رأت مصادر نيابية انه من المبكر تصور الخريطة السياسية التي ستتبلور بعد الانتخابات النيابية المفترض حصولها في أيار من العام 2018، لكن المعطيات المتوفرة حتى الساعة توحي بأن المنافسة ستكون في المناطق التي تسيطر عليها الأحزاب المسيحية، حيث سيكون الصراع بين ​القوات اللبنانية​ و​التيار الوطني الحر​ و​الكتائب​ و​المردة​، سيكون على أشده، وشعارات معظم هؤلاء سيكون الدفاع عن ​حقوق المسيحيين​، وغيرها من الشعارات التي بدأت تظهر معالمها في جولات وتصاريح زعماء هذه القوى، وفي مقدمها القضاء على هيمنة "​حزب الله​" وسلاحه، و"استرجاع دور الدولة وقرارها في الحرب والسلم" .

في المقابل لا يبدو ان المناطق ذات الأغلبية المسلمة ستشهد تغييرا كبيرا في موازين القوى سواء في الطائفة الشيعية، او في الطائفة السنية، رغم ان زعامات هذه القوى لا تستبعد وبسبب ​قانون النسبية​ والصوت التفضيلي، ان يتم اختراق لوائحها بعدد ضئيل من المقاعد لا يتعدى أصابع اليد الواحدة .

وتشير المصادر نفسها الى ان التعاون او التحالف بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في الانتخابات المقبلة اصبح صعبا ان لم يكن مستحيلا، وان بشائر الطلاق بين الاثنين اكثر من ان تحصى، وقد مهد لها رئيس حزب القوات اللبنانية بترشيح محازبين او متعاطفين مع القوات دون التنسيق مع التيار، اضافة الى ان جعجع اعتبر من استراليا ان تأييد عون للرئاسة لم يحقق اهدافه، ومنها التباعد بين عون وحزب الله، معتبرا ان قوة هذا الاخير في تحالفاته، في إشارة الى ورقة التفاهم مع التيار الوطني الحر، والتي على ما يبدو، وبناء على مواقف رئيس الجمهورية لم ولن تتبدل، وهذا يعتبر بالنسبة للقوات اللبنانية عاملا أساسيا في التباعد بينهما على جميع الاصعدة وبالتحديد في الانتخابات النيابية المقبلة، وهذا هو اساس الكلام عن استقالة وزراء القوات من الحكومة .

اما في ما يتعلق بالتعاون بين القوات وتيار المردة، فإن كل المؤشرات وبحسب المصادر تدل على ان كل ما قيل في هذا السياق ليس سوى في اطار التصدي لرئيس التيار الوطني الحر ​جبران باسيل​، الذي حمله فرنجية مسؤولية التقارب بينه وبين جعجع، وانه من الصعب اقناع قاعدة كل منهما الشعبية بأي تحالف انتخابي. اما بقية القوى فتقول المصادر ان الكتائب والمستقلين يحاولون من خلال موقعهم في المعارضة تحسين شروط فوزهم، لكن السلطة المدعومة من تيار شعبي لا يمكن تجاهله، وتبقى صاحبة الحظ الأوفر في الحصول على اكبر عدد من المقاعد النيابية، اذا ما استمر شهر العسل بين الرئاستين الاولى والثالثة .

وفي هذا السياق لاحظت المصادر ان جولات باسيل وجعجع لكسب أصوات المغتربين وأنصارهما الذين هم من الطائفة المسيحية، أجهضت فعاليته وإمكانية تحقيق ما يصبوان اليه، بسبب النداء الى المغتربين الذي وجهه رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ لتسجيل اصواتهم والاقتراع في الانتخابات التشريعية المقبلة، وهذا بالتأكيد سيؤمن التوازن المطلوب .

ولفتت المصادر الى انه اذا كانت الأحزاب المسيحية تعتقد ان فوزها في الانتخابات النيابية القادمة هي مقدمة لفوزها ب​الانتخابات الرئاسية​ المقبلة في العام 2022، فهي مخطئة في حساباتها للاعتبارات التالية:

ان الانتخابات الرئاسية في لبنان تتداخل فيها عوامل خارجية مؤثرة اكثر من الداخلية، وان شعبية الرئيس ميشال عون وتحالفاته الداخلية ساعدت كثيرا في اقناع الدول المؤثرة في هذا الاستحقاق وادت الى وصوله الى قصر بعبدا، لكنها لم تكن العامل الأساسي .

اما اذا ما استمرت رهاناتهم على ان الحزب المسيحي القوي سيأتي بالرئيس القوي، فإن وقائع الانتخابات الرئاسية عام 2016، دليل واضح على ان ذلك ليس دقيقا.

وختمت المصادر اما اذا كانت هذه القوى تراهن على اعتبارات خارجية، او تبدلات محتملة في المنطقة والجوار تصب لمصلحتها السياسية، فإن مثل هذه الرهانات اثبتت فشلها في الماضي، وستثبت مثل هذا الفشل في المستقبل .