احتفل رئيس أساقفة ​بيروت​ المطران ​بولس مطر​ وراعي أبرشيّة بيروت للروم الملكيين المطران كيرللس بسترس بالقداس الإلهي في كنيسة يوحنّا فم ​الذهب​ في مطرانيّة بيروت للروم الملكيين الكاثوليك في بيروت، بمشاركة لفيف من الكهنة والرهبان والراهبات رؤساء ومدراء مدارس، في مناسبة إطلاق سنة ​التعليم المسيحي​ الجديدة في المدارس الرسميّة في أبرشيات بيروت الكاثوليكيّة.

وبعد ​الإنجيل​ المقدّس ألقى المطران مطر عظة تحدّث فيها عن التعليم المسيحي وتعاليم المسيح ووصاياه في حياة التلامذة، مشيراً الى أنه "معكم يا صاحب السيادة المطران كيريللس السامي ومعكم جميعًا أيها الأخوات والإخوة، نرفع آيات الشكر لله الذي أعطانا في هذه الأبرشيات البيروتيَّة منذ أكثر من خمسين سنة، أن ينطلقَ التعليم المسيحي المنسَّق في كل مدارس هذه الأبرشية ورعاياها بفضل تعاوُنٍ قام يومها بين سلفَيْن لنا كبيرَيْن المطران ​غريغوار حداد​ والمطران إغناطيوس زيادة. اجتمع ستة أساقفة كاثوليك في بيروت وقرَّروا أن يؤمّنوا ويعلّموا، التعليم المسيحي في المدارس الرسميَّة، ضمن النطاق الجغرافي أبرشية بيروت المارونيَّة. والإخوة الأرثوذكس شاركوا معنا في عدد من المدارس، يعلّمون فيها المسيحيين جميعًا من كاثوليك وأرثوذكس مشكورين. وما زلنا إلى اليوم، ننعم بهذا التعاوُن على مستوى المدارس الرسميَّة، وفي المدارس الخاصَّة نحمد الله ونشكره عليكم جميعًا، تؤمّنون التعليم المسيح في كلّ مدرسة ولكل التلامذة بما يحسن ويليق. منذ أسبوعين شاركتُ بنعمة الله، في اجتماع اللجنة البابويَّة للأنجلة الجديدة التي عُيّنْتُ عضوًا فيها. وشدَّد الحاضرون 7 كرادلة و10 أساقفة، على ضرورة الإستمرار بهذا التقليد أن يُطلقَ التعليم المسيحي في كل أبرشيات العالم، كما يجري اليوم وكما نعمل في بداية كل سنة. فيجتمع المعلمون والمعلمات والكهنة حول الأساقفة يصلّون على نيَّة السنة الجديدة، يطلبون نعمة المسيح وقوَّة الروح القدس ليكونوا أداة نشر كلمة الله، في هذه القلوب الطيّبة الطَّالعة إلى الحياة وإلى خدمة الله وتمجيده".

ولفت المطران مطر الى أن "العمل الذي تعملون هو عملٌ مقدَّس، لا باسم الكنيسة وحسب بل باسم ​يسوع المسيح​ رأس هذه الكنيسة وراعيها الأوحد. هو الذي أوكل إلى الأساقفة مهمَّة نشر كلمة الله. والأساقفة لهم معاونون أحباء، من كهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين يساعدونهم في نشر هذه الكلمة وزرعها في أرضٍ نسعى لأن تكون جيّدةً لتقبلَ بذارَ كلمة الإنجيل المقدَّس. هذا عملٌ تقومون به باسم الرب، عملٌ له علاقة بقداسة المسيح ونشر ملكوت الله، فليس عملًا عاديًا، هو عملٌ ضمن الكنيسة وفي حقيقتها. اختار الرب اثني عشر شخصًا، سمَّاهم تلاميذ ثم سمّاهم رُسُلًا. ومن الضروري أن يكون كل واحدٍ منهم تتلمذ على المسيح وعرفه وأحبَّه وفهم قلبه، حتى يستحقَّ أن يُرسلَ رسولًا باسمه"، مؤكداً "أننا نحن معلمي ومعلمات التعليم المسيحي علينا أوًّلًا أن نتتلمذَ على المسيح وأن نقبلَ إنجيلَه الطاهر ونفرحَ به فنتكلَّم باسمه ونقوم مقامَه بزرع كلمة الله في هذه القلوب. يستعملنا أداةً طيّبةً نشكره عليها، وإلَّا لا عمل لنا ولا نشاط ولا ثمر. نحن أولًا تلاميذ يسوع ثمّ يُرسلنا إلى العمل رسلًا نشيطين، يعملون معه وباسمه.

يبدأ معلمو التعليم المسيحي سنتهم برياضة روحيَّة وبصلاةٍ من القلب للرب: إجعلْني يا رب وسيلةَ خيرٍ ونعمةٍ ووَصْلٍ بينك وبين الناس، حتى يصلَ كلامُك إليهم وإلى قلوبهم. نطلب من الله في مطلع هذه السنة الدراسيّة، أن نتتلمذ على الدوام على الرب يسوع المسيح، فنثبتَ رسلًا من أجله ومن أجل كلمته. هذه هي القاعدة الأولى لكل معلّمة ومعلّم للتعليم المسيحي. كما علينا في المدارس وعلى مدى 12 سنة، أن نؤمّنَ وصول التعليم الأساسي إلى تلامذتنا فيعرفون المسيح وإنجيله وكنيسته وملكوته وينضوون هم في عمل هذا الملكوت ليكونوا فاعلين، بما يقدّر الله لهم أن يفعلوا. من الضروري أوَّلًا وقبل كل شيء، أن نعرّفهم بالكتاب المقدَّس بعهدّيْه القديم والجديد على مدى اثنتي عشرة سنة، ولا ننزلقنّا إلى منزلاقات بعض متفلسفين في بلدنا، يقولون أن لا ضرورة لأن يعرف الناس العهد القديم. أول مَن رجع إلى العهد القديم، هو ربُّنا يسوع المسيح، الذي قال: كلّ ما كُتب كُتب من أجلي. وقال: ما جئت لأنقض بل لأُكمّل. المسيح استشهد بالعهد القديم الذي كُتب له ومن أجله لينير وجهه القدّوس، لنرى إختبار ألفي سنة قبل المسيح، بين الله وشعبه، إختبارًا حقيقيًا، يُكمّل اليوم باختبار الكنيسة. مَن له الحقّ أن يحذف العهد القديم؟ علينا واجب أن نعرّف أولادنا، الكتاب المقدّس والوحي الإلهي وكل ما نؤمن به في قانون الإيمان عن الله والثالوث والتجسُّد والفداء والكنيسة والمعموديَّة والأسرار والإيمان والرجاء والمحبَّة. هذه الأمور يجب أن تصلَ إلى قلوبهم وعقولهم. أمرٌ ضروريٌّ أن نتدرَّجَ في هذه الأشياء سنةً بعد سنة وأن نفقه التعليم المسيحي ككل. ثمّ يأتي دور الجامعات مع ​الطلاب​ الكبار، حتى يكون التعليم المسيحي مرشدًا لنا في حياتنا اليوميّة. نعرّفهم عن القيم المسيحيّة والأخلاق المسيحيّة، عن الحريّة الحقيقيّة وعن المسؤوليّة والمحبّة والمغفرة، عن الخطيئة والنعمة. هذه الأمور يجب أن يعرفها تلامذتنا أولادنا، معرفة حقيقيّة، ليميّزوا بين النور والظلام، وبين الخير والشرّ".