لفت ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​، في ختام زيارته الراعوية إلى مدينة سولت ليك سيتي (Salt lake City) في ولاية يوتا (UTAH) الأميركية، إلى أنّ "ملكوت الله يشبه ملكاً صنع عشاء عرس لابنه"، مشيراً إلى "أنّنا بحضورنا القداس، نلبّي دعوة الله إلى عشاء ابنه في ذبيحة القداس"، لافتاً إلى أنّ "مع الأسف، هناك كثير من المسيحيين لا يلبّون دعوة الرب إلى عشاء العرس الّذي هو القداس"، مركّزاً على أنّ "عليكم مساعدة كاهن الرعية في جعل تشجيع من يغيب على الحضور وتلبية الدعوة".

ونوّه البطريرك الراعي، في عظته بالقداس الإلهي الّذي ترأسه في كنيسة مار لابا (St. Jude) المارونية، إلى أنّ "الإنجيل يقول انّه عند حضورنا إلى العرس من الطبيعي أن نرتدي لباس العرس، فلا أحد يشارك في عرس بثياب عادية أو غير لائقة. وهنا نفهم بثياب العرس أوّلاً اللباس اللائق والمحتشم، وثانياً أن نأتي بلباس توب نعمة المعمودية، أي بقلب نقي وعقل منفتح إلى كلام الله وبضمير حي كي نسمع نداء الرب لنا في هذا اللقاء الليتورجي"، مشدّداً على أنّ "الكنيسة هي المكان الّذي نعيش فيه هذا الإنجيل الّذي يتمّ فيه عشاء العرس للمسيح".

وأشار إلى أنّ "العشاء عندما يتحضّر، فهو لغذاء الجسد وبالتالي لا يمكن أن نحضر إلى عشاء الرب في الكنيسة دون أن نكون قد تغذينا من عشاء كلامه حقيقة تنوّرنا، ومن عشاء جسده ودمه نقاء وقداسة. فكما أنه لا يستطيع أحد منّا العيش بدون طعام، هكذا لا يمكن لنفوسنا وعقولنا وقلوبنا وإراداتنا أن تعيش مسيحيّاً، دون أن تقتات من الخبز السماوي"، شاكراً الرب "الّذي يعطينا كلامه وجسده ودمه قوتاً وزاداً. ونشكره على وجود كلّ الكنائس أكانت كبيرة أم صغيرة، لأنّها تقدّم لنا المكان الّذي نعيش فيه جمال هذا العشاء"، داعياً إلى "أن نتذكّر في كلّ مرّة نشارك في القداس، أنّنا نعيش هذا الإنجيل وبأنّنا نلبّي دعوة الله الملك إلى عشاء عرس ابنه ​يسوع المسيح​".

وأوضح الراعي، "أنّني لاحظت أنّ العديد منكم على الرغم من أنّهم لم يزوروا ​لبنان​ ولم يعرفوه، فإنّ لبنان يعيش في دمهم وعروقهم وهو يعيشوه هنا. وأنا أوجّه دعوة رسميّة لكلّ واحد منكم، كما وجهت الدعوة إلى راعي الأبرشية اللاتينية المطران سوليس وهو سوف يلبيها الصيف المقبل، لأنّكم سوف تفتخرون أكثر بوطنكم الحبيب لبنان عندما تزوروه"، مؤكّداً أنّ "لبنان يفرح بكم على أرضه كما يفرح بكم تحقّقون ذواتكم في ​الولايات المتحدة الأميركية​، لأنّكم تساهمون هنا في حياة المجتمع الأميركي"، مبيّناً أنّ "حضور العديد من المسؤولين الأميركيين المحليين يعبّر عن مدى محبتهم لكم ومن خلالكم للبنان"، مركّزاً على أنّه "يكفينا فخراً أن يكون قد تألق في مسيرة شعبنا المؤمن من رفعوا على مذابح الكنيسة: شربل ورفقا والحرديني واسطفان ويعقوب وغيرهم".

وركّز على "أنّكم تواكبون التطوّرات في ​الشرق الأوسط​، ولا شكّ في أنّكم ومن موقعكم تتكلّمون عن حقيقة لبنان ودوره ورسالته وأهميّة الحضور المسيحي في الشرق الأوسط الّذي يحفظ الإعتدال ​الإسلام​ي ويشكّل معه نموذجاً فريداً في حوار الأديان والثقافات والعيش المشترك"، مشدّداً على "أنّني أريد منكم أن تميّزوا بين المنظمات الإرهابية الّتي تحارب بإسم الاسلام وبين الإسلام، فهما أمران مختلفان تماما؛ فالحركات الإرهابية شيء والإسلام شيء آخر"، مؤكّداً أنّه "يجب أن تعلموا أنّ معظم عناصر المنظمات الإرهابية كـ"داعش" و"القاعدة"، هم دخلاء على الشرق الاوسط وعلى ثقافته وتقاليده، وقد تدرّبوا ودُعموا واستُعملوا من قبل دول خارجية من أجل إشعال الحروب في الشرق الاوسط".

وبيّن الراعي "أنّنا نطالب المسلمين والمسيحيين البقاء في الشرق الأوسط، لأنّنا عشنا معاً 1300 سنة وبنينا الإعتدال. وإذا تركنا الشرق الأوسط، فإنّه سيصبح أرضاً للإرهابيين وقاعدة تهدّد السلام العالمي"، مشيراً إلى "أنّنا كمسيحيين، نحن نصرّ على البقاء في كلّ الشرق الأوسط بالرغم من كلّ شيء، كي نواصل حمل إنجيل يسوع المسيح، إنجيل الأخوّة والسلام وقدسيّة الحياة البشرية وكرامة الشخص البشري"، منوّهاً إلى "أنّنا مصرّون على البقاء لأنّنا مؤتمنون على جذور المسيحية وعلى الإنجيل".

وأوضح أنّ "لذلك، نحن نطلب منكم أوّلاً الصلاة من أجل المسيحيين في الشرق الأوسط، وثانياً أن ترفعوا أصواتكم في مجتمعكم الأميركي، من أجل وقف الحروب والدمار ومن أجل إحلال السلام في الشرق الاوسط. كفانا حرباً كفانا عنفاً، آن الأوان لبناء السلام الحقيقي العادل والدائم، وهذا من حقّ شعوبنا ومن واجب المجتمع الدولي".