يتابع ​حزب الله​ عن كثب المشاورات التي يجريها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ بانتظار عودة رئيس الحكومة المستقيل ​سعد الحريري​. فهو وان كان لا يتوقع من هذه المشاورات أكثر من ارساء مزيد من التهدئة، يُدرك كما كل القوى السياسية ان الجو هو جو انتظار وانّه لن يكون هناك اي مستجدات على الصعيد العملي، قبل عودة الحريري الى بيروت.

ويتحدث الحزب عن ثابتتين اساسيتين تظللان المرحلة، الاولى مفادها "عدم التعامل مع الاستقالة سياسيا ودستوريا حتى تقديمها خطيا او بشكل مباشر الى رئيس الجمهورية، ما يعني ابقاء باب الاستشارات الملزمة مغلقا حتى حصول ذلك. اما الثابتة الثانية فالرفض المطلق لتقديم اي تنازلات او الرضوخ للشروط التي تضعها المملكة العربية السعودية". وتتساءل مصادر مقربة من حزب الله: "كيف يُقدّم الفريق المنتصر تنازلات للفريق الخاسر؟ وكيف نسمح للسعودية بتحقيق نصر سياسي فيما هي تخسر خسارات مدوية في الميدان"؟ وتضيف: "هذا لن يحصل".

ويتعاطى الحزب مع الطرح المتداول بخصوص تشكيل حكومة تكنوقراط تكون مهمتها الاساسية التحضير للانتخابات النيابية والاشراف عليها، كطرح موجه ضدّه مباشرة، وينسجم مع الدعوة لاقصائه عن اي حكومة جديدة. وتقول المصادر في هذا المجال: "لا تكنوقراط في لبنان. اتركوها ل​سويسرا​. نحن نعيش في كنف ازمة سياسية واي طرح يتم التداول به لعزل الحزب لن يمر. ونؤكد انّه لن يكون هناك حكومة من دون حزب الله". وتعتبر المصادر ان "هناك من يحاول الاستخفاف بعقولنا والقول ان حكومة التكنوقراط لا تعني وجود الحزب فقط خارج الحكومة، انما كل القوى السياسية الاخرى"، وتضيف: "هذا اشبه بذر الرماد بالعيون وبالقنابل الدخانية التي لا تؤثر فينا ولا تعنينا".

وتكشف المصادر ان وزير الخارجية ​جبران باسيل​ أبلغ مستشار رئيس الحكومة ​نادر الحريري​ ان التسوية التي أدت لوصول العماد عون الى سدة الرئاسة والحريري الى رئاسة الحكومة مستمرة. ويبدو أن الحزب ايضا يتمسّك بهذه التسوية وحتى انّه لا يمانع التوافق غير المعلن بين النائب ​وليد جنبلاط​ ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، وهو توافق على الارجح يشمل الرئيس عون، على التمسك بالحريري او بمن يسميه لرئاسة الحكومة الجديدة.

ويرفض حزب الله اشاعة جو مفاده انّه قد تم تطيير الاستحقاق النيابي، ويشدد على ان المعطيات الحالية تجعلنا نتمسك اكثر باجراء الانتخابات في موعدها. وتقول مصادره في هذا الاطار: "حتى انه يتم التداول بامكانية اجراء انتخابات مبكرة بمحاولة لوضع حدّ للأزمة السياسية الراهنة. فتجري عندها الانتخابات ومن ثم ننصرف لتشكيل حكومة جديدة".

بالمقابل، يبدو ان أجندة تيار "المستقبل" للمرحلة المقبلة بدأت تتبلور بعد الصدمة التي أحدثتها الاستقالة المفاجئة للحريري. وتؤكد مصادر قيادية في التيار ان الاولوية هي لرسم سياسة اي حكومة جديدة قبل تشكيلها، وتقول: "ما الذي سيجعلنا نقدم على تشكيل حكومة كالتي استقلنا منها؟ هناك معطيات جديدة وكبيرة دخلت على الخط لا يمكن تخطيها".

وتعوّل مصادر التيار الأزرق على التوصل لتفاهم وطني يسبق تشكيل الحكومة، وتتمحور بنوده الرئيسية حول حصر دور حزب الله كمرحلة اولى مجددا في الداخل اللبناني تمهيدا لتفعيل طاولة حوار تبحث بمصير سلاحه.

بالمحصلة، تبدو الازمة مفتوحة على كل الاحتمالات، وان كان كل الفرقاء يجمعون على وجوب التمسك بالاستقرار الداخلي وبالتهدئة سبيلا لايجاد المخارج المناسبة للمأزق المستجد. ويبقى الموقفان الاميركي كما الاوروبي لجهة التمسك بلبنان الآمن والمستقر خلال الساعات الماضية بمثابة الضوء الوحيد في النفق الذي أُدخلت البلاد فيه نهاية الاسبوع الماضي.