بعد نجاح ​الجيش العراقي​ و​الحشد الشعبي​ في تحرير قضاء الحويجة بالكامل، وفي الشطر الثاني من الحدود يواصل ​الجيش السوري​ وحلفاؤه تقدمهم نحو مدينة الميادين في محافظة ​دير الزور​، إستكمالاً لعملية تطهير البادية السورية، والوصول الى الحدود العراقية لملاقاة العراقيين، ومتابعة عملية كسر الحصار والعزلة التي حاولت المجموعات المسلحة بتوجيه من إدارتها الخارجية فرضها على سورية، بالتالي إعادة وصل الخط الاستراتيجي بين بيروت وطهران وتثبيته.

ويسجل الواقع الميداني في العراق وسورية قرب نهاية تنظيم "داعش"، ويبشر أنه لم يتبق طريق طويل لإلحاق الهزيمة الكاملة به. كذلك كان نجح ​الجيش اللبناني​ والمقاومة في تطهير جرود ​سلسلة الجبال الشرقية​ المتصلة بالأراضي السورية من مسلحي تنظيمي "​جبهة النصرة​" و "داعش" الإرهابيين، في الصيف الفائت، وبذلك بات لبنان خالٍ من الوجود العسكري للفصائل الإرهابية المرتبطة بالقاعدة.

وبعد أفول نجم "داعش" في المنطقة، تسعى الولايات المتحدة الى خلق بؤرة توتر جديدة وبديلة، لإطالة أمد الأزمة التي تعانيها الأولى، من خلال تقديم الدعم اللوجستي للأكراد في سورية ومساندتهم في تحقيق حلم إقامة "مشروع الكونتون" الذي يروادهم عبر الزمن، وبدأت الحركات الإنفصالية تتجسد عملياً، من خلال الإستفتاء الذي دعا إليه حاكم أقليم ​كردستان​ مسعود البرزاني "لاستقلال" الإقليم عن العراق. الأمر الذي لاقى رفضا من أبرز دول المنطقة، تحديداً من تركيا، إيران، العراق، وسورية، فشكل هذا التحرك الكردي، تقاطعا استراتيجيا بين هذه الدول لمواجهته، ما يعرقل فرص نجاحه وتحقيقه، هذا اذا لم يسقطها نهائياً.

لاريب أن هذا الواقع المذكور آنفاً وهذه التطورات الأخيرة، التي تؤشر الى غلبة محور المقاومة في المنطقة، ستدفع حتما أعداء هذا المحور الى تزخيم الضغوط عليه، وفي شكلٍ خاص على أحد أبرز مكوناته، وهو ​حزب الله​ الذي أدى دوراً كبيراً وأسهم إسهاما فاعلاً في إسقاط مشروع تفتيت المنطقة، وإنقاذها من الوقوع في أيدي التكفيريين الإرهابيين.

وأظهرت إنجازت المقاومة اللبنانية مدى حجم الرهانات الأميركية ــ الإسرائيلية ــ السعودية التي أسقطها محور المقاومة في المنطقة. ويوماً بعد آخر، ينكشف قدر التناغم بين واشنطن وتل أبيب والرياض، الذين علت تهديداتهم للبنانيين مؤخراً، الأمر الذي يثير المخاوف من محاولة إثارة فتنة بين اللبنانيين أو الإيحاء لبعض الخلايا النائمة بالتحرك عند الضرورة. في المقابل هناك جهوزية ردعية واضحة لدى المحور، بحسب تأكيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير عندما قال: "ان اليد التي ستمتد الى لبنان ستقطع".

في الداخل اللبناني، يبدو أن السعودية تعمل تجميع ما كان يعرف بحلف "​14 آذار​"، إستعداداً للمرحلة المقبلة، وبدى ذلك جلياً من خلال إستدعاءات بعض مكونات هذا الفريق الى السعودية. بالإضافة الى ذلك يسعى أعضاء هذا الفريق الى إستنهاض شارعهم، عبر إطلاق الخطب التعبوية المبتذلة، وإيهام الرأي العام، بأنهم غيارى على مصالحه.

أما في الشق العملاني، يسعى تيار "المستقبل" المرتبط مباشرة بالرياض الى ترميم صفوفه، بعد الإنشقاقات التي ضربتها، خصوصاً حركة اللواء أشرف ريفي، للغاية زار الأمين العام "للمستقبل" أحمد الحريري طرابلس مسقط رأس ريفي، وأكبر المدن السنية في لبنان، مرتين في غضون أسبوع منذ ايامٍ قليلة.

كذلك يسعى التيار الأزرق الى تعزيز حضوره في عاصمة الشمال أيضاً، من خلال إجراء المناقلات في بعض المراكز القضائية والعسكرية والأمنية في شكلٍ مناسب له، إفساحاً في المجال لتقديم الخدمات الى جمهوره الذي أصابه التضعضع، نتيجة الإنشقاقات وغياب الخدمات عن الفيحاء. في المحصلة قد تكون هذه الإستفاقة الحريرية لتحقيق هدفين في آنٍ معاً: لملمة شارعه تحضيراً لأي مواجهة مرتقبة مع محور المقاومة، وتجميع أوراقه ورصها لخوض ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة في حال حصولها.