يبدو رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية ونجله ​طوني فرنجية​ الأكثر نشاطا، شمالا، بالاستعداد للانتخابات النيابية، بمقابل انشغال رئيس "​التيار الوطني الحر​" وزير الخارجية جبران باسيل بجولات خارجية على المغتربين اللبنانيين كما بمرافقة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ بزياراته الرسمية وآخرها الى العاصمة الفرنسية باريس.

وان كان باسيل ينتظر انقضاء الشهر الحالي وصدور نتائج استطلاع الرأي الذي يجريه "التيار الوطني الحر" في معظم المناطق اللبنانية، استكمالا للمرحلة الثالثة لعملية اختيار المرشحين، ليبني على الشيء مقتضاه، فان العمل في بنشعي جار على قدم وساق، وهو وكما بات واضحا لم يعد ينحصر بتشكيل لائحة متماسكة لخوض المعركة في دائرة زغرتا-بشري-الكورة-البترون، على الرغم من أهميتها ورمزيتها، بل توسع مؤخرا ليطال دوائر أخرى في الشمال كما في بعبدا ومناطق أخرى حيث قد لا يخوض "المردة" المعركة مباشرة بل عبر وكلاء، يسعى لأن يشكل معهم في المرحلة المقبلة تحالف مسيحي عريض بمواجهة التيار العوني.

ولا تزال بنشعي تترقب عن كثب القرار الذي سيتخذه باسيل بشأن خوض الانتخابات في البترون، حتى ان مصادر واسعة الاطلاع في "المردة" تؤكد أنّهم يرجحون فرضية عدم خوضه للانتخابات النيابيّة، وبالتالي ينسجون تحالفاتهم ويجرون حساباتهم على هذا الأساس. وتقول المصادر: "اليس التيار الوطني الحر اول الداعين لفصل النيابة عن الوزارة؟ وبالتالي كيف سيبرر باسيل ترشحه للانتخابات وهو على رأس وزارة الخارجية، علما اننا نتوقع ان يعتمدها كحجة في حال أظهرت استطلاعات الرأي أن فوزه غير محسوم".

وليس بعيدا عن باسيل وفرنجية، ينصرف رئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​ للاستعداد لمعركته بعيدا عن الاضواء وبصمت. وتشير المعلومات الى انّه سيخوض الاستحقاق الانتخابي في معظم المناطق على لوائح مكتملة قواتيا من دون التحالف مع "التيار الوطني الحر"، خاصة وان التفاهم بين الفريقين اهتزّ مؤخرا بشكل غير مسبوق، وبالتحديد بعد لقاء باسيل بوزير الخارجية السوري ​وليد المعلم​، وخروج وزير الاعلام ​ملحم الرياشي​ لانتقاد هذا اللقاء ومسار التطبيع مع النظام السوري. ولا يقتصر التباعد العوني–القواتي على هذا الملف بل يطال ملفات كثيرة أخرى بينها الكهرباء والتعيينات والموازنة، الى حدّ يمكن القول ان الفريقين يختلفان على كل شيء!.

وبعكس فرنجية وجعجع، اللذان يعولان وبشكل اساسي على الداخل اللبناني استعدادا للمعركة الرئاسية المقبلة، وسّع باسيل بيكاره، وهو بات يطمح لوراثة زعامة تتخطى الحدود اللبنانية ما يجعل توليه ​رئاسة الجمهورية​ المقبلة تحصيلا حاصلا. الا ان ما يجعل رئيس "المردة" مطمئنا في هذا المجال هو كونه الخيار رقم واحد لحزب الله، الذي لم يتردد باعطائه وعدا بتولي الرئاسة بعد العماد عون، أضف ان مؤشرات انتصار النظام السوري في معركته وبالتالي المحور الايراني تجعل حظوظه هي الأكبر لرئاسة البلاد مستقبلا.

واذا كانت الانتخابات في دائرة زغرتا-بشري-الكورة-البترون ستشكل تحديا كبيرا للمرشحين الـ3 للرئاسة، كما ان نتائجها ستعكس حجم شعبية كل منهم، فللمفارقة ان وزير الخارجية السابق جان عبيد، المرشّح الدائم للرئاسة الاولى سيخوض معركته هو ايضا من بوابة الشمال، لكن من دائرة طرابلس سعيا للعودة وبقوة الى الحلبة الرئاسية التي يسعى بوضوح الثلاثي باسيل–فرنجية-جعجع للاستئثار بها.

بالمحصلة، يُخطىء من يعتقد انّه من السذاجة الربط بين الاستعدادات للاستحقاق النيابي ونتائجه وبين المعركة الرئاسية الكبرى.