إذا كانت ​القوات اللبنانية​ على إدراك ووعي بما تقوم به على صعيد علاقتها مع ​التيار الوطني الحر​، لم يفهم التيار بعد لماذا لا توفر ​معراب​ مناسبةً إلا وتهاجمه فيها، من ملف مناقصة ​بواخر الكهرباء​ الى تعيينات ​تلفزيون لبنان​ مروراً بالتنسيق مع ​سوريا​ لإعادة ​النازحين السوريين​ الى بلدهم، وصولاً الى إستنفارها وردودها الكثيرة والعنيفة على كلام رئيس التيار وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ عن كيفية تحقيق المصالحة الحقيقية في الجبل، وضرورة تمثيل الأفرقاء المسيحيين بمقاعد نيابية كي تتحقق المصالحة فعلاً. الردود القواتيّة على مواقف باسيل الأخيرة من المصالحة، أثارت إستغراب قيادة التيار، وفي هذا السياق، سألت أوساط الأخير، "إذا كان الإشتباك على تعيينات تلفزيون لبنان بسبب تمسك رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ بالعرف الذي يعطيه حق تسمية رئيس مجلس الإدارة مقابل إصرار وزير الإعلام القواتي ​ملحم الرياشي​ على إعتماد الآلية، فإن الأمر غير المفهوم لدى التيار، هو الهجوم القواتي على مواقف باسيل من ​مصالحة الجبل​، علماً أن المستهدف من كلام الثاني هو ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ برئاسة النائب ​وليد جنبلاط​ لا القوات اللبنانية، التي، تعاني كما التيار من الهيمنة الإشتراكية على التمثيل المسيحي في ​الشوف​ و​عاليه​". وفي هذا السياق تسأل أوساط التيار، "لماذا سارعت القوات الى الردّ على باسيل وما المقصود من ردودها؟ هل قصدت الدفاع عن جنبلاط؟ أو كان الهدف فقط المزايدة في الدفاع عن المصالحة لكسب ودّ رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي أكثر فأكثر تمهيداً للتحالف المرتقب بينهما"؟.

"من يسارع الى توقيع تفاهم مع ​حزب الله​، ومن يتفاهم مع القوات و​تيار المستقبل​ ومن يفتح باب الحوار مع ​حركة أمل​، لن تنال منه بعض التصريحات القواتية التي حاولت تصويره وكأنه ضد مصالحة الجبل" يقول أحد نواب التيار الوطني الحر، مؤكداً أن ما " تحاول أن تقوم به القوات من تشويه صورة العهد والتيار بتهم الفساد وغيرها، ومن دق إسفين بين رئيس الجمهورية ورئاسة التيار وكأن الرئيس عون شيء والتيار شيء آخر، سينعكس سلباً على تفاهم معراب وقد يصل في نهاية المطاف الى حيث لا يريد التيار أن يصل، أي الى وضع تفاهم معراب في دائرة الخطر، وهذا ما لا يجب أن يحصل فقط لأن فريقاً أراد أن يرفع عدد نوابه في الإنتخابات المقبلة أو لأنه طلب تعيين هذا الموظف أو هذا القاضي ولم يتم تعيينه".

لكل ما تقدّم يركز التيار في إتصالات التهدئة مع القوات على المعادلة التالية: "هاجمونا حيث يجب، وانتقدونا حيث يمكن، ولتكن المنافسة بيننا شريفة، ولكن، لا تفتعلوا معنا إشكالات وسجالات على ملفّات وثوابت أساسيّة من المفترض أن نطالب بها سوياً بغض النظر عن حسابات كل فريق، كتصحيح التمثيل المسيحي في الجبل على سبيل المثال لا الحصر".