بعد أن ألغي حق ​اقتراع المغتربين​ بسبب التمديد للمجلس النيابي، عاد الملف الى الواجهة مع اقرار القانون الجديد للانتخابات، وأقر منذ ساعات ليكون للمغترب اللبناني الدور في اختيار النواب بانتخابات أيار 2018. وضعت هذه الخطوة المهمة ضغوطا اضافية على الأحزاب المتنافسة في اللعبة الديمقراطية، اذ ان القانون النسبي جعل لكل صوت أهمية، وعلى هذا الأساس بدأت القوى السياسية عملها.

بداية، أكدت المادة 111 من ​قانون الانتخاب​ الجديد على حق المواطن غير المقيم بالاقتراع في مراكز انتخابية في السفارات او القنصليات او في اماكن اخرى تحددها الوزارة، شرط أن يكون اسمه وارداً في سجلات الأحوال الشخصية وألاّ يكون ثمة مانع قانوني يحول دون حقه في الاقتراع عملا باحكام المادة الرابعة من هذا القانون. كذلك تحدثت المادة 113 عن تسجيل المقترعين، بحيث تدعو الوزارة بواسطة السفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج، اللبنانيين الذين تتوافر فيهم الشروط، للإعلان عن رغبتهم بالإقتراع في الخارج وذلك بتسجيل أسمائهم عبر حضورهم الشخصي أو بموجب كتاب موقّع ومثبت وفقا للأصول أو بموجب التسجيل الإلكتروني في حال إعتماده. مع العلم أن التسجيل الالكتروني "https://diasporavote.mfa.gov.lb " قد تم اعتماده وهو ما يسهّل عملية التسجيل، بشرط أن لا تتجاوز المهلة المعطاة للتسجيل العشرين من شهر تشرين الثاني من السنة التي تسبق موعد الانتخابات النيابية، أي الشهر المقبل، يسقط بعدها حق الاقتراع في الخارج، وعلى السفارات إرسال هذه القوائم تباعا الى المديرية العامة للاحوال الشخصية بواسطة ​وزارة الخارجية والمغتربين​ قبل العشرين من كانون الاول.

وفي هذا الاطار تكشف مصادر في وزارة الخارجية أن أعداد الذين سجّلوا أسماءهم عبر الموقع الالكتروني لغاية اللحظة قد فاق التوقع، مشيرة في حديث لـ"النشرة" الى أن الوزارة قد أطلقت تطبيقا الكترونيا على الهواتف لتسهيل عملية التسجيل، بالاضافة الى الالية التقليدية بتوجه اللبناني شخصيا الى السفارة او القنصلية وتسجيل اسمه. وتضيف المصادر: "في الأسبوع المقبل ستطلق الوزارة حملة اعلانية واسعة في دول العالم لإيصال الصوت الى أكبر عدد ممكن من اللبنانيين".

بعد لمحة تقنية لا بد من الحديث عن الشق السياسي وهو الأبرز، فالقوى السياسية اليوم أمام امتحان صعب يزيد من "همومها" الانتخابية، فبحسب مصادر مطلعة هناك شبه مراهنة على تمديد المهلة المحددة في 20 تشرين الثاني، مع العلم أن الأحزاب ستنتظر اقفال باب التسجيل لتبدأ عملية حساباتها. وتضيف المصادر في حديث لـ"النشرة": "بالنسبة للأحزاب المسيحية فلا مشكلة كبيرة في تصويت المغتربين فهم يملكون حرية التحرك في مختلف الدول التي يتواجدون فيها، ولهذه الغاية بدأت الوفود الحزبية المسيحية بتحضير حقائب السفر، ولعل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المتواجد في استراليا كان السبّاق بالجولات الانتخابية الخارجية"، لافتة النظر الى أن "المشكلة في هذه الموضوع تكمن في الثنائي الشيعي بشكل عام، و​حزب الله​ بشكل خاص".

وتقول المصادر: "يعتبر حزب الله تنظيما ارهابيا في أكثر من مكان حول العالم وهذا ما يجعل تحركه السياسي شبه مستحيل، وهو لأجل ذلك يحاول التحرك تحت أسماء الجمعيات الاهلية، ولكن في حالة الانتخابات النيابية كيف يمكن للحزب أن يقوم بجولاته الانتخابية وتأمين الاعداد الكافية من المقترعين في الخارج؟". وتشير المصادر الى أن الامر لا يقتصر فقط على حزب الله بل على الجمهور الشيعي الذي، في أماكن كثيرة، لن يُقدم على تسجيل اسمه والتصويت لكي لا "يفتح العيون عليه"، وخصوصا في ​دول الخليج​ العربي حيث يستعر الصراع الطائفي والمذهبي، اذ أن الشيعي الذي يعيش في الخارج يحاول قدر المستطاع إخفاء ميوله السياسية كي لا يؤثر ذلك على وجوده وعمله وحياته.

وفي نفس السياق تأتي ​حركة امل​ بعد حزب الله، تقول المصادر، مشيرة الى أن ما يعرف بفريق الثامن من آذار سيعاني اذا ما تواجد مرشحو حزب الله على لوائح مشتركة مع الحلفاء، فكيف ستنظر الدول الاجنبية والعربية للمقيم الذي يكشف ميوله السياسية القريبة من الحزب؟

بعد انتهاء مهلة التسجيل ستبدأ الحسابات الانتخابية وستحدد الاحزاب خريطة عملها، ولكن لا بد من القول أن عقبات سياسية ولوجستية كبيرة تقف في وجه انتخاب المغتربين.