على رغم مرور أسبوع على إستقالة ​سعد الحريري​ الملتبسة من الحكومة وعدم عودته من المملكة العربية السعودية وسط إقتناع رسمي ​لبنان​ي بأنه محتجز مع عائلته وبأنه قرأ بيان الإستقالة تحت الضغط، أصرّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي على زيارته المرتقبة الى السعودية. زيارة تلقّى البطريرك الماروني سلسلة من النصائح الكنسية والسياسيّة بتأجيلها، غير أنه لم يأخذ ولو بنصيحة واحدة متمسكاً برأيه التي تردده أوساطه على المستفسرين، وفيه "إن الزيارة أصبحت مطلباً من قبل فريق من اللبنانيين، يعتقد أنها قد تحرز تقدماً ملموساً على صعيد قضية إستعادة الحريري".

وفي المعلومات المتوافرة من خلف جدران الصرح البطريركي، كان لافتاً عدد المطارنة الذين تمنّوا على الراعي تأجيل الزيارة لما فيها من إحراج للبنان وللبطريرك، ولما قد تحمله في طياتها من تغطية لما تقوم به المملكة السعودية مع رئيس ​مجلس الوزراء​ سعد الحريري، وفي هذا السياق، يسأل مطران بارز، "ماذا لو لم تصدق الوعود السعودية للبطريرك بلقائه الحريري في الرياض؟ وماذا لو تم الإجتماع بين الراعي والحريري بحضور ضباط أو أمراء سعوديين بهدف الضغط على الشيخ سعد، وعدم الإفساح في المجال أمامه كي يروي للراعي ما حصل ويحصل معه منذ السبت الفائت وحتى اليوم؟ هل من أحد سيتحمل الإهانة التي ستتعرض لها الكنيسة عندها من خلال إهانة رأسها الكاردينال الراعي"؟.

كما في ​بكركي​ كذلك في ​القصر الجمهوري​، لم يكن رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ راضياً على زيارة البطريرك الراعي الى المملكة قي هذا الظرف الدقيق الذي يعيشه لبنان، وهذا ما سمعه سيد بكركي من رئيس الجمهورية عندما زار القصر، ولكن بما أن الرئيس عون حريص كل الحرص على وحدة الموقف اللبناني وعلى التضامن الوطني الواسع المطالب بإستعادة سعد الحريري، لم يصدر أي موقف في بعبدا فيما يتعلق بزيارة الراعي الى السعودية، ولم تسرّب أي معلومات تنتقد الزيارة، وهذا ما إعتمده الراعي أيضاً الذي غادر القصر الجمهوري من دون الإدلاء بأي تصريح.

إذاً بقي البطريرك الماروني على قراره، والأنظار كلّها ستكون متجهة مطلع الأسبوع المقبل أولاً، الى ما ستحققه هذه الزيارة التي يقوم بها للمرة الأولى بطريرك ماروني الى المملكة العربية السعودية حيث لا يوجد أي كنيسة أو رعية أو أبرشية، مارونيةً كانت أم كاثوليكية أو أرثوذوكسية، وثانياً الى الكلمات التي سيلقيها الراعي خلال زيارته، وهل أن هذه الكلمات ستخرج عن الموقف اللبناني الوطني الجامع من خلال مهاجمة سلاح ​حزب الله​ على سبيل المثال لا الحصر، أم أنه سيلتزم الصمت وذلك يكون عن غير عادة البطريرك المعروف بكلامه الكثير أمام الكاميرات.

"لقد أصر البطريرك أن يخوض هذا الإمتحان الصعب"، يقول المطران الغاضب من الزيارة، مضيفاً "فلننتظر، وعند الإمتحان يكرم البطريرك أو يهان".