اشارت صحيفة "الحياة" الى ان أزمة لبنان الفعلية ما زالت في بدايتها، وهي لن تنتهي بعودة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، والأجوبة عنها غير موجودة في أروقة التحالفات السياسية المتبدلة والحسابات الخاصة داخل ​بيروت​، بل ترتبط بمسار المواجهات في اليمن وسوريا ومؤتمرات ​الرياض​ وسوتشي. يمكن القول إن جهود الحريري والمساعي الدولية ساعدت لبنان خلال الأسبوعين الفائتين في وقف تصعيد اقتصادي كان سيطال الودائع الأجنبية والجالية اللبنانية في ​الخليج​. الجهود الدبلوماسية كبحت التصعيد، لكنه يبقى أحد الأوراق على الطاولة إذا فشلت الجهود في إيجاد توازن سياسي داخل لبنان يراعي الصورة الإقليمية المتبدلة.

اضافت الصحيفة السعودية انه اليوم، وبغض النظر عن استقالة الحريري والصورة داخل لبنان، هناك اندفاعة إقليمية بدعم أميركي للتصدي لـ "​حزب الله​" في أكثر من ساحة وبأكثر من أداة. هذه الاندفاعة لن تكتفي ببيان وزاري من أي حكومة مقبلة في حال تم تشكيلها، تتعهد صورياً "النأي بالنفس" أو عدم التدخل في الشؤون الإقليمية. اليوم، وبالنظر إلى واقع حزب الله واقتراب إيران من مد جسر بري عبر العراق وسوريا إلى لبنان والمتوسط، هناك بحث عن استراتيجية إقليمية وأميركية أكبر لتبديل هذه الصورة، ولبنان جزء أساس فيها. واشنطن تعتبر استقرار لبنان ودعم الجيش خطاً أحمر، ولا تريد هز هذه الثوابت في المرحلة المقبلة. في الوقت نفسه، هناك تذمر أميركي من مجرى الأمور في لبنان، من نفوذ حزب الله العسكري والسياسي على الأرض وداخل الحكومة السابقة. عقوبات الكونغرس المرتقبة هي جزء من هذا الضغط، وهناك حروب استخباراتية ومحادثات أميركية بعضها تم مع الجانب الإسرائيلي الأسبوع الفائت حول الحد من نفوذ إيران والحزب في الجنوب السوري وإقليمياً.

واوضحت انه سياسياً، سيحدد اجتماع ​الجامعة العربية​ اليوم السقف والاتجاه الذي سيتم التحرك فيه، والذي سيصعب على أي حكومة لبنانية في هذا الظرف على الخروج عن هذا الهامش. وفي ضوء هذا التصعيد الإقليمي وغياب الحلول الأكبر، يمكن القول إن لبنان دخل في مرحلة مراوحة سياسية، لا يتوقع أن يخرج عنها تنازلات حكومية قبل أن تنضج الصورة الإقليمية. وفي هذا المسار، يبدو الفراغ الحكومي الأكثر احتمالاً في بيروت، نظراً إلى قوة حزب الله اليوم واستبعاد أي تنازلات بالحجم المطلوب منه، واحتمال إعادة خلط التحالفات الداخلية. فالمظلة التي يأتي بها الحريري من الرياض تحتم عليه وعلى تياره نهجاً تصعيدياً ضد حزب الله، بانتظار تطورات الساحات المشتعلة في اليمن وسوريا وكون أي تنازل هناك قد يتم صرفه على المستوى اللبناني. أما في غياب ذلك فهامش التحرك ضيق لبنانيا عدا عن الاجتماعات وشعارات التضامن والوحدة و "النأي بالنفس" في البيانات المكتوبة.