كثرت التحليلات والتفسيرات حول الزيارة التي قام بها عدد من وزراء الحكومة الحالية الى دمشق، وكذلك لقاء وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري ​وليد المعلم​، وعلاقة هذه التطورات بما يتردد من ان ​حزب الله​ يعمل على اعادة النفوذ السوري الى ​لبنان​، وإسقاط مقولة النأي بالنفس التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة منذ اندلاع الحوادث الدامية في الدولة المجاورة.

وتذكر مصادر سياسية انه في العام 2005 يوم خرج الجيش السوري من لبنان بقرار أميركي، قالت له القيادة في حزب الله من ​ساحة رياض الصلح​ "الى اللقاء ​سوريا​".

وترى مصادر سياسية متابعة لهذا الملف ان عودة العلاقات بين لبنان وسوريا تحكمها موازين القوى في المنطقة، وان هذه الموازين تسمح حتى يومنا هذا، بامكانية تطبيع العلاقات السورية-اللبنانية من قبل بعض الوزراء من 8 اذار الذين يشكلون أكثرية من غير موافقة رئيس الحكومة سعد الحريري او توقيعه، خصوصًا وبعد اكثر من ستة أعوام على الحرب في سوريا، يبدو ان ما يجري التفاهم عليه دوليا واقليميا يعطي أرجحية لموقع النظام بغض النظر عما تتداوله الجهات الدبلوماسية عن مناطق نفوذ في سوريا.

وتقول المصادر انه انطلاقا من هذه المعطيات يدفع حزب الله باتجاه تطبيع العلاقات السورية-اللبنانية، ولكن أهداف هذا التوجه تختلف تماما عن السابق من حيث الدور الذي لعبه السوري على الساحة السياسية الداخلية اللبنانية وتحكّمه بمفاصل وتفاصيل اللعبة بكل جزئياتها المملة، ابتداء من اختيار النواب ونص القوانين وتشكيل الحكومات، وفض النزاعات بين القوى السياسية، والى ما هنالك من امور جعلت الكلمة الاولى والاخيرة في الشؤون اللبنانية للنظام السوري.

وتعتقد المصادر نفسها ان حزب الله يعرف تماما بالرغم من الاتهامات التي يوجهها خصومه بأنه يسعى للتحكم بالسياسة الداخلية اللبنانية، انه ورغم قوته العسكرية والإقليمية، يبقى دوره في القرارات الداخلية محدودا نظرا للتركيبة الطائفية في لبنان، بمعنى انه لا يمكن ان يفرض او يطالب، وعلى سبيل المثال بأكثر من حصة ​الطائفة الشيعية​ في الدوائر الحكوميّة، كما انه لا يستطيع فرض موظفين آخرين من طوائف اخرى، اي انه لا يمكن ان يلعب نفس الدور الذي كان السوريون يلعبونه إبّان احتلالهم للبنان .

واكدت المصادر ان عودة النفوذ السوري الى لبنان كما كان قبل العام 2005 امر مستبعد ومستحيل، لكنه سيستعيد جزءا من هذا النفوذ، اذا ما صحت التوقعات بأن الرئيس السوري ​بشار الاسد​ باق في السلطة.

وشددت المصادر على ان محاولة حزب الله التطبيع مع دمشق بعد الدور الذي لعبه في عدم انهيار النظام في سوريا، هي كي يجيّر السوريون نفوذهم المرتقب في لبنان الى للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فيتعزز موقفه على الصعيد الداخلي، بعد ان برهن على قوته ونجاحه في تجنيب لبنان ويلات التكفيريين والتصدي للاسرائيليين، اي ان يصبح تحكم الحزب في الامور الداخلية اللبنانية مقنع بارادة سوريّة، ولكن عمليا فإن الحزب سيكون صاحب القرار النهائي والأخير .

وخلصت المصادر الى انه في حال تمكّن حزب الله من تحقيق ما يخطط له يكون بذلك دخل من البوابة السوريّة لتكون له الكلمة الفصل في معظم الملفات الداخلية، وعندها تصبح اتهامات البعض له بأنه يريد حكم البلاد مبررة، ولن تبقى في اطار النكد السياسي الجاري حاليا .