المشهد مخجل، أثناء جلسات ​مجلس النواب​ لمناقشة موازنة العام 2017، إذ كان يتواجد أحياناً في القاعة العامة عشرة نواب فقط من أصل 125 نائباً!

عيب، هذا استخفاف بالمواطن اللبناني الذي انتخب هذا النائب الغائب. الناخب ضيَّع وقته، والنائب فرَّط بالأمانة. الناخب انتخب النائب ليكون صوته في مجلس النواب وليدافع عن حقوقه ويحفظ المال العام، ولم ينتخبه ليغيب عن أبرز جلسات مجلس النواب على الإطلاق، أي جلسات مناقشة ​الموازنة​ العامة، فحين يغيب النائب عن مثل هذه الجلسات فهذا يعني أنَّه مستخفٌ بالذي انتخبه، وغير مبال بالمؤسسة الأم أي السلطة التشريعية التي تنبثق منها كل السلطات، وغير مسؤول عن السهر على خزينة الدولة.

***

هذا الإستخفاف يستدعي معالجة على مستويين:

الأول تطبيق النظام الداخلي لمجلس النواب الذي يلحظ الإجراءات بحق النائب المتغيب عن الجلسات، سواء جلسات ​اللجان النيابية​ أو الجلسات العامة. والمستوى الثاني أن يطبِّق الناخبون قاعدة المساءلة على المنتَخبين، فلماذا ينتخبون نواباً لا يقومون بدورهم الطبيعي القائم على التشريع وعلى مراقبة عمل الحكومة؟

وحين يبلغ الإستهتار هذا المستوى، لماذا إنتظار موافقة مجلس النواب طالما أنَّ الحضور هو عشرة نواب أي أصغر من مجلس إدارة شركة متواضعة؟

***

في أيار المقبل، موعد ​الإنتخابات النيابية​، يفترض باللبنانيين الناخبين أن يتذكروا هذا الواقع فلا يعيدون إنتخاب نائب غائب، بل ينتخبون المثابر المهتم بأوضاع الناس، وحسناً كانت الجلسات منقولة مباشرة على شاشات التلفزة ليعرف الرأي العام ماذا يجري.

ولأنَّها كذلك فقد توقف اللبنانيون عند ما أدلى به الرئيس ​سعد الحريري​، الذي هو نائب ورئيس أكبر كتلة نيابية، قبل أن يكون رئيساً للحكومة... في كلمته كان النائب ورئيس الكتلة ورئيس الحكومة ورئيس التيار والزعيم الشاب المُلِّم بكل شاردة وواردة، بدليل الكلمة الدسمة والدقيقة التي ألقاها في مجلس النواب.

الرئيس الحريري تحدَّث في كل الملفات وردَّ على كل الإتهامات وأكد للجميع أنَّ من الأفضل إضاءة شمعة بدلاً من لعن الظلام.

ردَّ بقوة على الذين يعطون إنطباعاً بأنَّه لم يتحقق شيء منذ عام وحتى اليوم، فذكَّر بأنَّ هذه الحكومة هي أكثر حكومة أنجزت في أقل من سنة، معدداً ما حققته:

أنجزت، قانون إنتخاب كان بدأ العمل عليه منذ العام 2008.

سلسلة رتب والإصلاحات و​الضرائب​ فيها.

تشكيلات دبلوماسية وتشكيلات قضائية.

مجلس إقتصادي وإجتماعي.

***

لم يكتفِ الرئيس الحريري بهذا القدر بل ذكّر أيضاً بالملفات الجاري العمل عليها:

الحكومة تعمل على خطة مفصَّلة لحلِّ مشكلة ​النزوح السوري​، ولحلِّ مشكلة الكهرباء ومشكلات البلد الأخرى. ورأى أنَّ التوظيف بالإستقرار السياسي والأمني هو الضمانة الحقيقية للإستثمار بالنهوض الإقتصادي، ولن أفرِّط بهذا الإستقرار، وبحق لبنان بحماية نفسه من المخاطر الداهمة في كل المحافل العربية والدولية، ولن نعطي أية فرصة لإغراقه في حرائق المنطقة، مؤكداً أنَّ الحكومة ستواصل العمل تحت سقف الإستقرار، بإرادة كل المشاركين فيها، وبإرادتي شخصياً.

***

أليس ملفتاً أن يقول الرئيس الحريري هذا الكلام تحت قبة البرلمان وكأنَّ كلامه صرخةٌ في وادٍ بسبب غياب قسم كبير من النواب؟