شدد الرئيس ​ميشال عون​ على ان "عودة النازحين الى المناطق المستقرة والمنخفضة التوتر يجب أن تتم من دون ربطها بالوصول إلى الحل السياسي"، مؤكدا انّ أمن ​لبنان​ مهمّ أيضاً كما أمن النازحين وعلى المنظمات الدولية عدم تخويف النازحين من العودة الى بلادهم.

و في رسالة الى رؤساء "الدول الخمس الدائمة العضوية في ​مجلس الامن​ والامين العام للامم المتحدة و​الاتحاد الاوروبي​ و​جامعة الدول العربية​، اشار الى ان هناك مصلحة لكل دول العالم الاّ يحصل اي إنفجار في لبنان نتيجة أزمة النازحين لأنّ مخاطره ستشمل الجميع، مطالبا المجتمع الدولي بمساعدة لبنان على حلّ معاناته.

وامام سفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الامن، لفت عون الى "إن إجتماعنا اليوم وقائي لأن أسباب النزوح السوري قد يؤدي تراكمها الى انفجار الاوضاع، وذلك على خلفية كثافة عدد النازحين الذين أصبحت نسبتهم تشكل 153 نازحا في الكيلومتر المربع، بينما لا تشكل هذه النسبة أكثر من 5 نازحين في الكيلومتر المربع في الدول الاخرى التي استقبلت نازحين، وهذا ما يظهر صعوبة الوضع في لبنان".

وتحدث عن "الخطر السياسي" للنزوح السوري، وقال: "لا شك أنه كلما طالت مدة الازمة تحول ذلك الى سبب لخلافات داخلية، حيث تظهر التباينات في الآراء حوله وتتطور الى خلاف حول الاجراء الذي سنتخذه لإعادة النازحين الى بلادهم".

وعن الخطر الاقتصادي، اوضح عون إن "المساعدات التي تقدم للنازحين في لبنان لا تغطي تكاليف البنى التحتية للدولة، بدءا من الاستشفاء الى الكهرباء وغيرها. ولبنان يتحمل جميع هذه الاعباء التي يقدرها صندوق النقد الدولي بسبعة مليارات دولار على الشعب اللبناني أن يتحملها، بينما لبنان يعاني عجزا اقتصاديا، حيث أنه منذ أن بدأت الاحداث في سوريا كانت نسبة النمو فيه 8% بينما اصبحت اليوم 1,1%".

ولفت الى "الحوادث التي تقع أحيانا بين الاهالي والنازحين والتي من الممكن أن تولد تصادما قد يتطور، لأن النازحين منتشرون في مختلف المناطق والبلدات والقرى اللبنانية، وعددهم في بعض القرى فاق عدد سكانها الاصليين".

وأكد رئيس الجمهورية أن "مصلحة كل دول العالم ألا تنفجر الاوضاع في لبنان، لأنه في حال حصول ذلك فالجميع سيتأثر، والنزوح عندئذ يصبح في اتجاهات أخرى".

واكد "اننا نأمل من المنظمات الدولية المساعدة، في حال وجدنا سبلا لإعادة قسم من هؤلاء النازحين الى بلادهم ولو بشكل متدرج، وبأن لا تصدر عن هذه المنظمات والمؤسسات بيانات من شأنها أن تخيف هؤلاء النازحين، كالقول لهم إن عودتهم الى سوريا ستكون على مسؤوليتهم. فنحن نعتبر أن مثل هذه التصريحات بمثابة تحريض للنازحين للبقاء على الارض اللبنانية، بينما علينا جميعا تشجيعهم على العودة".

ولفت رئيس الجمهورية الى "أن بعض المراجع الدولية تحذر اللاجئين حتى من العودة الطوعية (le retour volontaire) وهي تتوجه الى الذين يريدون حتى العودة بملء ارادتهم بتحميلهم مسؤولية عودتهم الطوعية هذه".

وتطرق عون في حديثه الى مسألة العمالة السورية في لبنان التي تشهد ارتفاعا ملحوظا، مشيرا الى أن "هناك العديد من النازحين الذين يذهبون يوميا الى سوريا ويعودون الى لبنان، فما المانع من بقائهم هناك ما دام لا خطر عليهم؟".

ورأى أن "أمن لبنان مهم جدا بقدر أهمية أمن النازح فيه"، لافتا الى أن "مصالحات عديدة تحصل اليوم في سوريا حيث يختار المقاتلون الانتقال الى مناطق في الداخل السوري، او البقاء حيث هم. فلا يمكن أن يكون الخوف من العودة عذرا للنازحين للبقاء في لبنان، ولا يمكن أن يقولوا نحن لا نريد العودة".

وأشار عون الى وجود مناطق سورية باتت آمنة تستطيع ان تستوعب جزءا من النازحين الموجودين في لبنان. وقال: "نحن نطلب المساعدة الدولية انطلاقا من هذا التوجه. ولا ندعو الى ان نعيد الى سوريا المطلوبين قضائيا او المعارضين، بل المواطنين الذين هربوا من الحرب".

وتابع: "نحن نكرر أننا استقبلنا أعداد النازحين، إلا أننا لسنا من افتعل الحرب في سوريا، ومن افتعلها لا يستقبل أحدا منهم ولا يتحمل اي مسؤولية تجاههم"، مشيرا الى "ان لبنان يتحمل وزر حرب الآخرين، خصوصا اذا ما علمنا انه اتى الى سوريا مقاتلون من قرابة 83 دولة، فهذا لا يعني اننا مسؤولون عن هذه الحرب، فنحن لم نرسل احدا للقتال هناك. نحن واجهنا الارهابيين وطردناهم من عندنا، واحترمنا الارادة الدولية في محاربتهم، لكننا لا نريد قطعا تحمل عبء ما تبغي الحرب في سوريا ان تسببه لنا، لأنه اذا ما حصل اي انفجار امني في لبنان فإنه سيتطور الى صدامات كبرى على الأرض اللبنانية. من هنا فأن المسألة بالنسبة الينا هي مسألة وجود لبنان وليست مجرد مسألة مرتبطة بعودة احدهم ام لا".

أضاف عون: "لقد عشنا الحروب التي اندلعت عندنا في السبعينيات وما خلفته من خراب وهجرة، لذلك لا نريد لهذا الامر ان يتكرر. ان التعامل معنا بتعابير جيدة تكتفي بشكرنا لاستضافة النازحين لم يعد كافيا. فالمطلوب هو الحفاظ على امننا، وإلا هنالك خطر من حصول مشاكل عندنا. نحن نطلب منكم مساعدتنا في حل هذه المسألة التي بات لها طابع وجودي بالنسبة الينا".

واعتبر أن "ثمة مواقف لا تؤمن حلولا عملية بل تمثل وجهات نظر. ونحن ننتظر ان يحصل شيء في المستقبل فيما الخطر دائم"، مشيرا الى ان لبنان هو من يتلقى المخاطر، اما متى تصل سوريا الى الحل فهو امر غير مضمون، لافتا الى ان مساحتها تبلغ 18 ضعف مساحة لبنان ومن الممكن ايجاد اماكن آمنة فيها ليعود اليها بعض النازحين السوريين".