في كل عام تتجه الأنظار في موسم "الحج" الى المملكة العربية السعودية التي تنظم هذه الشعيرة الدينية المقدسة لدى المسلمين حول العالم، وفي هذه السنة جاء التنظيم السعودي مثاليا لناحية الاهتمام بالحجيج وتطوير كل ما من شأنه أن يريح هؤلاء للقيام بواجبهم الديني، وإن ابدى البعض امتعاضهم من "التطويرات والتوسيعات" التي قامت بها السعوديّة في "الحرم الشريف" والتي أدت لخسارة الشعور الروحاني الذي كان سائدا منذ زمن.

اذا قامت السعودية بواجبها تجاه الحجيج ومنهم اللبنانيين، ولكن "الخلل" هذه المرة وقع في أداء هيئة شؤون الحج والعمرة اللبنانية، التي ساهمت في عملها بالتضييق عليهم وشركات الحج اللبنانية.

هيئة شؤون الحج والعمرة هي الهيئة المكلفة من ​رئاسة الحكومة​ اللبنانية بتنظيم وإدارة شؤون الحج والعمرة تحت إشراف الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهي المرجع الصالح والوحيد للتعاطي بجميع هذه الأعمال، والتنسيق مع الجهات المختصة كل حسب اختصاصه. وبحسب مصادر "​النشرة​" فإن هذه الهيئة مسؤولة عن شركات الحج اللبنانية، وهي الوحيدة المخوّلة التعاطي مع السلطات السعودية لحجز ​الفنادق​ والباصات والخيم وكل الأمور الأخرى، فأين حصل الخلل؟.

ما يقارب الـ 50 شركة لبنانية تُعنى بشؤون الحج والعمرة، تنظم سنويا ما يُعرف بـ"حملات الحج" فتتولى الاشراف على شؤون "الحاج" من أولها الى آخرها مقابل بدل مادي، بالتنسيق مع هيئة شؤون الحج. هذا العام بحسب مصادر مطلعة تصرّف المسؤول في هيئة شؤون الحج والعمرة (تتحفّظ النشرة عن ذكر اسمه) وكأنه "الحاكم بأمر الله" فأجرى الاتفاقيات مع احدى شركات النقل السعودية منفردا دون العودة للشركات اللبنانية، ودفع الأموال، وفي بعض الأحيان كلّف الشركة أكثر من قدرتها على الدفع أو أكثر مما أراد "الحاج" الدفع، مشيرة الى أن بعض هذه التصرفات وإن كانت لمصلحة الحجيج في أحيان معينة الا أنها جاءت بظل تفرّد في اتخاذ القرار وهو ما لا يمكن القبول به، خصوصا وأن قيمة هذه العقود تصل الى ملايين الدولارات.

وفي سياق متصل تلفت المصادر النظر عبر "النشرة" الى أن السلطات السعودية تعتمد على نظام سهل يسير لحجز غرف الفنادق أو الشقق السكنية، والتقنية هي عبارة عن عرض وطلب يتلاقيان على الانترنت فيتم الاتفاق بـ"كبسة زر" دون حاجة الى تبادل الاوراق والمستندات وغيرها من الامور الروتينية القديمة، مشيرة الى أن هذه التقنية لم تعجب المسؤول في هيئة شؤون الحج التي تحتاجها الشركات لإجراء العقود لها، كونه كما ذكرنا سابقا هو المخول الوحيد بالتعاطي مع السعوديين نيابة عن الشركات اللبنانية التي تدفع للهيئة الاموال المطلوبة مقابل هذه الخدمات. وتضيف: "أصر على طلب المستندات والاوراق مما أدى الى تأخير استئجار الغرف لكثير من الشركات اللبنانية لمدة تتراوح بين يوم وثلاثة أيام، علما ان الفنادق تستوفي حقوقها كاملة ولا يعنيها التأخير الذي سببته إجراءات الهيئة والتي لا تنسجم مع الانظمة السعودية المرعية الإجراء".

وتكشف المصادر أن الشركات اللبنانية لا تريد "سلب" دور هيئة شؤون الحج والعمرة، وهي تعلم وترضى بما تقوم به الهيئة لناحية التحكم بأسماء الحجيج، بالاضافة الى تغاضيها عن كثير من القرارات المنفردة، ولكنها لن تقبل بأن تُحارب من قبل الهيئة لأجل ضربها ودفعها للانسحاب، مما يعني استفراد هيئة شؤون الحج عبر هذا المسؤول أو ذاك بتنظيم "موسم" الحج" للبنانيين وبالتالي "صبّ" الأرباح في جيب واحد.

ما كان خافيا منذ مدة أصبح مكشوفا اليوم، فالحرب بين هيئة شؤون الحج والشركات اللبنانية ليست جديدة، بل مرّ عليها فترة من الزمن، ولكنها اليوم تطفو على "سطح" الإعلام، فهل تتدخل رئاسة الحكومة لتنظيم الخلافات قبل تفاقهما؟.