يصوِّت ​مجلس النواب الأميركي​ خلال أيام على فرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني و​حزب الله​، في مسعى لاتخاذ نهج صارم ضدّالحكومة الإيرانية من دون الحاجة لتقويض الاتفاق النووي الدولي على الفور.

بحسب زعيم الأغلبية كيفن مكارثي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية النائب إد رويس، فإنّ مسؤوليةَالكونغرس تكمن في العمل مع الجهة التنفيذية لرسم استراتيجية واضحة لوقف السلوك الإيراني "المتهوّر".

لا يمكن لواشنطن "منح" طهران النصر في المنطقة. بدأت تخطّط لتفكيك قبضتها في مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش، هذا ما يؤكده قطب سياسي بارز مُطلععلى الموقف الأميركي لـ "البناء". فالعلاقة السيئة بين أميركا الرئيس دونالد ترامب والجمهورية الإسلامية، ستثمر عقوبات اقتصادية على إيران بسبب برنامجها الصاروخي البالستي. هذه العقوبات ستكون بالتكامل مع قانون تشديد العقوبات على حزب الله. فكلما تضاعفت حدّة المواجهةبين "محور الشرّ" و "الشيطان الأكبر"، باتت الأولوية لـ "تقليص نفوذ" حزب الله في لبنان وسورية.

ويجزم القطب نفسه، أنّ المشكلة في العقوبات أنها مفتوحة وطويلة الأمد. فهي غير محدّدة بجدول زمني (سنة أو سنتين على سبيل المثال). ما يعني أنها ستكون سيفاً مسلطاً على المؤسسات والمصارف اللبنانية وغير اللبنانية وستستخدم غبّ الطلب لمحاصرة المقاومة أوروبياً ودولياً. فالكونغرس الأميركي حدّد العقوبات على مؤسسات الحزب (بيت المال، جهاد البناء، هيئة دعم المقاومة، قسم العلاقات الخارجية، المنظمة الأمنية، قناة المنار، إذاعة النور والمجموعة اللبنانية للإعلام)، وعلى مَن يقدّم أيّ دعم له أو لأيّ كيان من الكيانات المرتبطة به. كلّ ذلك بزعم أنه يعمل بتبييض الأموال من خلال النظام المصرفي اللبناني. وبالتالي فإنّ العقوبات (تجميد الأصول، حجب التعاملات المالية، ومنع إصدار تأشيرات السفر إلى الولايات المتحدة) من شأنها أن تحدّ، بحسب الكونغرس، مما أسماه الأنشطة "الإجرامية" العابرة للقارات التي يقوم بها الحزب، كالاتجار بالمخدرات وغسل الأموال.

برزت مواقف متعدّدة في الولايات المتحدة حيال تجنّب وقوع حرب بين حزب الله و"إسرائيل" في لبنان والجنوب السوري، بالتزامن مع إشارة مشروع العقوبات لما أسماه انتهاك حزب الله القرار 1701 ببناء ترسانته المسلحة مجدّداً لتتضمّن أكثر من 150 ألف صاروخ إيراني مُخزّن في قرى جنوب لبنان تحت أبنية يسكنها مدنيون.

طرح أكثر من سيناريو في الأروقة الأميركية لكيفية التعاطي مع هذه التطورات. لعلّ أبرز هذه السيناريوات استبدال الحرب العسكرية "الإسرائيلية" بارتداداتها الكارثية... بالحرب الاقتصادية (العقوبات) التي تكون أشدّ فتكاً وأقلّ ضرراً من فتح الجبهات على مَن يخططها ويشنّها.

وفي السياق، بدأت التساؤلات عند الجمهوريين والديمقراطيين معاً، حيال مقدرة واشنطن الاستمرار بتقديم المساعدات العسكرية لدول العالم الثالت من دون أن تحقق النتائج المرجوة (تغيير في سياسات هذه الدول). الأمر الذي يستدعي انتهاج سياسة فرض عقوبات شديدة على أحزاب وأنظمة تختلف معها لتحقيق الهدف المنشود، يقول القطب نفسه، نقلاً عن مسؤولين أميركيين.

ورغم ذلك، يبقى خطر الحرب قائماً. المعلومات المتوفرة من أوساط دبلوماسية واستخبارية تتحدث عن احتمال حرب، بمعزل عن أنّ أية مواجهة مقبلة ستكون مرتبطة بنضوج المعطيات سواء على المستوى العسكري أو الدبلوماسي أو الزمني. ولذلك، فإنّ أيّ كلام جدّي في هذا الشأن، يمكن رصده اعتباراً من الربيع المقبل.

ويؤكد القطب السياسي نفسه، أنّ روسيا وحدها بإمكانها أن تلعب دور عنصر الاستقرار لمنع الحرب "الإسرائيلية"، عن طريق فك الارتباط على الجبهة السورية الجنوبية، فموسكو بعلاقاتها الجيدة مع "تل أبيب" قد تكون الطرف الوحيد الذي قد يمنع الانزلاق إلى مصير مجهول.

وسط هذا المشهد، يبدو جلياً الاهتمام الأميركي بالمحافظة على الاستقرار السياسي والمالي والاقتصادي والأمني في لبنان وعدم تعرّضه، لأية هزة. ويبدو جلياً أيضاً أنّ واشنطن ستلجأ إلى الطرق كافة لخنق حزب الله اقتصادياً...

لقد أكد وفد جمعية المصارف، خلال لقاءاته مع مسؤولي المصارف المراسلة أو مع الكونغرس والإدارة الأميركية، الالتزامَ بالقواعدِ المصرفيةِ العالمية، ومنها الأميركية بوجهٍ خاص، لكون معظم العمليات تتمّ بالدولار الأميركي وعبر المصارف الأميركية المراسلة. وشدّد على ألا "يكون أيّ تطبيق للتشريعات الجديدة (العقوبات ضد حزب الله) مضرّاً أو أن تنتج عنه أضرارٌ جانبية بلبنان وباقتصاده ومصارفه المؤتمنة على مدخرات اللبنانيين". وبحسب القطب السياسي، فإنّ وفدَ المصارف قد لا يكون نجح في إقناعِ الكونغرس بأنّ "لبنان جزيرة بمنأى عن إيران، لا سيما أنّ الحزبَ مستهدَفٌ بالدرجة الأولى لارتباطه بالجمهورية الإسلامية".