعم اليه.

وتشير الأوساط الى ان الدول الخليجية ومعها مصر، تعاطت مع الاستحقاق الرئاسي اللبناني وفق قاعدة ما يتوافق عليه اللبنانيون، ولذلك بدأت كلها بتهنئة عون بعد انتخابه رئيسا وذلك على أساس ان تفاهمات حصلت، ادت الى هذا الامر.

وفي هذا السياق تكشف اوساط في 8 آذار بأن موضوع تحسين العلاقة مع سوريا، سيتخذ منحًا تصاعديًا لأن لا بديل عن هذا المسار الذي يصب لمصلحة البلدين وان خارجه يشكل مضيعة للوقت ومزايدات لن تأتي بنتائج عملية في ما خص معالجة الكثير من المسائـل بين البلدين.