عبر بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الأورثوذوكس ​يوحنا العاشر اليازجي​ عن استيائه من تسمية المؤتمر الروحي السياسي الذي عقد في ​واشنطن​ "الدفاع عن المسيحيين"، مؤكدا انه "نحن لسنا ضعفاء ولا نريد أن يدافع عنا أحد. نحن نعرف كيف ندافع عن كنيستنا وعن وجودنا. نحن لسنا ضيوفاً في الشرق أو نزلاء. نحن الأصل وكل الأديان السماوية تشهد لوجودنا ودورنا الريادي. لا يستطيع أحد أن يتصوّر الشرق من دون المسيحيين. نحن موجودون فيه قبل الأسلام، ونتعايش مع بعضنا بوئام واحترام. وجودنا في الشرق لا يقاس بالأرقام والنسبية. فالمسيحيون كان لهم دور ثقافي ريادي عبر العصور، في العلوم والهندسة، في الأدب العربي حيث كانوا أهمّ من كتب قواميس ومعاجم اللغة العربية".

وفي حديث إلى مراسلة "النشرة" في نيويورك ​سمر نادر​، وردا على سؤال حول انعقاد المؤتمر في واشنطن، قال: "نحن كبطاركة نجتمع دائماً وبشكل مستمر. نحن نلتقي في قمم روحية مسيحية – إسلامية، وفي أماكن مختلفة. لقد أتت الدعوة هذه المرة من واشنطن من منظمي المؤتمر، ونحن لبّينا هذه الدعوة. اللقاء كان مهماً ، استمعنا الى بعضنا وتناقشنا في جميع النقاط التي تجمعنا". وأضاف "جئنا لنوضح الكثير من الصور. لقد أصغوا الينا بكثير من الإهتمام. كل دولة عندها مصادرها وكنا يجب ان نوصل صوتنا بأنفسنا. في بعض الأحيان كانت لهم أفكار مشوّشة. الأميركيون لديهم انطباع ان أبناء منطقتنا هم جماعات إرهاب. شرحنا لهم أننا ابناء سلام ومحبة، قلنا لهم أن الحضارات قد انطلقت من عندنا، وذكرنا على سبيل المثال لا الحصر واضع شرعة حقوق الإنسان المفكّر الكبير شارل مالك، وهو لبناني، مشرقي الهوى، اورثوذكسي الإيمان".

وردا على سؤال حول اذا كان الحل في ​سوريا​ قد أصبح جاهزاً، أجاب: "لا نقدر أن نجيب هنا. ولكن كل ما نقوله انشالله خير". وعن إذا كان حمّلهم الأميركيون رسالة معيّنة الى سوريا ؟ قال: "نحن لا نحمل رسائل . لا منجيب ولا مناخد ".

وعن تهميش طائفة الأورثوذكس في كافة إدارات الدولة في لبنان، لفت اليازجي إلى اننا "نتابع عن كثب ما يحصل، ونعترف انه قد حصل. لذلك أطلب من أبناء رعيتنا الكريمة أن نكون صفاً واحداً . نلتمّ الى بعضنا البعض، يداً واحدة في مواجهة كل القضايا. الطائفة الأورثوذكسية أعطت للبنان خيرة الوجوه السياسية التي كان لها دوراُ فعالاُ في مسيرة البناء . نحن في صدد معالجة هذا الواقع. كونوا على ثقة.

وسألت نادر اليازجي عن المجمع الأنطاكي الذي عقد مؤخراً في دير مار الياس شويا في ضهور الشوير والذي أتت أغلب قراراته في ترتيبات إدارية جديدة دون إيجاد حلّ لقضية الأب بندلايمون الشائكة التي أثارت جدلاً واحتلت مواقع التواصل الإجتماعي بشكل حاول تهشيم الطائفة الأورثوذكسية الكريمة، فردّ اليازجي قائلا: "أكرر لأبناء رعيتنا ما قلته: لا تظلموا كنيستكم. افخروا بها، كنيستنا عظيمة وتاريخها عظيم ورائع ، عمرها من عمر السيّد المسيح. لقد قدمت كنيستنا رجالاً عظام وقديسين . وعلى الرغم ما مرت به من مِحَن ، بقيت على إيمانها . من هنا أوجّه رسالة عبر جريدتكم لشعبنا في لبنان وأقول لهم: ارفعوا رأسكم بكنيستكم وبإنجازاتها".

وأضاف "فيما خص الأب بندلايمون، لقد كُتب على مواقع التواصل الإجتماعي العديد من المقالات والتعليقات، بعضها تجاوز الحد المطلوب من التهذيب والأدب وصلت الى حدود التعابير المهينة، وقد صوّروا كنيستنا بأنها ظالمة والخ"، مؤكدا ان "الكنيسة عالجت قضية الأب بندلايمون منذ أربع سنوات، وقد عقدت محكمة روحية في هذه القضية، والمحكمة أصدرت قرارها ضمن الأصول القانونية. وهذا لا يعني أننا غير معنيّون به. نحن نحبّه وعلاقتنا الشخصية قديمة جداً. أعرفه شخصياً عندما كان مدنياً واسمه ابراهيم فرح. علّمته في معهد اللاهوت في البلمند. أبونا بندلايمون نفّذ الحكم وهو حالياً يتابع مسيرته الدينية بهدوء في اليونان".

وردا حول الانتقادات التي تقول بأن الكنيسة الارثوذكسية تعيّن أغلبية المطارنة من سوريا، أوضح اليازجي انه "في ترتيبات كنيستنا الإدارية، نتعاطى مع الأمور بشكل تقني إداري ولا ندخل ما يسمى حصص كل دولة. كنيستنا لا تتعاطى مع التعيينات من منظار حصة كل دولة انما من منظار الكيان الديني اللاهوتي. نعيّن مطارتنا حسب درجاتهم اللاهوتية، شهاداتهم، سنوات خدمتهم للكنيسة . لقد تابعتم ما قاله سيادة المطران الياس عودة في عظته عن هذا الموضوع حين شجّع ابناء الطائفة الأورثوذكسية في لبنان على الإنخراط في الحياة الكنسية ومتابعة المسيرة حتى أعلى المناصب خدمة لأبناء رعيتنا. في الماضي القريب كان للطائفة بطاركة لبنانيون وقد عاشوا في المركز البطريركي في دمشق لسنوات، ولم يعترض أحد. أكرر، نحن كنيسة مشرقية أورثوذكسية واحدة تمتد من سوريا، لبنان في تركيا، ولنا امتدادات كنسية ورعية تشكل عشرة آلاف تركي أورثوذكسي، تطالهم التشكيلات في كل تدبير إداري جديد".

وعن اللاجئين و​النازحين السوريين​، فأوضح اليازجي ان "ملف النازحين واللاجئين السوريين من أولويات كنيستنا. نتابعه بكل تفاصيله، مادياُ ومعنوياً. مادياً، لقد أعدنا إعمار 1500 شقة سكنية وسلّمناها لمن فقدوا بيوتهم، والعمل جار على كيفية إعمار منازل أخرى. اما من الناحية المعنوية، فنحن نشدد في جميع عظاتنا وفي كل لقاءاتنا مع ابناء رعيتنا على ضرورة التمسك بالأرض والوطن، ونطالب ونساعد في دعم كل إنسان كي يعود الى منزله. كذلك لقد أعدنا بناء بعض الكنائس الأثرية التي هدمت في الحرب. هناك أيقونات قد سرقت والعمل جار على حفظ ما تبقى وصيانة الآثارات الكنسية. دشنّا كنائس كثيرة في حمص ودمشق، الأجمل ما في هذا أن أبناء سوريا المسلمين كما ​الدروز​ يشاركون في احتفالات التدشين ويلقون كلمات مرحّبة ومعبّرة، كما حصل في جرمانا، كلمات وأفعال تؤكد على التعايش المسيحي – الإسلامي الذي لا يعرف الحقد مهما فرقتنا جيوش العالم".