على الرغم من السجالات الحادة التي تسيطر على الساحة المحلية، يبدو أن تركيز أغلب القوى ينصب على التحضير لمرحلة ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة، حيث ظهرت، في مختلف الدوائر، الماكينات الإنتخابية التي تبحث عن كيفية الفوز بالمزيد من المقاعد، إنطلاقاً من القانون الإنتخابي الجديد، الذي يمثل لها تحدياً إضافياً، والسؤال الأبرز يتمحور حول كيفية تأمين العدد اللازم من الأصوات التفضيلية لكل مرشح.

وفي حين يصعب، في الوقت الراهن، الحديث عن تحالفات إنتخابية محتملة، نظراً إلى أن معظم الحلفاء يفضلون خوض المعركة مستقلين لمنع إختراق صفوفهم، تلاحظ مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن هناك تنافساً حاداً بين المشروعين الإقليميين للسيطرة على الأغلبية في ​المجلس النيابي​ المقبل.

في هذا السياق، تشير هذه المصادر إلى أن المعركة، في الجانب الأهم منها، تخاض على قاعدة الإنقسام السابق بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار، وخلفهما المشروعان الإقليميان البارزان، أي الذي تقوده المملكة العربية السعودية والآخر الذي تقوده الجمهورية الإسلامية في ​إيران​، وتوضح أن الإنقسام حول مختلف الملفات السياسية، الذي ظهر مؤخراً، أعاد إلى الحياة التحالفين المذكورين، بالرغم من الخلافات التي تعصف بين أركان كل منهما.

وتلفت إلى أن بعض أركان قوى الرابع عشر من آذار أدركوا أن القانون الإنتخابي الجديد يؤمن، إلى حد بعيد، فوز الفريق الآخر بالأغلبية في الإنتخابات المقبلة، الأمر الذي يرون فيه خطراً لا يمكن تجاهله على الإطلاق، في ظل وجود رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، المتحالف مع قوى الثامن من آذار، ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، الذي يعتبر من أبرز أركان هذه القوى، ويعتبرون أن أي خلاف بين الجانبين يستطيع "​حزب الله​" معالجته، في حين أن وجود رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ في موقعه مرتبط بالأغلبية النيابية، بالإضافة إلى التسوية التي قام بها مع "​التيار الوطني الحر​"، والتي تضمن استمراره في ​السراي الحكومي​ طوال سنوات عهد عون.

إنطلاقاً من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى سعي المملكة العربية السعودية، الذي ظهر مؤخراً، لإعادة جمع القوى المنضوية تحت لواء فريق الرابع عشر من آذار، لا سيما أنها في مرحلة مواجهة مع المشروع الإيراني على مستوى المنطقة، وبالتالي تريد الضغط على "حزب الله" والقوى المتحالفة معه محلياً، حيث تعتبر أن الإتفاق بين "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل" غير كاف على هذا الصعيد، والمطلوب ضمان الحصول على الأغلبية النيابية، الأمر الذي يصطدم بحسابات حلفائها، خصوصاً رئيس الحكومة الذي قد يتنافس مع حلفاء آخرين في أكثر من دائرة، لا سيما الوزير السابق ​أشرف ريفي​ ورئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​، والأمر نفسه ينطبق على القوى المسيحية، أي حزبي "​الكتائب​" و"​القوات اللبنانية​" والقوى والشخصيات الأخرى.

في الجانب المقابل، تؤكد المصادر أن قوى الثامن من آذار، لا سيما "حزب الله"، تعمل على إعادة ترتيب أوراق قوتها، وهي تسعى، إنطلاقاً من القانون القائم، إلى إدارة اللعبة الإنتخابية بشكل يؤمن لها الفوز في الأغلبية النيابية، حتى لو فرض ذلك تنافساً بين بعض الحلفاء في دوائر معينة، على إعتبار أن الخلافات الجانبية هي حول بعض الملفّات الداخلية، في حين أن التوافق تام حول العناوين الإستراتيجية الكبيرة.

في المحّصلة، تحدد المصادر السياسية بعض العناوين الرئيسية التي ستسيطر على المرحلة المقبلة:

كل محور إقليمي يسعى إلى تأمين سيطرة حلفائه على الأغلبية البرلمانية، بغض النظر عن الطريقة التي تخاض فيها المعركة.

اطمئنان رئيس الحكومة إلى موقعه في ​رئاسة مجلس الوزراء​، لكنه يخشى خسارة الأغلبية النيابية، نظراً إلى أن ذلك سيفرض عليه تقديم المزيد من التنازلات.

غالبية أركان قوى الرابع عشر من آذار لا ترى نفسها مضطرة إلى الإلتزام بالتحالف مع "المستقبل"، لا سيما في ظل التعاون بين الأخير والتيار "الوطني الحر".

"حزب الله" يسعى بكل قوته إلى معالجة الخلافات بين أركان قوى الثامن من آذار، بهدف ضمان حصولها على الأغلبية النيابية.

"التيار الوطني الحر" يريد تكريس نفسه، في ظل قيادة وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، الفريق المسيحي الأول.

تيار "المردة" و"القوات اللبنانية" يسعيان إلى تعزيز حضورهما في أكثر من دائرة، تحضيراً لمعركة الرئاسة المقبلة.