في ظلال ​المصالحة الفلسطينية​ "الفتحاوية-الحمساوية" برعاية مصرية بعد خلافات دامية وطويلة، والتي ترخي باجواء من الارتياح العام في مخيمات لبنان، حيث يبقى الرهان الحقيقي على تطبيق بنود اتفاقياتها، على ان تشمل في مرحلة لاحقة في تشرين الثاني المقبل كافة القوى الفلسطينية لاعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وبناء وتطوير مؤسسات ​منظمة التحرير الفلسطينية​ على قاعدة المشاركة والشراكة، تقدمت ثلاثة ملفات الى واجهة الاهتمام السياسي والامني الفلسطيني، أوحت بشكل واضح ان القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية عازمة على تفكيك "القنابل الموقوتة" في مخيم ​عين الحلوة​ التي تبدأ بـ"قضية المطلوبين"، وتمر بإستيعاب تداعيات إستكمال بناء ​الجيش اللبناني​ للجدار الإسمنتي في مرحلته الأخيرة في منطقة حطين عند الطرف الجنوبي، وتنتهي ببلسمة جراح أبناء المخيم لجهة التعويض المادي عليهم جراء الاضرار والتي لحقت بمنازلهم المدمرة او المتضررة في "حي الطيرة" بشكل رئيسي وبقية الاحياء المجاورة، ايذانا بعودة الحياة الى طبيعتها، حيث لم تنتظم بعد رغم كل جهود التهدئة الامنية.

​​​​​​​

قضية المطلوبين

في قضية المطلوبين، بعد تشكيل لجنة مركزية خاصة، "لجنة متابعة ملف المطلوبين في عين الحلوة" برئاسة أمين سر اقليم حركة "فتح" في لبنان حسين فياض، باشرت أولى جولتها الميدانية لرسم "خارطة طريق" لمعالجة هذه القضية الشائكة والمعقدة، حيث جالت على القوى السياسية والروحية والامنية اللبنانية في صيدا، على ان تستكملها في غضون اليومين المقبلين مع "التنظيم الشعبي الناصري" وحركة "أمل" و"حزب الله" ورئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة ​الشيخ ماهر حمود​"، بعد لقائها النائب ​بهية الحريري​، ومفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان، وغيرهم من الشخصيات حيث وضعتهم في اجواء عملها الميداني.

واكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة" ان اللجنة وضعت "خارطة طريق" ثلاثية الابعاد لمعالجة قضية المطلوبين في المخيم وتقوم على ثلاث نقاط (تصنيفهم، أعدادهم، التهم الامنية الموجه لهم)، الاولى تصنيفهم على ثلاث فئات، مجموعة طرابلس أي الارهابي ​شادي المولوي​ ومن معه، مجموعة صيدا اي انصار الارهابي أحمد الاسير، والمجموعة الفلسطينية اي ابناء المخيم، بما فيها "البلالين" بلال بدر وبلال ابو عرقوب، الثانية، انجاز كشف بأعدادهم الحقيقية بعيدا عن "القيل والقال" والترجيح والاحتمال، من خلال كشف موحد يضم الجميع وعبر التعاون مع القوى الاسلامية والناشطين الاسلاميين، وهم وفق التقدير الاولي لا يتجاوزون في أفضل الاحوال 200 مطلوبا، الثالثة التهم الامنية الموجهة لكل منهم والاحكام المتوقع صدورها بحقهم، على ان يتم تفكيك القضية، بين مطلوبين عاديين يمكن اقناعهم بتسليم انفسهم واسقاط التهم عنهم خاصة اذا كانت تتعلق بقضايا بحث وتحر أو وثائق إطلاق نار، وبين خطيرة والخيارات متعددة ومن إحداها: الخروج من المخيم كا دخلوا مثلما فعل المصري فادي إبراهيم أحمد علي أحمد "أبو خطاب" (26 عاماً) الذي اتهم بانه "العقل المدبر" لخليّة من تنظيم "داعش" الارهابي، او القاء القبض عليهم بعملية أمنية او إستدراج مثلما حصل مع خالد السيد المتهم بانه العقل المدير لخلية "جحيم رمضان" التي اوقفها الامن العام اللبناني، او تسليم أنفسهم طوعا مثلما فعل الفلسطيني محمود احمد الحايك المتهم بالانتماء لتنظيم "إرهابي" او وئام الصاوي المقرب من بدر وغيرهما الكثير.

جدار حطين

الى جانب قضية المطلوبين، تواجه القوى الفلسطينية تحديا جديا في استيعاب تداعيات استكمال الجيش اللبناني بناء الجدار الاسمنتي في منطقة "حطين" عند الطرف الجنوبي للمخيم الغربي، مع استمرار بعض الاعتراضات، حيث شهدت الساعات الماضية، لقاء هام عقد في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا، بين مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادة وبين رئيسي "لجنة لوبيا" ابو وائل زعيتر، و"حطين" علي اصلان، وصف بأنه "ايجابي" و"مثمر"، وقد تناول موضوع بناء الجدار في المنطقة المتعلقة بمجمع منصور عزام الذي يضم موقف يتسع لنحو 250 سيارة، ملعبين لكرة القدم وصالة أفراح، ومعهم مسبح، واشكالية العقد مع صاحب الارض من آل جرادي، وقد أبلغ العميد حمادة مجددا ان كل الاراضي اللبنانية اذ لم تكن "مشتراة" أو "مستأجرة" ستكون خارج حدود المخيم الجغرافي وفق ما قررت قيادة الجيش في اليرزة.

وابلغت مصادر فلسطينية "النشرة" ان منصور عزام سيصل الى عين الحلوة اليوم قادما من المانيا التى غادر اليها بعد اعلانه حل "لجنة السلم الاهلي" في المخيمات الفلسطينية في لبنان، التي كان يترأسها في أيار عام 2016 بعد سلسلة من الاحداث الامنية المتنقلة، لمتابعة هذا الموضوع القانوني مع صاحب الارض، فاذا تم التوصل الى اتفاق يعاد النظر في الامر، وان احد الحلول المطروحة، فتح "بوابة للمشاة" عليها مراقبة من عناصر الجيش، يمكن لابناء المخيم ان يركنوا سياراتهم في الموقف والدخول منها الى الحي وباقي الاحياء المجاورة.

وأوضحت مصادر فلسطينية، ان العميد حمادة يتعاطى مع الموضوع بجدية وحكمة وتروٍّ معا، بهدف تذليل اي عقبات وصولا الى توافق يقطع الطريق على اي توتير أمني او فتنة، ويعزز من أجواء الثقة بين الجيش اللبناني وأبناء المخيم الذين ينظرون على انه جيش وطني، لا يريد اشكالات مع اي من مكونات المجتمع الفلسطيني، على اعتبار ان حربه المفتوحة تقتصر على المطلوبين والارهابيين ومن يحاول ان يستهدف الاستقرار الداخلي والسلم الاهلي اللبناني دون ان يؤدي الى اي اقتتال، وينتظر عقد لقاءات في كل الاتجاهات من اجل حسم هذا الموضوع في غضون اسبوعين على ابعد تقدير.

تعويضات الاضرار

وبينهما فان التحدي الثالث، يتعلق بقرار وكالة "الاونروا" بدء المسح الميداني لفريق من الهندسة للمناطق المحيطة بـ"حي الطيرة" في ​مخيم عين الحلوة​، والتي تعرضت لاضرار جسيمة في الاشتباك الاخير الذي وقع بين القوة المشتركة الفلسطينية وقوات الامن الوطني الفلسطيني من جهة وبين مجموعتي الاسلاميين المتشددين "بلال بدر وبلال ابو عرقوب" من جهة ثانية، وتقدير كلفة الاضرار المادية، على ان يتم توزيع مساعدات مالية الى أبناء "حي الطيرة"، الامر الذي اعترض عليه باقي المتضررين في الاحياء المجاورة، خلال لقاء جمع لجان القواطع الاحياء المتضررة مع مدير "الاونروا" في المخيم عبد الناصر السعدي.

وفي معلومات خاصة لـ"النشرة"، فان وكالة "الاونروا" وخلال زيارات مسؤوليها الى المخيم، كانت قد ابلغت القوى الفلسطينية واللجان الشعبية ان التقدير لفريقها الامني، يؤكد أن الأمن ما زال "هشا" وقابلا للاهتزاز عند اي اشكال في الحي المذكور، وانه لا يمكن ان تبدأ عملية اعمار وبناء وترميم المنازل، قبل انتشار "القوة المشتركة" فيه، وهذه النقطة ما زالت مدار خلاف بين القوى الفلسطينية حتى اليوم، اذ تصر بعض "القوى الاسلامية" على انسحاب قوات الامن الوطني من الحي حيث تقدمت في المعركة الاخيرة، بينما تؤكد حركة "فتح" ان قرارها حاسم بعدم الانسحاب تحت اي ظرف ومهما كانت الاسباب، وان "قوات الامن" الموجودة في "الحي" حاليا ستكون من ضمن حصتها من انتشار "القوة المشتركة" فيه، وهذا ما يمنع بدء الترميم، وتاليا الاهالي من العودة وعودة الحياة الى طبيعتها في المنطقة وفي كامل الشارع الفوقاني للمخيم خلافا لما حاصل في باقي ارجائه وشوارعه.