مع اعلان رئيس الحكومة اللبنانية ​سعد الحريري​ يوم أمس عودته خلال يومين او 3 الى بلده، يكون قد حوّل أولويات رئاسة الجمهورية كما ​وزارة الخارجية​ من طرق الأبواب الدولية لضمان هذه العودة الى الانكباب على مساعدته في ايجاد المخرج المناسب للعودة عن الاستقالة، وهو ما تحدث عنه صراحة رابطا الموضوع بالتمسك مجددا ب​سياسة النأي بالنفس​.

ولا تبدو عملية تأمين هذا المخرج مستعصية أو حتى معقدة، طالما ان ايا من الفرقاء وبخاصة رئيسي الجمهورية و​مجلس النواب​، لم يخرجوا مؤخرا ليعلنوا صراحة التخلي عن هذه السياسة (سياسة النأي بالنفس) والانضواء في أحد المحورين المتصارعين في المنطقة، وان كان البعض قرأ بلقاء وزيري خارجية لبنان وسوريا في نيويورك كما بالدفع للتنسيق مع النظام السوري لاعادة اللاجئين، نوعا من الخروج عن سياسة الحياد اللبناني عن ​الأزمة السورية​.

وقد يكون اطلاق طاولة حوار جديدة، ان كان من حيث الشكل كما الأجندة، مخرجا لائقا للأزمة التي دخلتها البلاد منذ اعلان الحريري استقالته التلفزيونية، وهو ما كان قد دعا اليه النائب ​عقاب صقر​ قبل أيام، لكن السؤال هو حول مدى الليونة التي قد يبديها الحريري بخصوص ربط العودة عن الاستقالة بمجرد الدعوة لحوار جديد كان طوال السنوات الماضية غير مجد وبالتحديد في ما يتعلق بحصر نشاط ​حزب الله​ في الداخل اللبناني. وتعتبر مصادر مقربة من الحريري ومطلعة على المشاورات الحاصلة لحل الأزمة ان "الأمر عائد بالدرجة الأولى لمدى تجاوب حزب الله مع الخطاب المتزن للحريري وبالتالي ملاقاته عند منتصف الطريق أقله من خلال موقف جديد يساعده في تهدئة النفوس السعودية الناقمة".

وفيما قرأت ​قوى 8 آذار​ مساء أمس نوعا من "التراجع السعودي في خطاب ونبرة الحريري" بعد ما قالت انّه "فشل في الخطة التي وضعتها المملكة لفتح مواجهة مفتوحة مع حزب الله"، قال أحد صقور ​14 آذار​ ان "الحريري لم يتراجع عن فحوى بيان الاستقالة، لكنّه رجل دبلوماسي وبالتالي هو في الحوار المباشر أقل حدة مما هو عليه موقفه الحقيقي". واضاف: "هناك قرار سعودي بالحزم، لا يمكن العودة عنه في ليلة وضحاها. مخطىء تماما من يعوّل على تراجع او عن قبول المملكة بحلول أو مخارج تندرج باطار سعي حزب الله للمراوغة".

وبالرغم من كل ما قيل وسيُقال، يبدو واضحا تماما ان الأجواء الملبدة التي كانت تحيط بالبلد قبل ساعات بدأت تتبدد مع تأكيد الحريري تمسكه بالتسوية التي أدّت لانتخاب العماد ​ميشال عون​ رئيسا للجمهورية واستلامه شخصيا رئاسة الحكومة، كما مع توجيه أكثر من رسالة ايجابية لرئيس البلاد تؤكد على متانة العلاقة بينهما رغم البيانات المتتالية التي صدرت عن قصر بعبدا والتي بدا فيها الرئيس عون متشائما مما قد يصدر عن الحريري من ​الرياض​.

ويبقى تشديد الحريري على حصول الانتخابات النيابية، وان كان لم يؤكد ما اذا كانت ستتم بموعدها المحدد، مؤشرا آخر على مرور العاصفة الأخيرة بسلام، وهو ما يستدعي دون شك تنفس اللبنانيين الصعداء.