المسيحية​ هي رسالة سماوية، والمسيحيين هم ضمير هذا الشرق، والخميرة الصالحة في عالم غارق بالكفر و​الإرهاب​ والاجرام الشهوات والماديات والملذات. منذ أكثر من ألفي سنة جاء المسيح لخلاص البشرية من الخطيئة. يذكر ان المسيحيين: هم"نور العالم"، وهل يخفى النور؟ نور المسيحية لن يخفت. لن يستطيع أحد ان يقتلعنا من شرقنا، مهد المسيحية ومهد ​الديانات​ السماوية، لأننا متجذرين في هذه الأرض المباركة، التي لامستها أقدام السيد المسيح... نحن نبض هذا الشرق والدم الذي يجري في عروقه. ولا يمكن ان تكتب الحياة الحقيقية لهذا الشرق بدون الوجود المسيحي. نحن نؤمن ونسعى دائما لبناء تعايش سلمي حضاري مع إخواننا في الأديان الأخرى. المسيحي المشرقي، الحقيقي، أينما وجد هو خميرة صالحة، ورسول سلام ومحبة، مرجعه الأول والأخير ​الإنجيل​ المقدس وتعاليم السيد المسيح. وحسب هذه التعاليم: المحبة لا تسقط أبدأ. ثلاثة أشياء تثبت في النهاية: الإيمان والرجاء والمحبة واعظمهن المحبة. لقد سعى المسيح لخلاص جميع الناس من ظلمة هذا العالم. عمل الله الخلاصي قد تم: بالمسيح المصلوب والقائم من بين الأموات الذي وهبنا حياة جديدة نحياها في طاعة وصاياه وفي روح الإنجيل. بالإيمان الحقيقي، وبسر المعمودية حلت علينا نعمة الروح القدس، واصبحنا أبناء النور ومشروع قداسة. لقد علمنا السيد المسيح نكران الذات وأننا حين نخدم ونتعب من أجل الآخرين، إنما نخدهم إيمانا منا بالمسيح. يقول لنا: "من يحمل صليبيه ويتبعني ينال الحياة الأبدية". والصليب هو ان نتحمل كل ما في الحياة من أوجاع وعذاب وآلام لكي نصل إلى جلجلة القيامة. علمنا ان نحب كل من هو على فراش الألم ونخدمه ونرعاه بفعل المحبة الحقيقية وبروح التضحية. لا خوفا من كلام الناس. لأن بذلك محبة للذات، ولكن أنانية بعض الابناء قد توصلهم إلى إهمال الأهل وهم على قيض الحياة، وعند الوداع الأخير يظهرون لهم التمجيد والإكرام. الذي هو تمجيد واكرام للنفس. في حين قد علمنا السيد المسيح: "ان نحب قريبنا كنفسنا" كيف بالحري الأهل والاقارب. فالواجب يدعونا ان نعتني بهم ونحبهم ونرعاهم في شيخوختهم. وان نتحلى بروح التواضع والصبر على المصاعب التي تواجهنا، ونتحمل صعوبات الخدمة. لقد علمنا يسوع الصلاة الربانية بان ندعو الله يا أبانا: "أبانا الذي في السماوات ليتقدس إسمك". المسيح قد أوصى بالمحبة مع ما يرافقها من أعمال إنسانية صالحة. وعلمنا بأن الإيمان وحده لا يكفي إذا لم يقترن بالاعمال الحسنة التي تجسد هذا الإيمان. المسيحية هي ان تحب الآخر، وتتقبله كما هو، وتسامحه وتبرر له زلاته، ولا تدينه "لا تدينوا لكي لا تدانوا"...

ان تشاركه متاعبه وهمومه والامه، وتضحي من أجله. بصليب المسيح صار الخلاص للبشرية. بصليب المسيح ولدنا من جديد. لقد جسد المسيح محبة الله "وأسلم نفسه لاجلنا" وافتدانا بدمه الكريم. لقد أباد الموت "ومنحنا الحياة الأبدية والرحمة العظمى". والقيامة هي اساس خلاصنا. لقد علمنا ان نتوكل على الله ونسلمه كل همومنا... ونقول له: "لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض" المسيح حاضر بيننا وفي داخلنا. والمسيحية تعلمنا بأن "ملكوت السموات في داخل كل واحد منا". وهو مصدر فرح حقيقي لنا.

يقول بولس الرسول: "ليس ملكوت السموات اكلا وشربا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس". المسيحية هي علاقة محبة خالصة لله وللآخرين. لقد علمنا المسيح كيف ننسى ذواتنا، ونضحي من أجل من نحب، "احبب قريبك كنفسك" والقريب هو كل انسان من خلال عمل الرحمة نصنع قريبا. اعطانا مثالا على ذلك "السامري الصالح" بالأمثال قرب المسيح تعاليمه لعقول الناس، كمثل "زكى العشار" الذي نال المغفرة لخطاياه لأنه عمل بتعاليم المسيح: "أعطوا ما لقيصر لقيصر" تجسد المسيح، وظهر متواضعا، ليعلمنا التواضع، وفي تواضعه نرى الرفعة، هدف المسيحية السعي للوصول إلى الملكوت السماوي. وذلك باقتناء المحبة، وروح التواضع، والتسامح، والصبر على مصاعب الحياة، والتضحية، ونكران الذات. وأن تكون العائلة المسيحية على مثال تعاليم المسيح. وبأن يكون الرباط العائلي مقدسا، وأن يكون المؤمن المسيحي مثالا حيا لصورة المسيح: "لأنني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضا"، حتى أنه نبه من حبائل إبليس: "لأنه كذاب وأبو الكذب لا يزال يفسد سبل الله المستقيمة". المسيحية هي دستور حياة، ومرتبطة بالواقع، خلافا لما يدعيه البعض ان الديانة المسيحية لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع وبأنها مثالية. المسيحية قد حررت الإنسان، اتخذ المسيح هيئة إنسان، والروح لبست جسدا مرئيا، المسيح قدس العالم الذي خلقه آلله وباركه وقدسه، ولكن روح الشر في هذا العالم والمصالح الذاتية وعبادة المادة وحب التسلط أشياء حجبت نور المسيح عن بعض البشر، ولكن يبقى لنا الرجاء بالمسيح، واهب الحياة، مهما قوي الشر، نحن أبناء الرجاء، أبناء القيامة، "انظر الرب وتقو وشدد قلبك، واعلم ان الرب سيأتي إليك ولو في الهزيع الأخير من الليل". تراثنا المسيحي المشرقي غني بالقيم والمبادىء الإنسانية والأخلاقية والروحانية. فلنلتزم ونتمسك بهذه المبادىء المسيحية لأن حياتنا ظلمة بدون وجود المسيح فيها، فهو مصدر لكل خير وصلاح ونور وعدل، وبدونه لن نحصل على الخلاص لأنفسنا ولن نحظى بنعمة الملكوت.