علّمتني زوجتي بكلماتها المُزيّنة بالمحبّة وسلوكها المُستنير بنور الإنجيل، أن لا أطلب المجد من إنسان ولا أن أنتظره من إنسان. ففي مفهوم زوجتي المتصالحة مع نفسها ومع الله الذي تعبده عبادة حقّة في الروح، مَن لا يَملِكُ المجد لا يقدر أن يُمَلّكه، ولا حتى إلى حين، لأنّه ليس له.

وزوجتي ليست من علماء اللاهوت، ولم تسنح لها الفرصة بأن تكون من عداد الذين تتلمذوا على مقاعد الجامعات الكبرى وتخرّجوا بدرجة جيد أو جيد جدّاً أو مُمتاز في العلوم اللاهوتية والأخرى ذات الصلة، وهم اليوم يستميتون على رتبة ومقامٍ ودرَجةٍ وموقِع ومجدٍ دنيوي. ولكنّها تنشّقت رائحة الوادي المقدّس من حيث يستقيم منزل والديها الذي تربّت فيه على الإيمان والرجاء والمحبّة والإلفة والتواضع والتماس وجه الله ورضاه،والحكمة الإلهية في كلِّ عملٍ وفكرٍ وكلِمة، ولهذا تجدها في موقع المحبّة على الدوام، المحبة المتواضعة التي تتأنى وترفق وتصبر ولا تظُنُّ السوء ولا تأتي قباحةً. المحبّة التي تفعل الخير وتُنشد الخير وتتمنى الخير. تقوم زوجتي بعملها في خدمة كنيستها البيتية والرعوية بصمتٍ مُدَوٍّ من دون أن تنتظر مديحاً ولا مجداً من أحد، فمجدها هو الله الذي أشرق عليها وَلَفَّها بأنوار نِعَمِه.

ياه ... ما أتعسنا نحنُ "رِجال الدّين" الذين ظننا بأننا أصبحنا فوق... فوق... ونحن في الواقع، تحت... تحت!. نعم، تحت، وفي أسفل الهرم!. فان كوننا رُعاة لا يعني البتّة بأنّنا امتلكنا الحقيقة والحكمة والفهم الإلهيين، وأُقمنا رُقباء وقضاةً على خلق الله؛ أرفع منهم في فهمنا، وأرفع منهم في موقعنا ومكانتنا، وأرفع منهم في روحانيتنا وتديّننا، وأرفع منهم في إنسانيتنا!

الحكمة الإلهية أيّها النُّجباء، لا نتعلّمها في المدارس والجامعات، ولا يُسطّرُ فيها شهادات تَخَرُّج، بل نتعلّمها في مدرسة الصلاة التي تُشرِّع أبواب حياتنا على الأفق الإلهي، من حيث يأتي مجدنا.

أن نُنشد المجدَ أمرٌ لا عيب فيه البتة، ولكن أن نُنشد المجد في غير الله، أمرٌ ليس فقط غيرَ مُجدٍ، بل هو كالبحث عن إبرةٍ صغيرة في محيط قشّ، قد نحرق المُحيط كلّه لنتبيّنها، وعندما نفعل، نكتشف بأننا قد أمضينا حياتنا كلّها في السعي وراء ما لا يستحقّ ولا يستأهل.