أكّد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ اتفاق الطائف هو اتفاق هشّ، ومهما حاول البعض تجميله والقول أنّه وثيقة وفاق وطني وما إلى ذلك، إلا أنّه لا يساوي حتى الحبر الذي كتب فيه، مشيراً إلى أنّ ما يحصل اليوم، خصوصًا في أعقاب الحكم على قتلة الرئيس الأسبق بشير الجميل، يدلّ على ذلك، وعلى حالة الانقسام القائمة في البلاد.

وفي حديث إلى تلفزيون "LBCI" ضمن برنامج "نهاركم سعيد" أداره الإعلامي بسام أبو زيد، استنكر أبو فاضل التعرض لمراكز حزب الكتائب وحزب القوات كما استنكر التعرض لمقام مجلس القضاء الأعلى، منبّهاً إلى أنّه انتهاك لكرامة القضاة ويشكل خطراً جديداً على المؤسسات الوطنية والمؤسسات التي ما تكاد أن تنطلق إلا وتصطدم بأمور عديدة.

وإذ وصف أبو فاضل الوضع بأنّه سيء جداً ومتفلت وغير مقبول، لفت إلى أنّ الحكم الذي صدر غيابي فكيف بالحري لو كان بالصورة الوجاهية، حيث قسّم البلد من جديد وأعادنا إلى نغمة إسلامية ومسيحية، مع العلم أنّ من خططوا ونفذوا لاغتيال الرئيس بشير الجميل هم موارنة، مشدّداً على أنّ الحكم معنوي وليس له أي اجتهاد قضائي.

عفو عام قريباً؟

ورداً على سؤال، أوضح أبو فاضل أنّ حبيب الشرتوني نفذ ما هو برأسه وهذه عقيدته، مشيراً إلى أنّ "هؤلاء العلوج الذين أصدروا قانون العفو العام 84/91 لم يلحظوا إحالة قضايا هؤلاء في المجلس العدلي إلى العفو العام، وقد ارتدّت الأمور عليهم"، ملاحظاً في الوقت عينه أنّ الخلافات السياسية في المقابل يلحظها العفو العام.

واعتبر أبو فاضل أنّنا ذاهبون بعد فترة لعفو عام قبل الانتخابات، معرباً عن اعتقاده بأنّ المحكومين بقضايا إرهاب وقتل عناصر الجيش لن يطالهم العفو العام، وسيكونون مستثنين من هذا القانون في حال صدوره، وأشار إلى أنّ الأجهزة الأمنية كانت تنتظر ردّة فعل مقبولة إلا أنّها تفاجأت بالذي حصل، لافتاً إلى أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي هو الذي تظاهر، في حين أنّ الأحزاب الأخرى ولا سيما حزب الله وحركة أمل لم تشارك في أيّ تظاهرات حصلت بعد صدور الحكم بحق حبيب الشرتوني.

وشدّد على وجوب الفصل بين الاعتداءات على مراكز الكتائب والقوات والكتابات في محيط منزل القاضي جان فهد عن عملية التظاهر على الأرض، لافتاً إلى أنّ هناك احتمالاً كبيراً ألا يكون من قام بهذه الأمور من الحزب السوري القومي الاجتماعي، مؤكداً أنّ التعويل هو على الأجهزة الأمنية على اختلافها من الجيش ومديرية المخابرات إلى قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة وغيرها لكشف ذلك.

للعهد الجديد دوره

ورداً على سؤال، رأى أبو فاضل أنّ الرئيس بشير الجميل لو كان محمياً فعلاً من إسرائيل لكانت حمته، مشيراً إلى أنّ الإسرائيليين غضوا الطرف، ولفت إلى أنّ الإسلامية السياسية لم تكن أفضل من المارونية السياسية، حيث أنّ كليهما نهبتا البلد، وبات لبنان اليوم مرتهنًا للخارج خصوصًا بعد اتفاق الطائف، لافتاً إلى أنّ الرئيس الجميل عندما استلم الحكم خفّف من الإجراءات الأمنية واعتمد على الأجهزة الأمنية اللبنانية التي كانت لديه فقط وقتها.

وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ العهد الجديد كان له دور في صدور الحكم بحق قتلة الرئيس بشير الجميل، خصوصًا في ظلّ وزير العدل الحالي سليم جريصاتي، وقال أنّ الوزير سليم جريصاتي رجل صادق في ما يقوله ويعمل عليه وهو يريد أن ينطلق القضاء، وأشار إلى أنّه كان هناك مماطلة كثيرة سابقاً في العديد من القضايا، بما فيها حتى قضايا الإسلاميين.

وذكّر أبو فاضل بأنّ الحكم على حبيب الشرتوني هو حكم غيابي، وقال أنّه في حال ألقي القبض عليه أو سلّم نفسه، يسقط الحكم تلقائياً، وعندها تُعاد المحاكمة من جديد، مستغربًا في المقابل كيف يقول البعض في فريق 14 آذار أنّ الشرتوني موجود في سوريا وأنّهم يريدون استرداده، في وقتٍ يصرّون على رفض التنسيق مع الحكومة السورية، متسائلاً إزاء ذلك كيف يمكنهم استرداده.

الرافعي يجب أن يكون لجانب الأسير

وأشار أبو فاضل إلى أنّ أحكام المجلس العدلي أحكام مبرمة، إلا أنّ ما صدر هو حكم غيابي، معتبراً أنّ ما يقوم به الحزب السوري الاجتماعي هو ردّة فعل سياسي، حيث أنّهم يعتبرون حبيب الشرتوني بطلاً والرئيس بشير الجميل خائناً، وهم يرفضون أن تكون المعاملة بهذا الشكل.

ورداً على سؤال، أكّد أبو فاضل أنّ أحمد الأسير، الذي وصفه بالشويخ، خلق حالة في البلد كادت تأخذه نحو الفتنة والهاوية نتيجة للممارسات التي كان يقوم بها، واعتبر أنّ الحكم الذي صدر بحقّ فضل شاكر أتى مخفّفاً جداً، كونه كان في غرفة العمليات أصلاً، وقال أنّه لو لم يكن هذا العهد موجودًا لما صدر ربما حكم بالإعدام بحق أحمد الأسير، رغم أنّ دماء أبطال الجيش اللبناني برقبته.

وفيما رأى أبو فاضل أنّ هيئة علماء المسلمين خربت عرسال وصيدا، طالب بحلّها، مشدّداً على أنّ سالم الرافعي يجب أن يكون إلى جانب أحمد الأسير، ولفت في المقابل إلى أنّ الحكم بقضية تفجيري مسجدي التقوى والسلام في طرابلس لم يصدر بعد، ولفت إلى أنّهم إذا كانوا يتّهمون رئيس الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد بالتفجير، فهو موجود في فندق الشيراتون في دمشق، وقال: "فليذهبوا ويأتوا به، ولكنّ المشكلة أنّهم يرفضون التنسيق مع سوريا".

هدية مجانية لباسيل وفرنجية

ورداً على سؤال آخر، رأى أبو فاضل أنّ العفو العام ضرورة في البلد اليوم، مشيراً إلى أنّه يخفف الاحتقان إلى حدّ بعيد، ولفت من جهة ثانية إلى أنّه لا يستطيع أن يجزم بأنّ الانتخابات ستحصل في مواعيدها، مشيراً إلى أنّ احتمال حصولها متساوٍ مع احتمال عدم حصوله، وأعرب عن اعتقاده بأنّ العديد من القوى السياسية تسعى لتعديل هذا القانون، إلا أنّ هذا المسعى يصطدم برفض فريقٍ واسعٍ من اللبنانيين.

ورأى أبو فاضل أنّ ما قالته النائب ستريدا جعجع خطأ كبير وجسيم، وهو في السياسة لا يُصرف ولا يُقال، معرباً عن اعتقاده بأنّ أهل زغرتا لا يستطيع أن يهضموا هذا الكلام، ولا حتى أهل بشري من غير مؤيدي القوات اللبنانيين، مشيراً إلى أنّ ما قالته يستطيع رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية أن يصرفها في الانتخابات كيفما يشاء، لافتاً إلى أنّ التحالف بينه وبين القوات بات صعباً. واعتبر أنّ النائب ستريدا جعجع قدّمت بكلامها هذا هدية مجانية للوزير جبران باسيل وكذلك للنائب سليمان فرنجية.

هل يُعدَّل قانون الانتخاب؟

ورداً على سؤال، أكّد أبو فاضل أنّ هناك مساعٍ اليوم لتحصين الصوت التفضيلي بصوتٍ ثانٍ، مشيراً إلى أنّ وجود صوتين تفضيليين يريح التيار الوطني الحر وتيار المستقبل أكثر، خصوصاً أن الصوت التفضيلي بالنسبة لهم يصعب جداً حصره.

وفيما اعتبر أبو فاضل أنّ الهوية البيومترية مفيدة، أشار إلى أنّ التسجيل المسبق جيد، ولكنه يسمح للماكينات الانتخابية برصد من يريد أن ينتخب وبالتالي ملاحقته، وشدّد على أنّ الرفض القاطع لتعطيل قانون الانتخاب مصدره بشكل أساسي الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية وكذلك حزب الله.

وأكد أبو فاضل أنّ حزب الله وحركة أمل مطمئنان في مناطق نفوذهما لجهة صعوبة حصول خصومهما على الحاصل الانتخابي، وإن رجّح إمكانية حصول خرق مثلاً في دائرة بعلبك الهرمل، مشيراً إلى أنّ المسيحيين في المقابل مشرذمون، مجدّداً القول أننا انتقلنا من شعار "أوعا خيّك" إلى "أوعا بيّك"، معتبراً أنّ التفاهم بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" ولد ميتاً.

هل يستقيل وزراء "القوات"؟

وأشار أبو فاضل من جهة ثانية إلى أنّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ينشد دائمًا حماية دولية وإقليمية، لافتاً إلى أنّ استقالة وزراء "القوات" من الحكومة واردة خصوصاً إذا طلبت السعودية منه ذلك، إلا أنّه أكد أنّه في حال حصول ذلك فإنّ وزراء التيار والمردة سيبقون موجودين في الحكومة، وبالتالي فهي لن تفقد ميثاقيتها.

ورأى أبو فاضل أنّ الرئيس سعد الحريري هو وحده من قدّم تنازلات خصوصاً عندما وافق على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لافتاً إلى أنّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لم يقدّم تنازلات، وهو كان يظنّ أنّه سيكون شريكاً للرئيس ميشال عون في السلطة، إلا أنّ الرئيس الجنرال ميشال عون لا يشرك أحداً معه في السلطة.

واعتبر أبو فاضل أنّ "القوات" ممتعضة من أداء "التيار" معها، باعتبار أنّ أمورهم لا يتمّ تسهيلها، وما حصل في قضية تعيين رئيس مجلس إدارة "تلفزيون لبنان" خير دليل على ذلك، لكنّه لفت إلى أنّ "التيار" يعتبر في المقابل أنّه أعطى القوات ما يستحقونه، وهو لن يعطيهم في التعيينات أكثر.

صراع على السلطة

ولفت أبو فاضل في سياق متصل إلى أنّ القوات اللبنانية تجنح أكثر نحو مخاصمة "التيار الوطني الحر" في كلّ المناطق، مشيراً إلى أنّ الموضوع تغيّر كثيراً وبات هناك انقسام على الأرض، معتبراً أنّ الوضع المسيحي غير سليم، وقال: "هناك وضع مسيحي لأنّ الرئيس ميشال عون هو رئيس قوي، ولأنّ لديه شعبية تمتدّ على كلّ لبنان، ولديه تحالفات أكثر".

ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّه من الممكن أن تتأجّل الانتخابات إلى أن يخلقوا بطاقة بيومترية، لأنّ السلطة لا يمكن أن تنظم انتخابات تدرك أنّها ستخسر فيها، وبالتالي فإنّ التيار الوطني الحر وتيار المستقبل الموجودين في موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لا يمكن أن يذهبا إلى انتخابات يخسران فيها عدداً كبيراً من النواب المحسوبين عليهما.

واعتبر أبو فاضل أنّ سبب ما يحصل من انقسامات في الساحة المسيحية اليوم هو الصراع على السلطة أولاً، لأنّ من يملك السلطة يملك المال وبالتالي يحكم البلد.

الهجوم على مصرف لبنان خطأ

ورداً على سؤال، أكّد أبو فاضل أنّ حزب الله هو ضمن خط كبير للمقاومة والممانعة يبدأ من القدس ويصل إلى موسكو، مشدّداً على أنّ من ينظر إلى حزب الله كأنه حزب عادي يخطئ، كما تفعل "القوات" مثلاً، معتبراً أنّ "القوات" وبدل أن تكون سلسة في هذا الموضوع تذهب إلى التصعيد أكثر وأكثر.

واستغرب أبو فاضل أن يقدم النائب جورج عدوان على الهجوم على مصرف لبنان وعلى حاكم مصرف لبنان بهذا الشكل في ظلّ العقوبات القادمة على البلد، مشيراً إلى أنّ "القوات" لا تستطيع أن تهجم على مصرف لبنان بهذا الشكل، مؤكداً أنّ أيّ خطأ لم يحصل على هذا الصعيد، مستهجناً المطالبة بلجنة تحقيق، مستبعداً أن تشكّل مثل هذه اللجنة، معرباً عن اعتقاده بأنّ العملية تسوّى ويتمّ ترتيبها.

هل يعود النازحون بالفاكس؟

ونبّه أبو فاضل إلى أنّه، عندما يتحالف الرئيس نجيب ميقاتي مع الوزير أشرف ريفي قد يربح في طرابلس لكنّه لن يعود ويرى رئاسة الحكومة، لافتاً إلى أنّ الانتخابات المفصلية القادمة هي التي تحدّد مصير لبنان برمّته، وهذا الموضوع ينسحب على عملية انتخاب رئيس الجمهورية المقبل بعد انتهاء ولاية العماد ميشال عون، خصوصاً أنّ الأخير أكّد أنّه لن يقبل بتجديد ولايته.

ورداً على سؤال، أكّد أبو فاضل أنّ عودة النازحين السوريين إلى بلادهم أمر طبيعي وهو حقّ، إلا أنّ ذلك يتطلب تنسيقاً، مشيراً إلى أنّ الرئيس ميشال عون يمهّد اليوم لهذا الأمر عبر قنوات عديدة بدءاً من الأمم المتحدة، حيث كان خطابه موزوناً، وردّ على المجتمع الدولي الذي يدعو لترك النازحين السوريين حيث هم.

وشدّد أبو فاضل على أنّ هذا الموضوع يتطلب التنسيق مع الحكومة السورية، متسائلاً عمّا إذا كان هناك من يعتقد أنّ بالإمكان إعادة النازحين بالفاكس أو عبر وسائل التواصل، مجدّداً المطالبة باستقالة الوزير معين المرعبي، معتبراً أنّ ما حصل في مجلس النواب كان تمثيلية، متسائلاً: "هل يعقل أن يكون وزير شؤون النازحين السوريين على عداوة مع النظام السوري بهذا الشكل؟"

وأوضح أبو فاضل أنّ السوريين الذين يريدون العودة يجب أن يمروا بالقنوات الرسمية، مشيراً إلى أنّ كل سوري سوف تقطع له اضبارة خاصة به، وهذا أمر معروف لديهم، وسبق أن قاله وأشرف عليه اللواء محمد الشعار وزير الداخلية السوري، مشيداً بالدور الذي تلعبه وزارة الداخلية التي قال أنّها ناشطة جداً على هذا الصعيد.

الحريري يتصرف باعتدال

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ الرئيس سعد الحريري يقوم منذ وصوله لرئاسة الحكومة بعمل معتدل ويتصرف باعتدال، وهذا ما يلومه عليه الكثير من مناصريه، ولفت إلى أنّ الرئيس الحريري عليه أن يتّخذ قراراً بموضوع النازحين، ملاحظاً أنّ الكثير من المعادلات تغيّرت، ملاحظاً أنّ رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي موجود اليوم في السعودية، وقد استقبله الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، والعبادي يُعتبر ممثل إيران.

وأشار أبو فاضل إلى أنّ الخوف هو من بقاء نسبة كبيرة من النازحين السوريين في لبنان، مشدّداً على أنّ هناك الكثير من المناطق الآمنة التي يمكن أن يعود إليها النازحون، إلا أنّ الأمر يتطلّب تنسيقاً مع الدولة السورية، ولفت إلى أنّ المجتمع الدولي ليس مكترثاً لهذا الموضوع على الإطلاق، ولا يمكن الرهان أو التعويل عليه لإنهاء أزمة النزوح.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ حزب الله قام بعملية مهمة جداً في عرسال تُرفَع له القبعة عليها، وكذلك الجيش اللبناني بعملية "فجر الجرود"، وهي عملية نوعية، وذلك لقطع يد الإرهاب، مستهجناً كيف يبقى هناك في لبنان من يصف هؤلاء بالثوار رغم كلّ شيء.