يزور وزيرا الزراعة والصناعة ​غازي زعيتر​ و​حسين الحاج حسن​ ​سوريا​ ويلتقيان وزراء ومسؤولين سوريين وسط إستقبال رسمي لافت لهما. يلحق بهما وزير الأشغال ​يوسف فنيانوس​ ويشارك في اللقاءات داخل سوريا، ومن بين الأمور التي تبحث خلال هذه اللقاءات إتفاقيات بين البلدين تتعلق بملفات حياتية كالكهرباء وغيرها. كل ذلك من دون أن يعتكف وزير من وزراء تيار "المستقبل" عن حضور جلسات مجلس الوزراء أو أن يقاطع وزير قواتي الجلسات مصوباً على ​حزب الله​ و​حركة أمل​ وتيار المرده، لا بل وسط أجواء من التقارب بين بنشعي ومعراب، ووسط تقارب في المواقف من بعض الملفات على طاولة مجلس الوزراء بين وزراء القوات ووزراء حركة أمل وحزب الله.

أما أن يلتقي وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في الولايات المتحدة الأميركية، وعلى هامش إجتماع ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​ بنظيره السوري ​وليد المعلم​، فهي خطيئة سياسية لا تغتفر بالنسبة الى ​تيار المستقبل​ و​القوات اللبنانية​، وهي التي فرضت إعتذار وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ عن مرافقة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الى باريس، وأدت الى رفع القوات الصوت عالياً، وكأن الفريقين المذكورين يريدان من تصرفاتهما الأخيرة القول علناً، يحق لحزب الله وحركة أمل وتيار المرده، ما لا يحق لغيرهم حتى لو كان هذا الغير رئيس الجمهورية أو وزير من الوزراء المحسوبين عليه أو على تياره السياسي.

ما تم تقديمه سابقاً لا تراه مصادر في ​التيار الوطني الحر​ إلا حملةً سياسية على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه السياسي، من نافذة مقاربة العلاقة بين لبنان وسوريا. علاقة لا يخجل رئيس الجمهورية بها لتأمين بعض المصالح الوطنية اللبنانية وعلى رأسها عودة النازحين السوريين الى بلادهم، وفي هذا السياق، تضيف المصادر عينها رداً على منتقدي لقاء باسيل-المعلم، "لو كان رئيس الجمهورية يتأثر بما وُجّه من إنتقادات سياسية للقاء وزيري الخارجية اللبناني والسوري، لما كشف في مقابلة صحافية عن مشاورات قائمة مع سوريا لإعادة النازحين الذين باتوا يشكلون حوالى خمسين في المئة من النسيج اللبناني، الى بلدهم، ولما قال في المقابلة عينها سأجري مشاورات مع سوريا لهذه الغاية.

إذاً إعتذار المشنوق، هو ضغط سياسي من تيار المستقبل على رئيس الجمهورية وفريقه، لفرض سياسة خارجية على لبنان، أثبتت فشلها في السنوات الماضية، لا بل أدخلت لبنان في الكثير من المشاكل التي كان بغنى عنها. ضغط لن يقدم ولن يؤخر على ما ينوي رئيس الجمهورية تنفيذه لا سيما في ملف عودة النازحين السوريين، وهو يلقى الدعم السياسي المطلوب على هذا الصعيد من تياره السياسي ومن حزب الله وحركة أمل وحتى من تيار المرده، وإذا كان تيار المستقبل يريد المزايدة سنياً بالتصدي لأي خطوة من شأنها أن تساهم بعودة النازحين الى سوريا، فلتتحمل القوات اللبنانية مسيحياً تبعات معارضتها لهذه الخطوات التي سيكشف عنها ميشال عون تباعاً، وفقاً للظروف المؤاتية.