في ظل التوجه العام نحو التريث بالبت في استقالة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، يبدو أن هناك بعض الشخصيات السياسية الراغبة في إستعجال الإستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد، بغض النظر عن التداعيات التي قد تترتب على ذلك، سواء على الأوضاع السياسية أو الأمنية أو الإقتصادية.

منذ اليوم الأول، أظهرت قوى الثامن من آذار حرصاً على تأجيل الأزمة الناجمة عن هذه الخطوة، مفضلة وضعها في إطار التحريض السعودي المستمر ضد "​حزب الله​"، بينما المفارقة هي أن البعض في قوى الرابع عشر من آذار يستعجلها، متجاهلاً كل علامات الإستفهام التي تُطرح حول مصير رئيس الحكومة، لا سيما ما يتعلق منها بالحديث عن إعتقاله من جانب السلطات السعودية أو وضعه في الإقامة الجبرية.

في هذا السياق، تستغرب مصادر سياسية مطلعة، عبر "​النشرة​"، إستعجال البعض الإنتقال إلى مرحلة الأزمة المفتوحة، بالرغم من أن أغلب القيادات الفاعلة في تيار "المستقبل" تتريث لحين معرفة مصير الحريري، وتؤكد ضرورة عودته إلى البلاد قبل أي أمر آخر، وتسأل: "ما الذي يريده هؤلاء من ذلك، خصوصاً أن أغلبهم لم يكن في الفترة الأخيرة على وئام مع رئيس الحكومة"؟.

من وجهة نظر هذه المصادر، تلك الشخصيات تنقسم إلى قسمين: الأول يضم الساعين إلى الإنتقام من الحريري بسبب خلافاتهم السابقة معه، وهم يعتبرون أن الإستعجال في قبول الإستقالة سيقود إلى تسمية رئيس حكومة جديد، لا سيما أن بينهم من يسعى إلى تحقيق حلمه بالدخول إلى السراي الحكومي أو العودة إليها مرة أخرى، مع العلم أن فرصه معدومة، سواء كان التوجه نحو تشكيل حكومة سياسية أو حكومة تكنوقراط تتولى إدارة البلاد لحين موعد ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة، نظراً إلى أن تسمية أي شخصية تتطلب موافقة الحريري، بالإضافة إلى دعم الفريق الآخر، وتشير إلى أن هؤلاء لا يمكن أن يحظوا بدعم رئيس الحكومة أو "حزب الله" بأي شكل من الأشكال.

القسم الثاني من هذه الشخصيات، بحسب ما توضح المصادر نفسها، يضم الراغبين بالإلتحاق بالسياسة السعودية الجديدة مهما كان الثمن، وهؤلاء يعتمدون المثل الشعبي القائل: "مين ما أخد أمي منقلو عمي"، ويرون أن الرياض دخلت مرحلة الصدام االمباشر مع طهران وحلفائها على مستوى المنطقة، وبالتالي عليهم الذهاب إلى رفع سقف المواجهة مع "حزب الله" على الساحة المحلية، على أمل أن يجنوا ثمن تقديم أوراق إعتمادهم في المستقبل، نظراً إلى أنهم لا يملكون خطوط عودة للمحافظة عليها مع الفريق الآخر أو ما يخسرونه على الصعيد الوطني.

وعلى الرغم من أن كل هذه الشخصيات تلتقي على الهدف نفسه، أي إستعجال الإنتهاء من مرحلة تعليق الإستقالة، تشير المصادر السياسية المطلعة إلى أن هذا الأمر سيحصل عاجلاً أو أجلاً، لأن الرياض تريد الإنتقال إلى المرحلة الثانية من المواجهة على الساحة اللبنانية، لكنها تجزم بأن تلك الشخصيات ستكون أول من يدفع الثمن، في حال فشل الخطة السعودية، مؤكدة أن فرص نجاحها معدومة، بسبب المعادلة المحلية المعروفة، وحرص الجهات الدولية الفاعلة على منع إنجرار البلاد إلى المجهول.

في الختام، ترفض هذه المصادر الحديث عن فراغ على مستوى ​رئاسة الحكومة​ أو مخالفة للدستور بالتريّث في قبول الإستقالة، مشددة على أن المهم اليوم هو حفظ البلد وصون الكرامة الوطنية قبل أي شيء آخر، داعية المصطادين بالماء العكر إلى التروي قبل الغرق في الأوهام.