تعتبر أزمة ​النزوح السوري​ حالياً "الملف الدسم" في الحياة السياسية ال​لبنان​ية ويستوجب حلاً سريعاً له بعد أن بات يشكّل عبئاً اقتصادياً واجتماعياً على لبنان، والأهم من هذا كلّه خطراً أمنياً بعد تكاثر الحوادث والسبب الأبرز يعود للنزوح. هذه المسأله تشكل في الوقت نفسه هاجساً أساسياً لدى رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ونقطة خلاف ما بين "​التيار الوطني الحر​" و"المستقبل" خصوصاً في مسألة التواصل مع النظام السوري لحل القضيّة.

"واضح من خطاب الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ في ​الأمم المتحدة​ والذي حمل ضجّة كبيرة خصوصاً في دعوته لتوطين النازحين السوريين في اماكن تواجدهم، ومبادرة الرئيس عون لأخذ موقف حاسم في هذا السياق، يدل على وجود قرار حاسم لدى الرئيس اللبناني لحسم قضية النزوح مستنداً الى مجموعة عوامل أبرزها تتركز على التنسيق مع ​الدولة السورية​". هذا ما يشير اليه الكاتب والمحلل السياسي ​وسيم بزي​ عبر "​النشرة​"، لافتاً الى أن "طريقة حل أزمة النزوح تعتبر موضع نزاع ما بين "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل" رغم أن رئيس الحكومة سعد الحريري وهو بطل تكريس النزوح السوري، غيّر كثيراً في خطابه من هذه الازمة، وليس من النظام السوري ويعتمد مؤخراً سياسة "التطنيش". في المقابل يشير الكاتب والمحلل السياسي ​علي حمادة​ الى "موقف معلن من الحريري من التواصل مع النظام السوري ولم يتبدل، في المقابل الرئيس عون و"التيار الوطني الحر" يصران على التواصل مع النظام وهنا الخلاف الأكبر".

يؤكد حمادة أن "الحريري يرى أن النظام السوري هو سبب أساسي في النزوح السوري، فكيف نسعى الى حل هذه الأزمة مع من هو سببها؟!"، في المقابل يرى بزي أن "موقف الحريري من قضية النزوح أصبح أقل تسييساً ولكنه لا يستطيع الا أن يكون بموقع المعترض، لعدم قدرته على تغيير موقفه من النظام السوري بمعزل عن الموقف السعودي منه". في هذا السياق يعود حمادة ليسأل "لماذا لم يدعُ النظام السوري جمهوره الى العودة الى ​سوريا​ خصوصاً وأنه أصبحت هناك مناطق آمنة، وهل يحتاج النظام للتواصل مع الحريري حتى يطالب أبناء بلده بالعودة"؟!.

"التباعد في القراءات حول التواصل مع النظام في قضية النزوح أو عدمه لا يعني عدم البحث بين الفريقين عن خطة عمل حكومية، يكون عنوانها العريض التأكيد على وجود أزمة فعلية ووجود رغبة في التفاهم حول حلّها"، بحسب ما يؤكد حمادة. في حين أن بزي يعتبر أن "ملف النزوح سيبقى "إشكالياً" داخل الحكومة وعنواناً للتجاذب فيها، ومن غير المتوقع أن نذهب الى خطوات سريعة تنفيذية على الأقل حتى موعد ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة".

في المحصّلة يعتبر ملف النزوح السوري "قنبلة موقوتة" تستوجب المعالجة السريعة، ليبقى السؤال: "هل سيؤدي الاختلاف بوجهات النظر حول معالجته الى تفجير الحكومة"؟!.