رأت مصادر سياسية رفيعة المستوى ان المملكة العربية السعودية لم تعد قادرة على احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية ​سعد الحريري​ مدة أطول، نتيجة الموقف الرسمي اللبناني خاصة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، ومواقف زعماء الكتل النيابية، وتعاطف اللبنانيين على مختلف اطيافهم وطوائفهم، وخاصة ​الطائفة السنية​ ممثلة ب​دار الفتوى​ ومفتي الجمهورية اللبنانية، وبالتأكيد تيقن العواصم الغربية بما فيها واشنطن، ان الحريري حريته مقيدة، ويجب ألا يستمر غيابه عن لبنان، فجاء الإخراج التلفزيوني ، ووعد رئيس الحكومة بأنه عائد في وقت قريب ، بعد ان يعيد النظر في الإجراءات الامنية، كما ولو انه فعلا مهدد في حياته، عكس ما اجمعت عليه الأجهزة الامنية اللبنانية وفي مقدمها فرع المعلومات القريب منه .

وتقول المصادر ان الحريري ربط عودته الى لبنان بالإجراءات الامنية لحمايته، لكن هناك بعض الشكوك ولو ضعيفة بأنه لن يعود قريبا، لان مسألة أمنه الشخصي اصبحت وجهة نظر .

وفي تقييم سريع لمقابلة الحريري التلفزيونية، تقول المصادر انه في الشكل كان هناك اعتراف منه بأن استقالته لم تكن دستورية، وان وصف وكالة الأنباء السعودية الرسمية له بأنه الرئيس السابق لوزراء لبنان لم يكن دقيقا، ان لم نقل انه كان مسيئا لشخص رئيس الحكومة اللبنانيّة .

اما في المضمون فتشير المصادر الى ان مسألة النأي بالنفس وموضوع ​حزب الله​ لا يزالان يشكّلان العقبة الاساسية في هذه الازمة، متوقعة ان يكون هناك مفاوضات، وقد ردد الحريري هذا الامر عدة مرات .

ولكن السؤال يبقى كيف سيتم ترجمة هذا السياق، وهل يستقيل وتتم اعادة تكليفه ثانية، ونبقى نفاوض ونبحث عن حلول، وهذا هو الحل الاكثر منطقية.

لكن المصادر لفتت الى ان الشيء المؤكد هو ان الحريري مصر على الكلام والتفاوض حول حزب الله، واذا كانت الخطة السعودية تهدف الى إشعال لبنان، والى رفع وتيرة الانتقاد لحزب الله بما يؤدي الى توتير الاجواء وتسخينها، نكون قد دخلنا في المجهول. واستدركت بترجيح بحث هذه المعضلة في اجواء باردة، مشيرة الى ان الالتزام بالنأي بالنفس، يشكل ورطة سياسية مفتوحة، ولكن بجدية اقل وبدرجة ادنى من التشنج، مع رفض الحريري تشكيل حكومة بوجود حزب الله فيها، وهذا شبه مستحيل، مما سيبقي البلاد في مثل هذه الأجواء حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة .

وشددت المصادر على ان التطورات المقبلة ستبقى في اطار الكباش السياسي، وليس كما كان يخطط له من احداث وهزّات امنية او افتعال مبارزة في الشارع لا يعرف احد الى اين يمكن ان تؤدي .

ولا تستبعد المصادر أن يبدأ الصراع السياسي سواء عاد الحريري الى لبنان هذا الاسبوع او لم يعد، في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة نهاية الاسبوع الجاري، بناء على طلب المملكة العربية السعودية لبحث التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية العربية، حيث من المتوقع ان يحضره وزير خارجية لبنان ​جبران باسيل​ لنقل موقف لبنان، الذي يرفض اي املاءات خارجية عليه، سواء جاءت من الدول العربية الشقيقة، او من اي دولة اخرى، والذي يشدد على وحدته الوطنية، وابقاء حل المشاكل السياسيّة الداخلية اللبنانية بين اللبنانيين، وان مشاركة حزب الله في الحرب السوريّة هي مشكلة إقليمية، وان نزع سلاحه يبحث في بيروت وفي اطار استراتيجية دفاعية وحوار ومفاوضات بين اللبنانيين. وسيطالب لبنان بأن يضغط العرب والمجتمع الدولي على ​اسرائيل​ للانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة، لإفساح المجال امام الحوارات النيابية تحقيق تقدم واقرار هذه الإسترتيجية التي يمكن ان تؤدي الى حل لملف السلاح، مع تأكيد الموقف اللبناني بأنه لم ولن يستعمل في الداخل انسجاما مع التسوية التي تمت، وادت الى ​الانتخابات الرئاسية​ ووصول الرئيس ميشال عون الى ​قصر بعبدا​ وسعد الحريري الى السراي الكبير .