مرة جديدة يبقى وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​ نجم الساحة السياسية بتصريحاته النارية التي يوجهها في كل مرة في اتجاه قضية محددة. وفي كل عرس للمشنوق قرص كما يقال وهي دائماً ما تكون صائبة وهادفة عندما تكون متعلقة بعمل الداخلية وتكون شفافة عندما تتعلق ببعض القضايا التي تعني المستقبل داخلياً وبالتحالفات للتيار الازرق.

ولكن يبدو ان حساسية المشنوق ما زالت عالية تجاه ايران وحزب الله والفرس ومنذ ايام النظام السوري والتطبيع معه ويبدو ان المشنوق لم يعد "يهضم" الوزير ​جبران باسيل​ فجاء لقاؤه مع نظيره السوري وليد المعلم وتقصد باسيل اعلانه انه هو من بادر الى اللقاء كـ"كشحمة على فطيرة" و"إجت والله جابها" وما اجمل ان تأتي "الهدايا" بغير وقت الاعياد الى شخصية كالمشنوق يحاول الاستفادة منها قدر المستطاع على طريقة المرحوم "ابو بهاء" اذ كان الرئيس رفيق الحريري يعصر الفرصة السياسية على الآخر ويستفيد منها ولو جاءت من خصم.

ومن عاصر الرئيس الشهيد يعرف ان علاقته بسورية ونظام الرئيسين حافظ الاسد ومن بعده نجله الرئيس بشار مرت بتقلبات و"طلوع ونزول" لكنه لم يقطع مع هذا النظام وبقي على تواصل معه حتى الاستشهاد على عكس ما يدعي كل من تحدث عن فترة ما قبل الاغتيال. فصحيح ان الحريري الاب عارض التمديد الثاني للرئيس اميل لحود لكنه لم يخاصم سورية ولم يعادها.

وحتى الرئيس سعد الحريري لم يعاد الرئيس لحود وسورية قبل وفاة والده ويروى ان الرئيس لحود التقى سعد الحريري في مكان اصطيافه وكان وقتها شاباً يافعاً وخجولاً.

وبناء على ما تقدم يبدو ان المشنوق لا يهدف من خلال التصويب على لقاء باسيل- المعلم فقط من الزاوية السياسية فحسب وكرد فعل على تجاوز باسيل للحريري اذ يقال انه لم يخبره مسبقاً باللقاء ولم ينسق معه قبل حصوله واعتبر ان تقصد باسيل الاعلان انه المبادر ايضاً استفزاز اضافي. فما لم يقله الحريري كي لا يوتر الاجواء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وباسيل وخصوصاً ان "التمريقات" والتسليفات التي اعطاها عون وباسيل للحريري لا يحلم بها غيره. وهذا دليل على ان التسوية الرئاسية والمساكنة بين حلفاء ايران وسورية وحلفاء اميركا والسعودية مستمرة واقتضت ان يعطى الحريري بعض الامتيازات السياسية كي يكون في

السراي مرتاحاً وكي يصالح جمهوره السني من الشمال الى الجنوب ببعض الخدمات في ظل شح الاموال والعطايا و"المكرمات" التي كان الحريري يتلقاها من السعودية.

فحملة المشنوق على باسيل سياسية بالدرجة الاولى وحركة اعتراضية على رفض السعودية اي تطبيع مع نظام الرئيس بشار الاسد والاعتراف انه انتصر على المؤامرة الكونية المستمرة منذ سبعة اعوام على سورية. كما هي رفض الاعتراف بالهزيمة وفشل ازاحته ومسحه هو ونظامه من قبل السعودية وكل من جندتهم اميركا والسعودية لتحقيق هذا الغرض. كما لا يجرؤ المشنوق والحريري وسمير جعجع ومن معهم من الحلفاء والتابعين ومن وراءهما في السعودية على الاعتراف ان كل دول العالم بما فيها اميركا وبريطانيا وفرنسا تنسق مع الاسد ونظامه امنياً وسياسياً ولو بشكل خفي الآن.

في الجانب الثاني والخفي من حملة المشنوق على باسيل، الانتخابات النيابية مطروحة على الطاولة والسلسلة قد تطير فما المانع من اثارة الغبار والصراخ قليلاً وشد العصب السني والازرق بعد الانتصارات الباهرة في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع والنجاح المسجل باسم حزب الله وايران وسورية الاسد والجيش اللبناني.

كما يمكن القول ان هناك زاوية شخصية ومفادها ان المشنوق الذي كان عراب تسويق تسوية عون- الحريري للرئاسة والحكومة بات خارج المعادلة البرتقالية بعد التحالف مع القوات فبات يعتبر ان نجمه في افول ويريد بعض "الوهج" من ظهر حليف مستجد بفعل تسوية رئاسية فرضت اقليمياً على الحريري وحلفائه في المحور السعودي.

ومن يعرف المشنوق وعن قرب يدرك ان الرجل سيستغل اية فرصة تأتيه للبقاء في الاضواء عسى ولعل تكون له حظوظ لان يشغل يوماً ما السراي فمن يدري فالسياسة لا تعرف كبيراً او ثابتاً؟