ينتظر الكثيرون موعد الزيارة التي من المتوقع ان يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الى ​ايران​، ليس بسبب موقع ايران في المنطقة وتأثيرها غير المباشر على ​لبنان​، انما من باب معرف كيفية تعاطي المجتمع الدولي مع لبنان بعد الزيارة، وما اذا كانت ستحمل معها بوادر مواجهة اكثر قوة مع السعودية ودول ​الخليج​.

في الواقع، كان هناك موعدين مبدئيين للزيارة الى ايران، لكن مصادر متابعة اشارت الى ان طهران ومن حيث لا تدري، احبطتهما قبل ان ينتقلا الى المرحلة النهائية من الترتيبات. الموعد الاول كان بعد اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، ولكن ايران ومن باب رفع سقف المواجهة مع الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ الذي كال لها الاتهامات والتهديدات، ألهبت الاجواء الملتهبة اصلاً وانتظر لبنان والعالم ما ستستفر عليه المواجهة الكلامية بين الادارتين الاميركية والايرانية، وفضّل الرئيس عون الانتظار كي تبرد الاجواء وتمرّ غيمة التحديات فتكون الزيارة دون اي توتر، والاهم الا يساء فهم اهدافها وتوقيتها.

اما الموعد الثاني، فكان منذ ايام حيث وعد رئيس الجمهورية، المدير العام لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون في ايران عبد العلي علي عسكري الذي زاره في بعبدا، تلبية الدعوة التي كان وجهها اليه الرئيس الايراني ​حسن روحاني​ لزيارة بلاده. وفيما كانت الامور تسير بسلاسة، اتى تصريح روحاني الاخير (منذ نحو اسبوع) لجهة انه "لا يمكن في الوقت الحاضر اتخاذ أي أجراء حاسم في ​العراق​ و​سوريا​ ولبنان و​شمال أفريقيا​ ومنطقة ​الخليج الفارسي​ من دون إيران..." فُيطالَب لبنان بالرد عليه بشكل رسمي.

هذا الامر من شأنه في افضل الحالات، التردد في تحديد موعد للزيارة، لانها ستكون في هذه الحالة بمثابة "قنبلة سياسية موقوتة" حيث سيتم رشقها بالحجارة حتى قبل ان تبدأ، وسيضطر الرئيس عون الى تنفيذ "خطة استراتيجية" لصد الاتهامات والانتقادات فيما الطائرة لا تزال في الجو. ولكن، رغم ذلك تبدو الزيارة وكأنها تحت المجهر، ويحاول الجميع استكشاف آفاقها وتأثيرها على الوضع في لبنان والمنطقة، فيما تكتفي المعلومات الرسمية بالاشارة الى أن الزيارة يتم "بحثها" وليس "تحديد موعدها".

وفي انتظار تفعيل خط بيروت-طهران بشكل مباشر وسريع للبحث في موعد الزيارة، كان لافتاً اختيار الرئيس عون للكويت كي يستكمل من خلالها زياراته الخليجية، في خطوة وضعتها المصادر المتابعة في خانة تخفيف التشنج الخليجي وحدته في ما خص لبنان، حيث ان ​الكويت​ صاحبة المبادرة التي باتت المعبر الوحيد لحل الازمة بين عدد من دول الخليج وقطر، كما ان مكانتها محترمة لدى الجميع في الخليج، ناهيك عن مواقفها المتميزة في ما خص ايران ولبنان.

والكويت التي حاولت تمرير قضية "خلية العبدلي" بأقل مما طلبته منها دول الخليج، تبدو المرجع الصالح للبحث في تخطي هذه الغيمة العابرة، ومعرفة كيفية تعزيز العلاقات وتطويرها، واعادة فتح الابواب الخليجية في اتجاه للبنان بشكل عام. كما ان العالم لم يعد يخطف انفاسه لمعرفة ما ستؤول اليه نتيجة المعركة بين ترامب وايران، بل سيعمد الى المتابعة، وابعاد نفسه عن اي تداعيات مباشرة او غير مباشرة لهذه الازمة.

مرتان كانتا غير كافيتين للوصول الى تحديد موعد رسمي لزيارة عون الى الكويت، فمتى سيكون تحديد الموعد بشكل ثابت؟ وهل ستكون "الثالثة ثابتة" وتحمل معها مشاهد الزيارة الثانية لعون الى ايران منذ العام 2008 والاولى له كرئيس، وما الذي ستسفر عنه لجهة تهدئة الاوضاع في المنطقة ام تزايد حدتها وسرعتها وما يمكن ان يلعبه لبنان من دور في هذا المجال، ناهيك عن الوضع الايراني في سوريا وتأثيره على ملفات عدة وفي مقدمها ملف النازحين السوررين.