أكد السفير الفرنسي ​برونو فوشيه​ ان سياسة ​فرنسا​ ارتكزت دائما في ​العالم العربي​ على ثلاث اسس ظهرت في تصريحات مسؤوليها وديبلوماسيها ، معددا هذه الأسس خلال كلمة له في المنتدى الفرنكوفوني للأعمال وهي، التمايز عن الموقف الأميركي، ففرنسا ترى ان سياستها تصنع في ​باريس​ وليس في ​واشنطن​ وفي ايام الجنرال ديغول كانت السياسة تقوم على علاقات مع دول عدم الإنحياز وتقديم طريق ثالث للدول التي لا تريد الدخول في المحور الأميركي والسوفياتي يمكن من خلاله تطوير قوتها وثقافتها واستقلالها ولهذا ساندت فرنسا وقتها عددا من البلدان التي تبنت هذه الفلسفة، مشيرا الى ان العلاقة بين فرنسا و​اسرائيل​ شهدت برودة خلال عهد الجنرال ديغول، وهو البلد الذي ساندناه منذ انشائه وتجسدت بحرب عام 1967، لقد كان لدينا تعاون مهم مع اسرائيل ونحن من انشأ البرنامج النووي ال​إسرائيل​ي، وكل المراكز النووية الموجودة فيها، وانقلبت الأمور عام 1967 عندما القى الرئيس ديغول خطابا ينتقد فيه اسرائيل ورحب به الرئيس ​جمال عبد الناصر​، ولفت الى ان ارادة التمايز عن الأميركيين تجسدت ايضا برفض فرنسا انذاك الدخول في ​الحلف الأطلسي​، ورافق تغيير سياستنا نحو اسرائيل اهتمام اكبر ب​القضية الفلسطينية​.

وأكد ان فرنسا ارادت ان تشكل وسيطا الزاميا لكل الأزمات وترافق ذلك مع حركة ديبلوماسية ناشطة وحضور فعال في ​مجلس الأمن​ ومنذ مدة قريبة قمنا بإحصاء تبين فيه ان 70 بالمئة من قرارات مجلس الأمن التي اقرت اقترحتها فرنسا، وهي كانت جد فعالة في ادارة الأزمات الدولية وازمات ​الشرق الأوسط​ و​افريقيا​".

وعرض السفير فوشيه لسياسة الرئيس السابق ​جاك شيراك​ الذي عارض تدخل ​الولايات المتحدة​ في ​العراق​ رافضا الإسباب التي عللتها للتدخل فيه مثل امتلاكه اسلحة دمار شامل، ولم تتدخل فرنسا في الحرب، وكان لنا خطنا ورؤيتنا الخاصة عام 2015 في مسألة المفاوضات النووية الأيرانية، مما جعلنا اكثر تشددا من الولايات المتحدة و​المانيا​ وبعض الدول التي كانت مستعجلة على توقيع اتفاق وكنا نقول وقتها لل​ايران​يين موقفنا ليس ضد ايران ومؤيدا لإسرائيل كما تقولون انما تشددنا ينبع من موقفنا من عدم انتشار هذه الأسلحة، فاذا وقع اتفاق معكم غير قابل للاستدامة فإنه لن يصمد وكنا على حق".

ورأى "ان الرئيس الفرنسي الحالي امانويل ماكرون يتبنى الأرث ميترانو - الديغولي في السياسة الخارجية للعالم العربي، واعلن انه سيزور ​الأردن​ و​لبنان​ في الربيع واسرائيل والأراضي المحتلة".

وشدد فوشيه على ان فرنسا تملك كل العناصر القوة ليكون لها علاقة عميقة ووثيقة مع العالم العربي في المجالات الثقافية والإقتصادية والسياسية والديبلوماسية، ولديها علاقات وطيدة مع العالم العربي، فرغم سياسة التعريب هناك نحو مليون ومئتي الف فرنسي او حامل للجنسية المزدوجة في العالم العربي، اضافة الى 33 مليون فرنكوفوني، ونحو 128 طالبا في المدارس الفرنسية واللبنانيون هم الأكثرية بينهم، وهناك نحو خمسين الف طالب يتابعون البرنامج الفرنسي في لبنان و20 الف طالب يحصلون البرنامج الفرنسي خارج لبنان وهذا يجعله في المركز الأول قبل ​المغرب​".

واعلن "ان فرنسا هي الوجهة العالمية الثالثة للطلاب في العالم بعد الولايات المتحدة و​بريطانيا​، وعدد الطلاب من العالم العربي يتراوح بين 60 و80 الف طالب"، موضحا "ان التبادل التجاري مع الشرق الأوسط بمجمله يبلغ نحو 3400 مليار من الناتج المحلي وهو بنفس حجم التبادل مع الولايات المتحدة و​الصين​".

وقال: "ليس لفرنسا فقط نفوذ في العالم العربي انما للعالم العربي ايضا نفوذ قوي في فرنسا، هناك نحو ثلاثة ملايين فرنسي يعيشون في فرنسا ولدوا في العالم العربي، وهناك نحو ثلاثة ملايين ولدوا في فرنسا احد والديهم من اصول عربية وهناك من لديهم روابط عاطفية مع العالم العربي اما ولدوا او كبروا في العالم العربي وعددهم ايضا ثلاثة ملايين. وكل فرنسي من سبعة فرنسيين له علاقات مع العالم العربي".

واوضح فوشيه "ان الدبلوماسية الفرنسية في العالم العربي هي الدبلوماسية السياسية والثقافية وللرئيس ماكرون مواقف متقدمة في هذا المجال ونعمل منذ الأن لتحضير زيارته الى لبنان في الربيع وهو طلب منا بوضع خريطة طريق طموحة للفرنكوفونية في لبنان لتوطيد علاقاتنا مع هذا البلد العزيز".