أشارت الصحيفة إلى أن مُحاولات رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ لملمة ملف هيئة "أوجيرو" لم تُقفِل الباب في وجه العاصفة التي افتعلها وزير الاتصالات ​جمال الجراح​. فالصدام الذي تسبّب فيه الوزير مع المدير العام للهيئة ​عماد كريدية​، لم يعد محصوراً داخل تيار "المستقبل". فغالبية القوى السياسية دخلت على الخط، وتُجري مشاورات مكثفة، بهدف الضغط على الجراح للتراجع عن قراره منح شركات خاصة حق استخدام أملاك الدولة، لإيصال خدمة ​الإنترنت​ والاتصالات عبر الألياف الضوئية إلى المنازل والمكاتب، بشكل يكسبها ربحاً بملايين الدولارات مقابل نسبة بسيطة للدولة.

وفي حين كان الجراح منح شركة "جي دي أس" (القرار رقم 365/1 تاريخ 11/5/2017)، وشركة "وايفز" (القرار رقم 395/1 تاريخ 13/6/2017)، حق استخدام البنية التحتية التي تملكها الدولة، من أجل تمديد "الألياف الضوئية" وتشغيلها لإيصال خدمة الانترنت السريع إلى المنازل والمكاتب والمؤسسات. وأعطى الجراح في قراريه "جي دي اس" حق الحصول على 80 في المئة من العائدات (مقابل 20 في المئة فقط للدولة)، ولـ"وايفز" 60 في المئة من العائدات، في مقابل 40 في المئة فقط للدولة، أشارت مصادر سياسية إلى أن "الجراح استند في قراريه إلى مرسومين صادرين عن مجلس الوزراء منذ أكثر من 10 سنوات، رغم وجود مراسيم تنزع هذا الحق من الشركات الخاصة، فور تمكّن الدولة من تمديد شبكاتها".

وأوضحت المصادر أن "أوجيرو" لزّمت إنجاز البنية التحتية اللازمة لهذه الشبكات، وبدأت تمديد الألياف الضوئية، وأوصلتها إلى عدد من المؤسسات العامة (كوزارة الدفاع)، وإلى عدد من القرى والبلدات في كافة المناطق، كما بدأت إيصالها إلى شركات خاصة في بيروت، وخاصة في منطقتي الحمرا والأشرفية. وحاول الجراح، في قرار أصدره يوم 25 تشرين الاول الماضي، عرقلة عمل "أوجيرو"، عبر قرار فسخ عقود التشغيل والصيانة بينها وبين الدولة، ما تسبب في اندلاع أزمة داخل ​تيار المستقبل​، كون مدير الهيئة محسوباً أيضاً على التيار.

وأكدت مصادر سياسية رفيعة المستوى أن المشاورات الجارية توحي بإمكان التوصل إلى مخرج يؤدي إلى إلغاء الجراح قرارَي منح "جي دي أس" و"وايفز"، وأن العقدة الرئيسية التي تحول دون ذلك تتمثّل في موقف مدير مكتب رئيس الحكومة، ​نادر الحريري​، "الراعي الرسمي" لـ«جي دي أس» وكريدية معاً.

ولفتت المصادر إلى الاتهام الذي وجهه النائب سامر سعادة في لجنة الاتصالات إلى نادر الحريري والوزير جبران باسيل بأنهما يقفان خلف "جي دي أس" و"وايفز"، تفاعل في الأوساط السياسية، وكان حاضراً في المشاورات الدائرة بشأن قرارات الجراح.

وأوضحت "الأخبار" أن الكلام السياسي يصدر في موازاة العملية القضائية، التي تجري في مجلس شورى الدولة الذي ينظر في الدعاوى التي تقدّمت بها النقابة العامة لموظفي وعمال المواصلات السلكية واللاسلكية، والاتحاد العمالي العام، لإبطال قرارت الجراح.

وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية معنية بقطاع الاتصالات أنه في حال تبيّن أن مجلس شورى الدولة يتعرّض لضغوط لتغطية قرارات وزير الاتصالات، فإن خيارات أخرى "ستُطرح على بساط البحث، ومن بينها التحرّك في الشارع لوقف تنفيذ قرارات الجراح". ولفتت إلى أن قوى ساسية عديدة ستدعم أي خيارات تتخذها النقابات العمالية لحماية «أوجيرو» ومنع تحويلها إلى مؤسسة عاطلة من العمل تأميناً لمصالح مالكي الشركات الخاصة.