اشار رئيس ​المؤسسة المارونية للانتشار​ نعمة افرام الى ان "أشْهر قليلة وَتَدْخُلُ الأزمَةُ السوريّةُ عامَهَا الثامِن، في بلَدٍ شَهَدَ إِحْدى أكبَرِ الأزَماتِ الإنسانِيَّةِ فَظاعَةً في العالم منْذُ نِهايَةِ الحربِ العالمِيّةِ الثانِية. لقد أصبَحَ أكثَرَ من نُصْفِ الشَعْبِ السوريّ البالِغِ عدَدُهُ حوالي ال 18 مليونَ نَسَمَة، إِمّا نازحٌ داخِلَ بلادِهِ، أو نازحٌ ولاجئٌ خارِجَهَا. وفي ​لبنان​ واقع مأساوي خطير لم يَسْبق له مثيل في التاريخ المعاصر: مليونا نازح ولاجئ على أرض وطن، يبلغ عدد مواطنيه 4 ملايين نَسَمة. ورَغْمَ كلِّ ذلك، لم يَسْتَقِلْ لبنان عن دورِهِ الإنسانيّ بذَرَّةٍ واحِدَة.

وخلال الجلسة الافتتاحية لورشة العمل التي نظمها "مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية" في ​الجيش اللبناني​ بعنوان "لبنان و​النازحون السوريون​ - الأعباء وأولوية العودة"، في المركز في ​الفياضية​، اكد اهمية الجهوزية لمعالجة هذا الواقعِ والتهيؤ لمرحلة الحُلول، هُوَ أَقل الواجب. لقَدْ تأَخّرنا! لكنْ مِنَ المُؤكًد أنَّ الوقتَ لم يفُتْ بعد لِنُؤَثِّرَ في توجيهِ الأمورِ للحِفاظِ على المصلَحَةِ اللبنانيّةِ العامّة، لا بل أكثر، على كِيانِيَّةِ لبنان. وشخْصِيّاً أرى، أنَّ النزوحَ السوريّ المُسْتَمِر في لبنان، باتَ يُهَدِّدُنا في ثلاثةِ أخطارٍ وجوديّة.

ولفت الى ان الخطرُ الأول: لا يخْتَلِفُ أحَدٌ على مُسَلَّمَةِ أهَمِيَّةِ الحِفاظِ على التوازُنِ الحَسّاسَ بينَ مُكوِّناتِ لبنانِ الحَضاريّة، وهُوَ أساسِي للانسِجامِ الوطنيِّ العام.وبعدَ ثماني سنواتٍ، باتَ النزوحُ السوريّ يُشكِّلُ تهديداً للتوازنِ الديمغرافي ّالداخليّ الهَشّ. لقد اختبَرنا أهوالَ الحربِ في لبنان بين العام 1975 والعام 1991. وقد أمضَيْنا السنواتِ الطوَيلَةَ بعْدَها نُحاوِلُ إعادَةَ ترميمِ الصيغة، ولا نَزال.

وشدد على التوطينُ المقنًع هُوَ خطَرٌ على الشعبِ السوريّ، تماماً كما على الشعبِ الفِلسطينيّ. ففيهِ اغتيالٌ لهُوِّيَتِهِ الوطنيّة، واقتلاعٌ من أرضِهِ، ما يُنافي القِيَمَ الإنسانيّة والقانونَ الدوليّ. لقد استَقبْلنا الهاربينَ من الظُّلْمِ ومن جَحيمِ الحَرْب. في المنازِلِ والمدارِسِ والكنائِسِ والجوامِعِ استقبلناهُم، كما لم يفْعَل أحد. لكن صدِّقوني، لن نجِدَ أحداً يَتَطَلّعُ بنا، إذا لا سَمحَ الله وَقَعَت الواقِعَة.

واكد انه إذا عُولِجَ مَلَفُّ النازحينَ السوريين في كلٍّ من تركيا والأردن كما يُحَضَّرُ لَهُ، دونَ ادراجِ ملفِّ النازحينَ في لبنان، نَكونُ دَخَلْنا في المحظور.هذا ما حصَلَ معَنا تماماً في السبعينات، عندَما استطاعَ الأردن وسوريا ضَبْطَ الوُجودِ الفلسطينيّ لديْهِما، ليُتْركَ لبنان وحْدَهُ ساحةَ صراعٍ إقليميٍّ ودوليّ على حسابِنا. المطلوبُ استنفارٌ طارِئٌ في هذهِ المرحَلَةِ التي تَشْهَدُ دفعاً لمَلَفِ فتحِ صفَحاتِ العودَة، في سبيلِ تفادي مُشكِلَةٍ جوهريّةٍ تُهَدِّدُ كِيانيّةَ لبنان. فكما يَقَعُ الواجبُ على النازحين السوريين في التوجُّهِ إلى بلادِهِم ليُساهِموا في إعادَةِ إعمارِها سياسِيّاً واقتصادِيّاً واجتماعِيّاً، كذلكَ علينا نحنُ ها هنا واجِبُ الحِفاظِ على وَحْدَةِ لبنان واستقرارِهِ السياسيّ والأمنيّ، ومعالَجَةُ قضاياهِ الضاغِطة اقتصادِيّاً واجتماعِّياً."