احتار الجميع في تسمية الحكومة الحالية، فاقترحوا بداية ان تكون محصورة بالانتخابات ومن بعدها تأتي حكومة "العهد الأولى"، يبدو أن الرياح تجري بما لا تشتهي سفن التسميات، فبعد أن كادت الحكومة تبلغ العام من عمرها اختلف اسمها، وبالتالي عناوين عملها واهدافها، انما السؤال هو هل سيسمح لها بتحقيق الأهداف؟.

في كل مرحلة من المراحل السابقة واجه ​مجلس الوزراء​ عقبات اعترضت طريق عمله، وهو ظاهريا اليوم انتهى من "الأزمات" التي لها علاقة بشؤونه الداخلية، ولكن ذلك لا يعني أن "الوئام" سيسيطر على جلساته، بحسب ما تقول مصادر سياسية عبر "النشرة". وتضيف: "إن الأساس في ملفّ العمل الحكومي هو المناخ السياسي الإقليمي، فإذا كان مساعدا تذلّل العقبات، والعكس تماما"، مشيرة الى أن الواضح اليوم أن السعوديين ينتهجون سياسة مختلفة عما سبق، فاستدعاء القوى السياسية اليها يهدف لتطويق العهد الجديد المتحالف مع ​حزب الله​، ومنع حصول أي "تصحيح" للعلاقات اللبنانية السورية.

وتلفت المصادر النظر الى أن الموقف السعودي الذي عبر عنه وزير الدولة لشؤون الخليج ​ثامر السبهان​ سابقا هو "سياسة" المملكة الجديدة في لبنان، فإما أن تكون مع حزب الله وإما ضده، مشيرة الى أن هذه الرسالة كانت موجهة لرئيس الحكومة ​سعد الحريري​. وتضيف: "الأخير لم يعط اشارات ايجابية لناحية تلقفه الموقف السعودي وشدد في أكثر من مناسبة على أن توافقه مع الحزب هو لتسيير العمل الحكومي فقط". وتكشف المصادر ان زيارة الحريري الى السعودية في الساعات القليلة المقبلة ستكون حاسمة لناحية صموده على موقفه التوافقي أو تغييره.

ماذا يحمل الحريري للسعودية؟

لن يذهب رئيس الحكومة الى السعودية خالي الوفاض، بل متسلحا بأمرين أساسيين، الأول سيكون تمسكه الجدي بالحكومة الحالية بحال لم يكن السعوديون يملكون "خطة" كاملة للمواجهة، والثاني هو لقاؤه الأخير ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ في كليمنصو بدارة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب ​وليد جنبلاط​. وفي هذا السياق تقول المصادر أن الحريري يرفض مبدأ التخلي عن الحكومة الا بحال أبدت المملكة استعدادا كاملا لتأمين "عدّة" المواجهة مع ايران وحزب الله وأبرزها الأموال الكافية لاجراء الاستحقاق الانتخابي.

أما بالنسبة للقاء رئيس الحكومة مع برّي وجنبلاط، تكشف المصادر ان المسؤولين السعوديين نصحوا الحريري منذ فترة بأن يعيد علاقته مع جنبلاط الى سكّتها السليمة ويحافظ على علاقته الجيدة مع بري، والمقصود من ذلك بحسب المصادر "تقوية" جبهة سياسية تعيد التوازن الى السياسة اللبنانية. وتؤكد المصادر أن الحريري الذي لا يزال ملتزما بالتسوية التي قادته الى رئاسة الحكومة، أبلغ جنبلاط ان تحالفه مع رئبي ​التيار الوطني الحر​ وزير الخارجية جبران باسيل لن يستمر لانه يُخسره في شارعه، مع التشديد في الوقت الراهن على صمود الحكومة ومنع تسرّب التوترات الى لبنان.

المفاجآت مع بداية العام

في سياق متصل تؤكد المصادر أن الظروف الراهنة ليست مهيّأة لتطيير الحكومة، الا أن ذلك لا يعني ان حالة من الوفاق ستسود جلسات مجلس الوزراء، بل ستكون المناوشات مسيطرة في اغلب الأحيان، تمهيدا لانطلاق المعركة السياسية المفتوحة مع بداية العام الجديد قبل اشهر قليلة على موعد الانتخابات النيابية. وتضيف: "إن المواجهة الأصعب ستكون بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، خصوصا بعد أن بدأ مسؤولو الاخيرة بانتقاد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بشكل علني مؤخرا"، مشيرة الى أن رأس السنة سيكون موعد المعارك الكبرى. وفي نفس الاطار تكشف المصادر ان العام الجديد سيحمل الكثير من المفاجآت، خصوصا بعد "همس" مستشارين الحريري له بضرورة تقديم استقالته بحال استمر برئاسته للحكومة قبل الانتخابات النيابية بشهرين او ثلاثة، ولأسباب لها علاقة بموقفه السياسي من حزب الله والعلاقة مع سوريا مما يساهم بتحسين وضعه الانتخابي في شارعه.

وتكشف المصادر أن استدعاء السعودية لجعجع كان لـ"فكّ" ارتباطه بالعهد الجديد، ومحاسبته على انفتاحه على حزب الله في الأشهر الماضية، والقول له بأن مجرد التلويح بالاستقالة من الحكومة ليس كافيا، مشيرة الى أن نتائج الزيارة تُرجمت بشكل سريع من خلال التصريحات المنتقدة لباسيل. وتقول المصادر: "لم تكتف المملكة بحديثها مع جعجع ليفهم موقفها المنتقد لسياسته، بل كانت دعوة رئيس ​حزب الكتائب​ النائب سامي الجميل الى جانبه "رسالة" بحدّ ذاتها، خصوصا وان قائد "القوات" قد اعترض سابقا على "مساواته" بحجم الجميّل السياسي، معتبرا نفسه قطبا مسيحيا مساويا للرئيس ميشال عون.

حتى هذه اللحظة لا تزال الحكومة تحافظ على وحدتها بوجه الرياح الاقليمية القاسية، انما لن يحظى اللبنانيون بأيّام سلام وازدهار، فالمعارك السياسية الكبرى أصبحت على الأبواب.