دعا الأمين العام للأمم المتحدة ​أنطونيو غوتيريس​، اللبنانيين إلى "اغتنام فرصة الزخم السياسي والتحسّن الأمني والدعم الوطني للجيش، للتحرك قدماً نحو التطبيق الكامل لقرار ​مجلس الأمن​ 1559 وما يشكله من التزام دولي على ​الحكومة اللبنانية​ لنزع سلاح "​حزب الله​" وبقية المجموعات المسلحة، والتمسك بسياسة النأي بالنفس وإعلان بعبدا ووقف التورط في النزاع في سوريا، وأماكن أخرى في المنطقة".

وفي تقرير قدمه إلى مجلس الأمن حول تطبيق القرار المذكور، لفت غوتيريس إلى أن "حزب الله" لا يزال الميليشيا الأكثر تسلحاً خارج سيطرة الحكومة في لبنان ويشكل شذوذاً أساسياً في دولة ديموقراطية باعتبار أنه خارج أطر المحاسبة أمام المؤسسات المنتخبة ديموقراطياً، ويشكل خطراً لإمكان جرّ البلاد إلى نزاع مسلح من دون أي رقابة ما يعدّ تحدّياً كبيراً أمام قدرة الدولة على ممارسة سيادتها وسلطتها على أراضيها".

ورأى أنه "لدى إدارة الحزب قدرات عسكرية متطورة خارج سيطرة الدولة وتهدد بتقويض استقرار الديموقراطية في لبنان، والعديد من اللبنانيين يعتبرون أن هذا السلاح يشكل تهديداً لاستخدامه داخل لبنان لأغراض سياسية"، معرباً عن القلق من التقارير عن "تورط "حزب الله" في أماكن أخرى في المنطقة ما يزيد الأخطار على استقرار لبنان والمنطقة على السواء".

وأشار غوتيريس الى "احتجاج الكويت في شكل رسمي أمام الحكومة اللبنانية في شأن الادعاء بتورط "حزب الله" في تدريب أفراد كويتيين على تهديد أمن الكويت، وهو ما يعرف باسم خلية العبدلي"، لافتاً الى "إدانة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ هذه الخلية".

وأضاف أنه "على رغم إعلان الحريري التزام لبنان سياسة النأي بالنفس، فإن "حزب الله" ومجموعات لبنانية أخرى لا تزال تتصرف عكس هذه السياسة"، مشيراً الى "تصريح الأمين العام للحزب ​حسن نصرالله​ في حزيران الماضي بأن عشرات آلاف المجاهدين غير اللبنانيين سيشاركون في المعركة مع إسرائيل في حال حصولها".

ودعا "حزب الله" وكل الجهات الى "عدم الانخراط في النشاطات العسكرية داخل لبنان وخارجه عملاً باتفاق الطائف والقرار 1559" كما دعا السلطات اللبنانية الى "اتخاذ الإجراءات الضرورية لحظر امتلاك "حزب الله" والمجموعات المسلحة الأخرى، الأسلحة والقدرات العسكرية خارج سلطة الدولة".

ولفت غوتيريس إلى أن "مشاركة "حزب الله" ومجموعات لبنانية أخرى في النزاع في سوريا خرق للقرار ولإعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس، وتشكل خطراً على استقرار لبنان وتحدياً لسيادته"، مضيفاً "إن مشاركة "حزب الله" في النزاع في سوريا تؤكد فشل الحزب في نزع سلاحه وترسانته، ورفضه لأن يكون خاضعاً للمحاسبة من جانب الدولة اللبنانية ومؤسساتها التي يهدف القرار الى تقويتها".

كما دعا الدول في المنطقة ذات العلاقة المقربة مع "حزب الله" الى" تشجيعه على التحوّل من مجموعة مسلحة الى حزب سياسي مدني بحت، ونزع سلاحه عملاً باتفاق الطائف ومتطلبات القرار 1559 لأجل مصلحة لبنان والسلم والأمن الإقليميين"، مديناً "الخروق للسيادة اللبنانية من جانب إسرائيل"، داعياً إياها إلى "الانسحاب من شمال قرية الغجر ووقف طلعاتها الجوية فوق لبنان في شكل فوري".

كما دعا الحكومة السورية الى "احترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه وتجنّب الانتهاكات عبر الحدود المشتركة مع لبنان"، مشيراً إلى أن "لبنان يشهد فرصة تتمثل في استمرار الزخم السياسي وازدياد الأمن والدعم الوطني للجيش ومن المهم اغتنام هذه الفرصة للتحرك قدماً نحو التطبيق الكامل للقرار 1559".

وشدّد على أنه "يعوّل على استمرار التزام الحكومة واجباتها الدولية"، داعياً كل الجهات الى "التقيد الكامل بالقرار 1559 وبقية القرارات الدولية المعنية بلبنان"، مؤكداً "عزم الأمم المتحدة على مواصلة العمل لتطبيق هذه القرارات في شكل كامل".

وأثنى على "نجاح ​الجيش اللبناني​ في مواجهة خطر الإرهاب واستعادة مناطق رأس بعلبك والقاع"، معتبراً أن "الدعم الشعبي والسياسي له في حربه على الإرهاب يؤكد أنه يحظى بمستوى عال من دعم كل الطيف السياسي في البلاد، وإنجازات الجيش تبرهن على أهمية استمرار الدعم الدولي له وزيادة قدراته".

وتابع غوتيريس "استعادة الدولة اللبنانية السيطرة على نقاط حدودية كانت تابعة لـ"حزب الله" خطوة مهمة نحو استعادة الدولة سلطتها على أراضيها"، مؤكداً أن "التقدم في سيطرة الجيش على كامل الحدود مع سوريا سيعزّز هذه السيطرة".

ولفت إلى "ضرورة استئناف الجهود لترسيم كامل الحدود اللبنانية - السورية بما يمنع تسلّل المقاتلين والأسلحة عبرها"، مشيراً إلى أن "حزب الله" من خلال عمليته العسكرية في جرود عرسال هدف إلى تقديم نفسه على أنه يحمي الأمن ضدّ المتشدّدين والتهديدات الداخلية وهو دور يجب أن ينحصر بالحكومة اللبنانية".

ودعا كل المعنيين إلى "المساهمة في تقوية مؤسسات الدولة" ورأى أنه "سيكون مهماً جداً إجراء انتخابات نيابية حرّة ونزيهة في موعدها الدستوري"، داعياً إلى "استئناف الحوار الوطني حول الإستراتيجية الدفاعية بقيادة رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ لأن ذلك عنصر أساسي لمعالجة وجود أسلحة خارج سيطرة الدولة".