في الأونة الأخيرة بدا تنظيم "داعش" أكثر إرتياحاً، بعد سلسلة إخفاقات ميدانية في ​سوريا​ و​العراق​. ظهر التفاؤل واضحاً في خطاب أبي بكر البغدادي، الذي، حاول استنهاض همم المقاتلين في تنظيمه، بعد تراجع ميداني ومعنوي تمدد على مساحات واسعة من العراق الى سوريا، مقابل اشتداد الطوق على الدواعش بإحكام روسي-سوري-عراقي.

أتى الهجوم الداعشي قرب السخنة السورية، ليفرض اعادة اعتبار لقدرات التنظيم العسكرية والتحشيدية في آن واحد، رغم الإنجازات الميدانية التي سجلها الجيش السوري في ​دير الزور​ في الاشهر القليلة الماضية. هذا يعني ان الحرب مع داعش لم تنته، ولا يمكن البتّ بخسارة التنظيم طالما انه لا يزال يحتفظ بمناطق وقدرات بشرية على مساحات سوريّة وعراقيّة واسعة. لكن ما هي اسباب الاندفاع الداعشي؟ وهل يسترد مناطق خسرها؟.

كل المؤشرات العسكرية توحي ان "داعش" لن يستطيع اعادة فرض سيطرته ولا هيبته، وكل ما يستطيع فعله هو تأخير التقدم الروسي-السوري-العراقي، واطالة أمد الحرب المفتوحة، والحاق الخسائر البشرية بأعدائه.

مجرد استعراض بسيط لمستجدات الميدان في دير الزور سورياً، أو الحويجة عراقياً، يتبين أن القوات العسكرية تتقدم ببطء أو تحافظ على إنجازاتها، التي، حققتها في الاسابيع الماضية، رغم الهجوم المعاكس الذي شنه التنظيم في شرق سوريا.

في العراق تراجع وهج تقدم ​الحشد الشعبي​ خلال الهجوم على الحويجة، بينما برز تراجع القوات الكردية عن خوض القتال ضد "داعش" وعدم مساندة "الحشد" بسبب النزاع السياسي الحاصل حول الاستفتاء في اقليم ​كردستان​.

فهل يعني ذلك تغييرا في خريطة التحالفات؟ هنا يرى المراقبون وجود ازمة حقيقية بين الحلفاء الذين خاضوا معا القتال ضد "داعش". لن يقتصر الأمر على تحييد الكرد انفسهم والاكتفاء بحصار مناطق في الحويجة، بل يتخوف مراقبون من اشتداد النزاع حول الاستفتاء الكردي الى حدود الصراع العسكري بين "الحشد الشعبي" و​البشمركة​".

لكن في شرق سوريا المتصل بالعراق، تبدو الامور اكثر اهمية لتنظيم "داعش"، خصوصا بعد نجاحه في قتل ضباط روس كبار، فلاحت علامات الاستفهام حول من اعطى الإحداثيات عنهم؟ وهل هناك دور للاستخبارات الغربية؟

يسشرس مقاتلو التنظيم بالقتال للحفاظ على شرق سوريا، وتحديدا وادي الفرات ومناطق أساسية في ريف دير الزور.

قد ينجح الدواعش في اعادة السيطرة على مناطق صحراوية خسروها في الأشهر الماضية، لكن لا قدرة عسكرية ولا بشرية لهم على تحقيق توازن قوى مع الروس والسوريين وحلفائهم، ليأتي خطاب البغدادي في خانة شراء الوقت وتأخير التقدم العسكري في شرق سوريا قدر الإمكان لتأمين ظروف أفضل للتفاوض، أو انتظار حرب عسكرية طاحنة بين الكرد والعراقيين، تتيح للتنظيم التمدد في العراق مجددا، في حال التخلي عن مناطق سورية. قد ينجح "الدواعش" في استنزاف اعدائهم وتكبيدهم الخسائر كما حصل في قتل ضباط روس ومقاتلين سوريين ومن "حزب الله" خلال الايام الماضية. لكن وقائع الميدان توحي بأن لا عودة للوراء. كرّ وفرّ في القتال من دون نتائج مهمة تصب في صالح "داعش"، رغم ان هناك من يحاول الايحاء بوجود رغبة إقليمية-دولية بمنع انتصار المحور الروسي-السوري-الايراني-العراقي بسهولة ومن دون شروط.